أعلن في تل أبيب، اليوم الأربعاء، عن موت الرئيس الإسرائيلي التاسع، شمعون بيريس، (93 عاماً)، بعد أصابته بجلطة دماغية قبل أسبوعين، مكث خلالها في مستشفى "شيبا" في تل هشومير قرب مدينة تل أبيب.
وكانت التقارير الأولية، بعد إدخال بيريس للمستشفى في 13 سبتمبر/أيلول الحالي، قد تحدثت بداية عن استقرار في حالته الصحية على الرغم من كونها خطيرة، ثم تحدثت تقارير عن تحسن في صحة بيرس، لكن وسائل الإعلام اعبرية تحدثت منذ ساعات ظهر أمس الثلاثاء عن تراجع وتدهور في حالة بيريز الصحية.
ويعتبر شمعون بيريس، الرئيس الإسرائيلي التاسع، أحد أقدم السياسيين في إسرائيل، ومن قلة قليلة باقية ممن نشطوا في السياسة منذ قيام دولة الاحتلال بعد النكبة.
وتولى مناصب رفيعة في المؤسستين الأمنية والسياسية في سن مبكرة، إذ عيّن عندما كان لا يزال في الثلاثين مديراً عاماً لوزارة الجيش، وكان مساعداً لدافيد بن غوريون، أول رئيس حكومة لإسرائيل.
واشتهر بيريس بكونه عرّاب بناء المفاعل الذري في ديمونة، بفعل علاقاته الخاصة مع فرنسا، كما كان شريكاً أساسياً في مؤامرة التخطيط للعدوان الثلاثي على مصر، مع كل من بريطانيا وفرنسا عام 1956.
وانتخب نائباً في الكنيست للمرة الأولى عام 1959، وظل عضواً فيه بشكل متواصل طيلة خمسة عقود، حتى أصبح رئيساً عام 2007، بعد الإطاحة بسابقه موشيه كتساف الذي أدين بتهم التحرش الجنسي والاغتصاب.
وتولى بيريس، المولود عام 1923، خلال نشاطه السياسي، مناصب وزارية عديدة منها المالية والجيش، والخارجية، وكان رئيساً لحكومة وحدة مع الليكود بين عامي 1984-1986 لأول مرة، ثم رئيساً للحكومة بعد اغتيال رابين في عام 1995.
لكنه ما لبث أن خسر في الانتخابات لرئاسة الحكومة في مايو/أيار 1996 لصالح زعيم المعارضة آنذاك ومرشح الليكود، بنيامين نتنياهو.
وشغل إلى جانب زعامة حزب "العمل" لمدة 15 عاماً، ورئاسة حكومة الوحدة الوطنية، منصب وزير الخارجية في حكومة رابين الثانية، قبل اغتيال رابين، بين عامي 1992-1995، إذ كان وزيراً للخارجية، ومن بين مهندسي اتفاق المبادئ مع منظمة التحرير الفلسطينية المعروف باتفاق أوسلو.
وكان بيريس، حتى اتفاق أوسلو، من أنصار التوصل إلى اتفاق تقاسم وظيفي مع الأردن وتطبيق حكم ذاتي، وعلى هذا الأساس توصل في عام 1987 إلى اتفاق لندن مع العاهل الأردني الراحل الملك حسين.
لكن رئيس حكومة الوحدة الوطنية، آنذاك، إسحاق رابين، رفض الاتفاق، ومع استمرار الانتفاضة الفلسطينية الأولى، أعلن العاهل الأردني عن فك الارتباط بين الأردن والضفة الغربية، مما قضى عملياً على الخيار الأردني الذي كان بيريس من أشد المروجين له.
ومع تعثر مفاوضات كامب ديفيد، عشية الانتفاضة الثانية، أيد بيريس موقف رئيس الحكومة، في ذلك الوقت، إيهود باراك، وحمل الرئيس الفلسطيني الراحل ياسر عرفات المسؤولية عن تعثر هذه المفاوضات، واتهمه لاحقاً برعاية الإرهاب والترويج له، خاصة خلال عدوان "السور الواقي"، تحت قيادة رئيس الحكومة الأسبق أرييل شارون.
وقد انضم بيريس إلى حزب "كديما" الذي أسسه شارون بعد تنفيذ عملية الانسحاب من قطاع غزة، وانشقاقه عن حزب الليكود في عام 2005.
وجاء انضمام بيريس للحزب الجديد بعد خسارته في التنافس على قيادة حزب "العمل" لصالح منافسه المغربي الأصول، عمير بيرتس.
وبعد انضمامه لحزب شارون، سعى بيريس للترشح لرئاسة الدولة، وتنافس أول مرة مقابل موشيه كتساف، وعلى الرغم من فرصته الكبيرة، بفعل مكانته الدولية، فإنه خسر لصالح كتساف، والذي كان مرشحا للمنصب من قبل الليكود وأحزاب اليمين.
لكن تورط الأخير لاحقاً بفضائح جنسية أفضت، بعد الكشف عنها، إلى عزله من منصبه بعد توجيه لائحة اتهام رسمية ضده، فتح المجال من جديد أمام بيريز للترشح للرئاسة.
وتمكن من الفوز بالمنصب بعد أن تغلب في الجولة الأولى على منافسيه، رؤبان ريفلين وكوليت أفيطال، إذ حصل على 59 صوتاً من أصل 120، وتم التصويت له في الجولة الثانية باعتباره مرشحاً وحيداً، بعد تنازل كل من ريفلين وأفيطال. وقد ظل بيريس رئيساً فترة ولاية كاملة، حتى يوليو/تموز.