المهرولون لجنازة الهالك بيرس !

بقلم: جبريل عودة

هل للقاتل "شمعون بيرس" القادم من بولندا حق في تملك قبر بالقدس المحتلة ؟ , وكيف إستطاعت ألسنتكم النطق بعبارات الحزن والأسف والآسى على رحيل جزار أطفال قانا ؟ ومدبر العدوان الثلاثي 1956 م , يا من شاركتم بجنازة السفاح هل نطقتم بلغة الضاد في نعي الهالك ؟ أم كانت العبرية لكم لسان ؟! لقد تبدلت المفاهيم وتغيرت المبادئ في زمن الردة والنكوص ؟ هل أصبح المغتصب الغريب صاحب حق في وطن أجدادي ؟ والمشرد الفلسطيني اللاجئ لا وطن له , تتقاذفه الحكومات وأجهزتها ما بين تهمة وقمع التهم, ويحرم من أبسط الحقوق في بلاد العرب , من يا ترى قد شرده من بلاده ؟! أليس هو المجرم "بيرس" وعصابته , ألم تسمعوا عن منظمة الهاجاناه الصهيونية ؟ كم قتلت وشردت وكم هاجمت وأحرقت من الفلسطينيين ؟! لقد كان الهالك بيرس يمدها بالسلاح ويشرف على عملياتها الإجرامية ومجازرها البشعة .

كيف تجرأ فلسطيني ؟ أن يبدي الحزن ويذرف الدموع على قاتل شعبه وسارق أرضه , ويتسابق بين الحاضرين ليحتضن ويواسي المستوطنين على فقدانهم أحد أبرز أعمدة إحتلالهم في فلسطين , ويشارك في زرع قبر جديد على جبل عين كارم في القدس المحتلة , ذلك الجبل الذي تم تغيير إسمه إلى جبل "هرتزل" , بعض أن إستجلبوا جثمان الهالك "ثيودور هرتزل" مؤسس الحركة الصهيونية من النمسا , ليدفن أعلى قمة الجبل الفلسطيني ، وكأن دفن جثث قادة الإحتلال بمثابة سلاح تهود به أرض فلسطين , ويؤسس بذلك لحق مزعوم ينادون به مستقبلاً , ولسان حال المستوطنين يقول هذه مقابر أجدادنا وقادتنا ومؤسسي دولتنا , ويأتي من الفلسطينيين من يبارك هذا التهويد للقدس وجبالها ولو كان على شكل جنازة وقبر .

لقد قدم الهالك " بيرس " كل ما يملك من وقت وجهد وعلم من أجل قيام دولة " إسرائيل" على أنقاض فلسطين وآلام ومعاناة شعبها , وساهم في تعزيز وإستمرار الإحتلال وتقويته عسكرياً وكان العقل المدبر لإمتلاك كيان الإحتلال للمفاعل النووي بدعم من الحكومة الفرنسية , ودعم "بيرس" للإستيطان الصهيوني في الضفة والقدس ومموله على مدار حكومات الصهيونية التي قادها حزبه , وإستطاع بذكائه ومكره تدجين منظمة التحرير , عبر عملية التسوية حيث يعتبر "بيرس" مهندس إتفاقية أوسلو التي أسست للإنقسام الفلسطيني وللإنحراف الحاد في البرامج الوطنية الفلسطينية , فلقد إستطاع نزع الإعتراف الفلسطيني بدولة " إسرائيل " , وإنطلق مسرعاً من باب التسوية لإقامة العلاقات من الأنظمة العربية , فزار العديد من الدول العربية في إطار تطبيع العلاقات ونجح في إقامة الممثليات التجارية خاصة مع الدول الخليجية , وألقى "بيرس" المحاضرات في الجامعات العربية للشباب العربي حول أكذوبة التعايش والسلام , ولقد حافظ " بيرس" على وحدة الحركة الصهيونية والمجتمع الإحتلالي في فلسطين , وتنازل كثيراً عن المناصب الرسمية , وشكل الحكومات الإئتلافية بين الأحزاب الصهيونية المختلفة , من أجل مصلحة كيان الإحتلال ووحدته أمام أي تهديد خارجي, وأفنى عمره وهو يخدم مشروعه الإستعماري في فلسطين حتى يوم موته , حتى جنازته تحولت إلى حفل دعم وتأييد لــ " إسرائيل" ! .

السؤال ماذا قدمت لشعكبم ووطنكم ؟ يا من أسرعت للعزاء والمشاركة في الجنازة الإرهابي "بيرس" , وهرولتم لإظهار حزنكم ودموعكم على موته , لم تقدموا الا القمع والتفرد والإنقسام والتنسيق من الإحتلال , قمعتم الأحرار وسجنتم الثوار , قتلتم روح المقاومة وأسقطتم البندقية , وسحبتم الناس من بطونها بالمال المسيس , وجعلتم من أنفسكم ملاك للوطن , تفرطون وتتنازلون عنه وقتما شئتم , بمباركة وتفويض من جامعة المبادرة العربية , ورغم ما أنتم به من سلطة تبطشون بها وإن كانت تحت بسطار مجندة, فأنتم في واد التفريط والتنازل والخنوع , وأهل فلسطين في واد المقاومة والتمسك بخارطة الوطن من رفح إلى الناقورة , لقد سقطت عنكم ورقة التوت وإنفضحت العورة , ولن ينفع مع ذلك تبرير السياسيين ولا تزوير المستشارين ولا أكاذيب الإعلاميين !! .

بقلم/ جبريل عوده