"السفر يقهر التحيز والتعصب وضيق الافق"
(مارتن توين )
السياحة هي نشاط يقوم به فرد أو مجموعة أفراد يحدث عنه انتقال من مكان إلى آخر أو من بلد إلى أخر بغرض أداء مهمة معينه أو زيارة مكان معيّن أو عدّة أماكن، أو بغرض الترفيه وينتج عنه الإطلاع على حضارات وثقافات أخرى وإضافة معلومات ومشاهدات جديدة والالتقاء بشعوب وجنسيات متعددة يؤثر تأثيراً مباشراً في الدخل القومي للدول السياحية، ويخلق فرص عمل عديدة وصناعات واستثمارات متعددة لخدمة النشاط ويرتقى بمستوى أداء الشعوب وثقافتهم وينشر تاريخهم وحضاراتهم وعاداتهم وتقاليدهم، ويشكّل حالياً صناعة هامة وواعدة تقوم على أسس من العلم والثقافة... كما هو قائم اليوم في المغرب .
تعرف السياحة:
نشاط ترفيهي خارج عن الروتين الذي يحياه السائح، هدف السياحة إنعاش روح الفرد، وتكون السياحة بانتقال الفرد من المكان المقيم فيه إلى مكان آخر في نفس الدولة أو الإنتقال إلى دولة أخرى، مع توفير جميع الخدمات والمستلزمات لهذا النشاط، في مدة لا تقل عن 24 ساعة ولا تتجاوز السنة.
أركان السياحة:
· السائح: هو الفرد الذي يقوم بنشاط السياحة.
· الدولة المضيفة: وهي التي تقوم بتقديم كافة الخدمات للسائح، وتوفير ما يحتاجه من مستلزمات من أجل خلق جو سياحي ممتع.
· المعالم السياحية بكافة أنواعها: وهذه المعالم تتحدد بنوع السياحة من بيئية وتسويقية وعلمية وعلاجية وغيرها.
· نمط السياحة: أي أن تحدد السياحة داخلية في الدولة ذاتها بين مدنها الغنية بمعالم سياحية، أم خارجية تتعدّى حدود الدولة الواحدة إلى دولة أخرى.
أنواع السياحة:
§ السياحة العلاجية: قيام الفرد بزيارة المنتجعات الصحية مثلاً والمياه المعدنية والمصحات العلاجية وغيرها الكثير، إذ يكون الهدف من هذه السياحة علاج الجسد من الأمراض في مراكز مثلا تمتلك كفاءات عالية، مع ترفيه النفس.
§ السياحة الاجتماعية: قيام الفرد بالرحلات الجماعية في أيام الإجازات للترفيه وزيادة النشاط النفسي والجسدي لهم وتكون مع جماعات كثيرة تكون شركات معينة مسؤولة عنها بحيث تؤمن لهم جواً رائعاً وتنظم لهم برنامجاً مناسباً لزيارة الأماكن وتوفر لهم أماكن للإقامة.
§ سياحة المؤتمرات: ازدهرت هذه السياحة مع التطورات التي صاحبت المجالات الإقتصادية والسياسية والثقافية، فسياحة المؤتمرات تكون بعمل مؤتمرات متنوعة في مختلف البلدان ويتوجه إليها الأفراد لحضورها مع الترفيه، بحيث تكون مجهزة بأماكن للإقامة وقاعات لحضور المؤتمرات ووسائل إتصال وخدمات كثيرة غيرها.
§ السياحة الرياضية: وهي تشمل توفر جميع المسلتزمات لهذه السياحة سواء أكانت داخلية أم خارجية، فيسافر إليها السواح لقضاء أوقات ممتعة.
§ سياحة التسوق: وهي السياحة التي يقوم بها الأفراد في بعض الدول التي تقيمها بحيث تعرض منتجاتها بأسعار مخفضة من أجل جذب السياح.
§ السياحة الترفيهية: يقوم الأفراد بالتوجه إلى الأماكن التي تتميز بجو مريح وفيها المياه والغابات الخلابة وهدف الأفراد من التوجه إليها الترفيه والاستمتاع فقط بحيث يمارس فيها الأفراد هواياتهم.
§ السياحة الثقافية: يهتم بهذه السياحة المثقفون والمهتمون بالمعالم الحضارية والتاريخية مثل حضارة مصر الفرعونية.
§ سياحة التجوال: وهذه السياحة حديثة إذ يقوم الأفراد بالتوجه سيراً على الأقدام نحو الأماكن الجميلة ذات الطبيعة الغنية الخلابة، قيستمتعون بالتجوال فيها ويقيمون في خيم برية.
§ السياحة البيئية: وهي قيام الأفراد بالانتقال وزيارة المحميات البيئية النباتية والحيوانية من أجل عمل دراسات حولها والاطلاع على الأسرار البيئية.
§ سياحة المغامرات: للاطلاع على غرائب العيش في بعض المناطق، والقيام برياضات تسلق الجبال وسباق الدراجات والغوص في أسرار الوديان والصيد وعمل كل ما هو غريب.
§ سياحة السيارات والدراجات: تكون هذه السياحة محتكرة في بلاد معينة فقط؛ التي تمتلك طرقاً واسعة وسريعة التواصل مع البلدان الأخرى، ويتوفر في هذه الطرق جميع الخدمات اللازمة من إسعاف وصيانة وغيرها.
§ سياحة المعارض: تكون هذه السياحة متنقلة بين الدول التي تقيم معارضاً مختلفة من فنون تشكيلية ومعارض صناعية ومعارض أدبية وتجارية وغيرها.
§ السياحة الدينية: هي قيام الفرد بالانتقال من مكان إقامته إلى الأماكن المقدسة في دولته ذاتها أو الانتقال إلى دولة أخرى، كزيارة المساجد والأضرحة أو أماكن العبادة مثل مكة والمدينة، وبهذا النوع من السياحة يقوي الوازع الديني وينعش الجانب الروحي.
السياحة الدينية في فلسطين:
السياحة الدينية تعني قيام الفرد بالانتقال من مكان إقامته إلى أماكن أخرى؛ بهدف زيارة الأماكن الدينية المقدسة فيها، كزيارة المساجد والكنائس والأضرحة وأماكن العبادة لتقوية الوازع الديني وإنعاش الجانب الروحي.
وتتميز فلسطين عن باقي دول العالم باحتضانها أهم وأبرز المعالم الدينية، كالمسجد الأقصى في القدس (أولى القبلتين وأحد ثلاث مساجد تشد الرحال إليها، ومسرى ومعراج النبي محمد (صلى الله عليه وسلم) إلى السماء)؛ وكنيسة المهد في بيت لحم (مسقط رأس سيدنا المسيح)؛ وكنيسة القيامة التي تعد أقدس المقدسات المسيحية على وجه الأرض؛ بالإضافة إلى العديد من المساجد والمقامات والكنائس والأديرة المنتشرة في مختلف أنحاء الأراضي الفلسطينية، كالحرم الإبراهيمي في مدينة الخليل، ومسجد بلال في بيت لحم، وكنيسة مار جرجيس في بلدة برقين؛ ما جعلها تستقطب السياح من كافة أنحاء العالم.
ويحج إلى فلسطين في كل عام أعداد كبيرة من السياح بغرض زيارة الأماكن المقدسة بهدف التعرف عليها وأداء طقوسهم الدينية فيها، لاسيما في مدن القدس وبيت لحم وأريحا.
وتشير إحصاءات وزارة السياحة في فلسطين إلى أن عدد السياح الذين زاروا فلسطين خلال عام 2013م بلغ نحو 2.5 مليون سائح؛ بارتفاع وصل إلى 14%، مقارنة بعام 2012م. وقدّر عدد المشاركين في إحياء احتفالات عيد الميلاد للطوائف الشرقية فقط، بنحو 25 ألف سائح.
ان هذه الأرقام لا تعني أن حال السياحة في فلسطين بخير؛ فهي ليست في منأى عن الاستهداف الإسرائيلي، الذي يسعى دومًا لسرقة عوائدها؛ لحرمان الفلسطينيين من مصدر دخل مهم يرفد الاقتصاد الوطني؛ فهذه الأعداد التي زارت فلسطين لم تساهم في إدارة عجلة الاقتصاد الفلسطيني كما يجب؛ فالغالبية العظمى من هؤلاء السياح جاءوا بواسطة شركات سياحية إسرائيلية تجعل من الفنادق والمطاعم ووسائل النقل الإسرائيلية مقصدًا لهم، بما يضمن ضخ أموالهم في قطاع خدمات السياحية الإسرائيلية، مع تجاهل قطاع الخدمات الفلسطيني؛ لتستأثر إسرائيل بعائدات السياحة وحدها؛ ويظهر ذلك من خلال نسبة مساهمة قطاع السياحة في نمو الاقتصاد الفلسطيني في العام 2012، والتي لم تتعد نسبة 0.15 % حسب الجهاز المركزي للإحصاء الفلسطيني.
لم تكتف سلطات الاحتلال بالهيمنة على عوائد السياحة الوافدة؛ بل وقفت سدًا منيعًا أمام السياحة الدينية الداخلية، من خلال جملة من الإجراءات التعسفية، حرمت من خلالها المواطن الفلسطيني من زيارة الأماكن المقدسة لأداء الطقوس الدينية الإسلامية أو المسيحية؛ فعزلت مدينة القدس، وحالت دون وصول الفلسطينيين إلى المسجد الأقصى وكنيسة القيامة وغيرهما من الأماكن الدينية، وسمحت بذلك في حالات استثنائية كالأعياد، وفق شروط مشددة ولاعداد محدودة.
وفي مدينة الخليل حولت سلطات الاحتلال الحرم الإبراهيمي إلى ثكنة عسكرية تحول دون وصول الفلسطيني إليه في معظم الأوقات للزيارة ولأداء الصلاة فيه، بعد أن سيطرت على نصفه لمصلحة المستوطنين؛ ليبقى الاحتلال الإسرائيلي المعيق الأقوى الذي يقف في طريق السياحة الفلسطينية للوصول إلى مستوى التطور المنشود.
وللوقوف في وجه سياسة الاحتلال الإسرائيلي لا بد من تعزيز قدرة القطاع السياحي على الصمود من خلال:
· إعادة تأهيل المواقع السياحية الدينية بشكل يستقطب السياح ويشجعهم على زيارتها.
· تأهيل الكوادر العاملة في نطاق السياحة لرفع المستوى الإداري والخدماتي بشكل منافس للقطاع السياحي الإسرائيلي.
· الارتقاء بمستوى قطاع الخدمات السياحية، من فنادق ومطاعم، ووسائل النقل المناسبة لهذا الغرض.
· العمل على تشجيع الاستثمار في القطاع السياحي من خلال تقديم التسهيلات الكفيلة باستقطاب المستثمرين في هذا القطاع.
· تطوير الحرف والصناعات التقليدية كمبادرة مهمة للصناعات السياحة الدينية.
· القيام بحملات دعائية مكثفة في الداخل والخارج؛ لتشجيع زيارة الحجاج إلى فلسطين، كالبرامج الإذاعية والتلفزيونية، والنشرات، والبروشورات، وغيرها.
بقلم/ د. حنا عيسى