ما الذي يقلق رئيس الموساد إفرايم هليفي؟

بقلم: فايز أبو شمالة

يبدي رئيس جهاز الموساد الأسبق "إفرايم هليفي" قلقه البالغ من فقدان اليهود أغلبيتهم العددية في فلسطين التاريخية، ومن تحول اليهود مجددا إلى أقلية.

كلام "هاليفي" حقيقة تقترب من التطبيق، وهي مصدر قلق لقادة الكيان الصهيوني، الذين يخططون لحلول سريعة؛ أبعد ما تكون عن قيام دولتين، ولا تسلم بقيام دولة ثنائية القومية، حلول تعتمد على ضم مناطق من الضفة الغربية، والتخلص من مناطق أخرى لصالح الحكم الذاتي، ولعل هذا التفكير غير مضمون النتائج كان وراء ادعاء افرايم هليفي أن إسرائيل تشهد الأزمة الأكبر منذ قيامها؛ والمتمثلة بقلة عدد القيادات الحقيقية، وعدم وجود خطة متكاملة للحل.

لقد دعا "إفرايم هاليفي" الإسرائيليين إلى التفاوض مع شخصيات فلسطينية لم تعتقل بالماضي في سجون الاحتلال، فلماذا؟

يقول: حتى تتاح المحادثة معهم بمستوى العيون ودون استعلائية، وأزعم أن هذا التصريح يفضح نفسيه المجتمع الإسرائيلي الذي لا يرى بالفلسطيني إلا أسيراً أو جريحاً أو عاملاً في المستوطنة، أو متوسلاً عبور الحواجز، وهذه مشكلة الإسرائيليين الذين جهلوا إرادة الإنسان الفلسطيني الذي لم تمس كرامته سنوات السجن، ولم تضعف عزيمته العذابات.

يعاود رئيس جهاز الموساد الاعتراف بأن إسرائيل لن تستطيع مواجهة الانتفاضة الفلسطينية القادمة دون التوصل إلى تسوية، وواهم كل مسئول إسرائيلي يظن أن بإمكانه الاستمرار بالسيطرة على الأرض الفلسطينية المحتلة من دون مشاكل وأثمان، ويؤكد أن نتنياهو يريد "أرض إسرائيل الكاملة" لكنه عاجز عن حيازة الضفة وغزة. وأزعم أن هذه الرسالة يوجهها "إفرايم هليفي" إلى المجتمع الإسرائيلي الغارق في التطرف، والذي أظهرت استطلاعات الرأي أنه بغالبيته ضد الانسحاب من الضفة الغربية، ومع توسيع الاستيطان، ومع بناء الهيكل المزعوم.

في نهاية حديثه، يعترف رئيس جهاز الموساد السابق بحقيقتين مهمتين:

أولاهما: اعترف أن فلسطينيي 48 أشخاص يعشون بكبرياء، ولهم إنجازات، ويرغبون بالتعبير عن ذلك. وهذه حقيقة يجب أن يتوقف إزاءها كل الفلسطينيين، إذ كيف حافظ هؤلاء الفلسطينيون على كبريائهم رغم اغتصاب أرضهم، ورغم التعامل اليهودي معهم كأقلية عربية؟ وما مقومات نجاحهم في الوحدة والصمود؟ وكيف يمكن تطبيق هذا النموذج على الأراضي المحتلة 67؟

ثانيهما: اعترف أن اشتراط وزير الحرب "ليبرمان" لترميم وإعادة بناء غزة مقابل نزع سلاحها أمر يدعو للسخرية، ويتساءل: هل يعقل أن تتوقع من عدوك إلقاء سلاحه؟ ويضيف "هاليفي": وإذا استجاب عدوك، والقى سلاحه، فمن سيجبرنا على التفاوض معه؟.

بالتأكيد لا أحد يجبر إسرائيل على التفاوض مع أي طرف يلقي سلاحه!!!

وبهذه الحقيقة يكون رئيس جهاز الموساد قد لخص دقائق السياسة الإسرائيلية، فمن يلقي سلاحه يفقد القدرة على إجبار عدوه على التفاوض معه!

إنها مأساة الشعب الفلسطيني، الذي يعاني الإهمال السياسي منذ التوقيع على اتفاقية أوسلو، عندما سلمت قيادة الشعب الفلسطيني سلاحها، ووثقت بحسن نوايا المجتمع الدولي.

 

د. فايز أبو شمالة