عندما اقتلع أبائنا وأجدادنا من أرضهم "فلسطين" الانتدابية، عا (1948)هامَ جيل ذلك الزمن في ربوع المعمورة جراء أبشع عملية تطهير عرقي عرفها التاريخ المعاصر.
إن عملية "الاقتلاع" بكل ما فيها ولها من أثار فهي حدث تسبب الما في الوجدان وفي القلب، الم يتضاعف كلما أوغلنا في التيه والغياب فسلالة الفلسطيني الأقرب الى "اودسة الإغريق" لم تشفع له.
هذا الفلسطيني الذي ولد قرب البحر لأب إغريقي وأم آرامية، تسلل الى تاريخه "شيطان" ليسرق أرضه ويغير جغرافيتها. هذا "الكنعاني" الفلسطيني الأول تصدى لكل الجيوش التي مرت على جسده، "لتتزوج أمه"، جيوش قالت بأن هذه الأرض.. صحراء بلا سكان، مياهها تنساب نحو البحر، ولم ترى تلك الجيوش خوابي العسل وانهار اللبن ، في ارض هذا المعذب الأبدي، ولم يروا أشجار التين والزيتون وسهول القمح.
بعد هذا "القلع" تاه جيل كامل في فيافي وصحراء اللؤم العربي الذي تماهى مع مشروع "القلع" مارس كل صنوف القهر والاضطهاد والازدراء، لكنا بقينا نحمل الوطن في القلب والوعي وهذا الأهم، رغم هذا التمزق المريع، مورس علينا عذاب ذوي القربى لنقل مالا نرى، طلبوا منا أن ندفن رؤوسنا في رمال أوهامهم.
وعندما فكر الفلسطيني بتغيير الواقع والعودة الى وعيه عبر "حركة تحرر" ثبت أن صيرورة بنائها وبنيتها كانت عبر هذا الزمن تتماهى مع "المقتلِع" فأدخلتنا الى ركاكة نص اعد لنا مسبقا وبموافقة مؤلف من بني جلدتنا عمل على إجهاض الفكرة ومصادرة الحلم.
ركاكة وهشاشة ثقافة "اللوويسية" لهذا المؤلف، ورداءة نصه، وضعف مرافعته أوقعنا مابين الشيطنة والأنسنة. فأعد نص شيطنة لصاحب الحق، يقابله نصا مؤنسن للمغتصب وللمستعمر مشككا بهوية ارض الضحية، واهبا إياها أي هذا المؤلف المسكون بجنون العظمة و"اللوويسية" الى من اعتبره ضحية يحق له أن يزور هوية الأرض عبر "تهويدها" ليعطيه "حقا" في الوجود في روحنا، بعد أن وصف الآباء والأجداد والكثيرون، أن هذا "الحق" وهبه من لا يملك الى من لا يستحق "وعد بلفور"
غافلنا هذا "اللوويسيّ" وتسلل الى وعينا عبر شراييننا التي أوشكت على الجفاف، لان هذا المذكور زرع اليباب في عقولنا، "وقشر"وعينا" و "جرف" إنسانيتنا وفرغها من المشاعر.
هذا "اللوويسيّ" المفتون بأدائه الباهت وحبه لإطراء مستشارين لا يميزون ما بين غث أجهزة مخابرات عدوهم، وسمين بنو جلدتهم، فأصبح التطهير العرقي الممارس على الضحية مبررا ومشروعا، بل منح الغاصب والمستعمر حقا في القتل ومصادرة الأرض وجلد الضحية، عبر اعتباره للضحية بأنها لاتعلم ماينفعها من مايضرها، ووصفها "حقيرة" تارة "وإرهابية" تارة أخرى وجلدها أحيانا نيابة عن جلاده وجلادها.
إن فكرت بمقاومة دفاعا عن روحها وأرواح جيل قادم كي لا يبقى يشرب هوان المغتصب والمستعمر.
الطامة الكبرى كانت عن عودتنا، بعد كل هذا العذاب الطويل حيث اعد لنا فخا محكما أشبه ب "مصائد المغفلين" أي إن عودتنا كانت عوده مزورة ل "شاهد زور" يبرئ الغاصب والمستعمر، وأيقن لاحقا أن كلام "الدرويش" كان ينم عن رؤية صائبة عندما قال: إن الطريق الى الوطن أجمل من الوطن، أي إن رحلة العودة كانت أجمل من العودة.
حلمنا بوطن منافي لأوطان غربتنا ، أوطان ازدراء الإنسان واستباحة إنسانيته فإذا بنا نقع بما هو أسوأ من ذلك، لأن "حركة ما كان يسمى تحريرا" ارتدت وأصبحت "عسس" المستعمر في روح الضحية وتفاصيل حياتها.
يوسف شرقاوي