اعتراف مشعل بالخطأ خطوة تنتظر المقابل

بقلم: فايز أبو شمالة

الاعتراف بالخطأ محاسبة للنفس ولومها، وهو مراجعة للتجربة الذاتية للاستفادة وتصحيح المسار، وهي ميزة لا يتخلق بها إلا القادة الأكفاء، وهي خطوة جريئة يجب أن تعمم على الساحة التنظيمية الفلسطينية، لتشكل النموذج الذي يقتدى؟

لقد اعترف خالد مشعل بخطأين للإسلاميين خلال مرحلة الربيع العربي؛ أولهما المبالغة في تقدير الموقف بالنسبة للواقع، وسلوك القوى المتضررة من الربيع على المستوى المحلي والإقليمي، وأرجع مشعل هذا الخطأ غلى قلة الخبرة، وغياب المعلومة الدقيقة، والوقوع في فخ تضليل الطرف الآخر، والمبالغة في الرهان على القوى الذاتية.

أما الخطأ الثاني، فهو خلل، ونقص في التعامل مع شركاء الوطن، مضيفًا "ثبت بالتجربة العملية أن الأغلبية في الصناديق مهمة، لكنها لا تكفي للانفراد بالقرار والمؤسسات".

الأخطاء السابقة التي تعثرت بها خطوات الإسلاميون بشكل عام، لا يمكن عزلها عن الأخطاء الخاصة التي قيدت حركة حماس، والتي حددها خالد مشعل بالتالي:

الخطأ الأول: حين قال خالد مشعل أمام عضو لجنة مركزية في دمشق: أخطأنا لما ظننا أن زمن فتح قد ولّى وأننا البديل، وأنتم أخطأتم عندما تعاملتم مع حماس بأنها يمكن أن ترضى بنظام الكوتة، وأنه لا حاجة للشراكة معها".

الخطأ الثاني كما قال مشعل: استسهلنا أن نحكم وحدنا. ظننا أن ذلك أمر ميسور، واكتشفنا أن ذلك ليس سهلا. نظرية البديل نظرية خاطئة، المنهج الصحيح هو الشراكة والتوافق

أخطاء حماس الخاصة لا تحتاج إلى فلسفة التبرير، وإنما تحتاج إلى دق جدران التثوير، والإشارة إلى أن التفرد بالقرار الفلسطيني من أي طرف كان هو خطأ، وأن نظرية البديل المعمول فيها بالساحة الفلسطينية بشكل عام هي نظرية خاطئة، وأن المنهج السياسي الصحيح الذي يتناسب وواقع قطاع غزة والضفة الغربية هو منهج الشراكة والتوافق.

لقد استصرخ خالد مشعل  ضمير كل التنظيمات الفلسطينية بلا استثناء حين أضاف: تعالوا نطبق الشراكة في فلسطين، بحيث لا تنفرد حركة حماس بقرار الحرب، ولا تنفرد حركة فتح بقرار التسوية، لا برنامجي ولا برنامجك إنما برنامجا مشتركاً.

هذه دعوة من خالد مشعل إلى شركاء الوطن جميعهم لمراجعة سيرتهم السياسية، ومراجعهم مواقعهم التنظيمية، والإيمان بتدافع الأجيال، والاعتراف بأنهم بشر يخطئون، وأنهم قادرون على تصحيح مسارهم، ليكون منهم القائد السابق، والرئيس السابق، وأمين عام التنظيم السابق، ورئيس المكتب السياسي السابق، شرط أن يكون اللاحق أكثر واقعية، وأكثر حكمة وقدرة على تطبيق الشراكة في فلسطين، بعيداً عن التقزز من سياسة الآخر، والتفرد بالقرار.

فهل ستجد دعوة خالد مشعل صداها لدى التنظيمات الفلسطينية؟ هل ستمتلك قيادة التنظيمات الفلسطينية الجرأة ذاتها التي امتلكها خالد مشعل، ليعترفوا بأنهم أخطأوا حين اعتمدوا سياسية البديل، وأن القضية الفلسطينية حمل ثقيل جداً، وتواجه عدواً خطيراً جداً، لا يقوى على حملها، ومواجهة عدوها إلا الكل الفلسطيني الموحد الملتزم بالشراكة والتوافق؟.

بقلم/ د. فايز أبو شمالة