شاءت الأقدار أن يموت شمعون بيرس في ذكرى انتفاضة الأقصى، في رسالة إلى ذاكرة الشعب الفلسطيني والعربي بألا تنسى حقيقة الصراع القائم على أرض فلسطين؛ والذي يشترط بموت المجرم كضرورة للقضاء على الإجرام، والذي يقضي بأن ميلاد فلسطين لا يكتمل إلا بموت إسرائيل، فالقاتل والقتيل لا يلتقيان في مكان واحد يوم القيامة، فكيف يلتقي السيف القاطع مع الدم النازف على مائدة المفاوضات؟ وكيف تصافح اليد المغتصبة سبف غاصبها؟ وكيف تتعايش الضحية مع الجلاد في غابة السياسة الإسرائيلية المسيجة بالأكاذيب والباطل؟
يعتمد منطق شمعون بيرس وأمثاله من قادة الغزاة الصهاينة على ممارسة القوة ضد العرب والفلسطينيين على اختلاف مشاربهم، واختاروا العنف طريقاً، وهم يرددون: ما لا يأتي بالقوة سيأتي بمزيد من القوة، وهذا هو المكون الرئيسي لشخصية شمعون بيرس الذي ظل مقتنعاً كل حياته بأن العربي الجيد هو العربي الميت، لذلك حرص على موت العربي تحت قصف الطائرات تارة، وحرص على موت العربي تحت قصف الأكاذيب عن السلام المزعوم، وعن الشرق الأوسط الجديد، وعن عناق المال العربي مع العقل اليهودي.
ولم يفارق شمعون بيرس الشعور بالتفوق والغطرسة، فتآمر على العرب على مستوى العالم، وتآمر على العرب مع العرب، فسلط بعضهم على بعض، واحتقر تاريخهم، وهو يعلق على صفحات السماء الزرقاء تاريخ الأكذوبة الزائفة، وبالغ في إرهاب العرب، وتجبر عليهم، لتكون حياته سلسلة من القتل والتصفية وسفك دماء الأطفال التي لازمته حتى وهو يتسلم بشكل مسرحي جائزة نوبل للسلام، الجائزة التي سبقه إليها الإرهابي الدولي مناحيم بيجن، أستاذ التاريخ المعاصر في الجرائم والذبح الذي امتد من قرية دير ياسين في فلسطين وحتى قرية قانا في الجنوب اللبناني، مروراً بمدرسة بحر البقر في مصر العربية.
قبل ثلاثة عشر عاماً سمعت شمعون بيرس وهو يقول في عيد ميلاده الثمانين: ما هذا؟ حتى أنتم يا أصدقائي، تتمنون لي حياة حتى 120 سنة فقط!!! أنا سأعيش إلى أبد الآبدين.
لم يعش شمعون بيرس إلى أبد الآبدين، ولم يعش حتى 120 سنة، جاءه ملك الموت، وهو يرقد على فراش التبجيل والتقدير، وهذا بحد ذاته منقصة بحق شباب الأمة العربية والإسلامية، إذ كيف ينال شمعون بيرس وأمثاله من القتلة والمجرمين هذا الشكل من الموت الهانئ الهادئ؟ وقد قضت الإنسانية الرحيمة أن يكون مصير الإرهابيين قفص العدالة، ومقصلة الثورة، التي لا تسمح بتقديم المواساة لعائلة السفاح، ولا توافق على إرسال برقيات التعزية التي سيحرص عليها الكثير من الرؤساء وقادة الدول الذين اشتراهم اليهود، بعد أن باعوا إنسانيتهم بمصالحهم، وما عدوا يميزون بين لون الدماء البريئة ولون الدولارات البذيئة.
ملاحظة: سيقبر شمعون بيرس يوم الجمعة، وسط حشد استعراضي للإرهاب الدولي، وعليه فإن كل مشارك في جنازة شمعون بيرس هو عدو للأمة العربية والإسلامية، بغض النظر عن جنسيته، ودون الانتباه لمكانته أو ديانته.
د. فايز أبو شمالة