من الضروري أن نؤمن بثقافة الحوار واحترام الرأي الآخر، ورفض سياسة تكميم الأفواه تجاه الشعب الفلسطيني ، لأنه من حق اي انسان ان يعبر عما يجري ويرفع الصوت من اجل المصلحة الوطنية العليا لهذا الشعب العظيم الذي قدم التضحيات من اجل تحرير ارضه واستعادة حقوقه الوطنية المشروعة في العودة والحرية والاستقلال .
ان الإنتهاكات والتجاوزات التي يتعرض لها اصحاب الرأي وكذلك الإعلام تعنى حجب الحقيقة، وتكميم الأفواه، في ظل الوضع الصعب الذي يعيشه الشعب الفلسطيني نتيجة الهجمة العدوانية للاحتلال وقطعان مستوطنيه الذين يرتكبون حرب الإبادة ضد الشعب الفلسطيني, إلى جانب انتهاك كافة الحقوق الفلسطينية, وتنفيذ سلسلة من الجرائم بحق أبناء الشعب الفلسطيني من اعتقال وقتل وتعذيب ومصادرة الممتلكات, واستمرار الحواجز التي تفصل المدن الفلسطينية عن بعضها البعض وتُقيد حرية التنقل فيما بينها, واستمرار اقتحام المدن الفلسطينية حيث يمارس الاحتلال ابشع الجرائم بحق الأرض والأنسان .
من هذا الموقع نقول ان الشراكة والتسامي في العلاقات الوطنية، وتقبل النقد ونبذ التربية الحزبية المقيتة والكراهية والعنف والتعصب، يستدعي الدفاع عن مواصلة مشوار الدفاع عن الحقيقة، مهما كان الثمن من أجل رفع سقف حرية الرأي والتعبير،وهذا يتطلب من الجهات المسؤولة عدم انتهاك القوانين المحلية والدولية ذات الصلة، وهي أبسط الحقوق الإنسانية.
لذلك نقول من حق الانسان التعبير والرأي ، وخاصة في حالة المجتمع التعددي يصبح الحوار ضروريا للوصول إلى فكر مشترك وتقاطعات في الرؤى تثمر تطبيقا مقبولا من جميع القوى المتواجدة باعتبار ذلك هو الحل الذي يؤدي للوصول الى نتيجة بأسلوب حضاري سلمي.
وفي ظل هذه الاوضاع نرى ان على الجميع حماية منظمة التحرير الفلسطينية ومشروعها الوطني وتفعيل وتطوير دورها ، وهذا يحتاج لجهد وتحشيد وطني وجماهيري شامل ، باعتبار ذلك ضرورة وطنية ، خاصة في اللحظة الراهنة ، لان ما يجري لم يعبر عن ارادة الوحدة والجماهير ، وهذا يفرض النظر بكل الامور ، بما يعيد صياغة رؤى استراتيجية وبرامج راهنة وارادات طليعية وشعبية تتصدى للانقسام وتستعيد الوحدة الوطنية اعلى اساس الثوابت الوطنية الكفيلة باستعادة النظام السياسي الوطني الديمقراطي الفلسطيني الذي يكفل توفير عوامل الصمود والمقاومة.
ومن موقعنا نرى ضرورة التوقف امام يجري ونسأل كل المعنيين كيف نفهم الديمقراطية اذ لم نستمع إلى الرأي الآخر بأعتباره صفة حضارية غاية في الأهمية، وضرورة من ضرورات التقدم والتطور، لأن وجود الرأي الأخر يفتح المجال أمام الإبداع في طرح الآراء والأفكار المتنوعة والمختلفة ويوفر بيئة اجتماعية وثقافية وسياسية مناسبة تتميز بالمرونة والإيجابية والتفاعلية تجاه الرأي الآخر، وتعتمد على احترام الأفكار الجديدة والمختلفة.
لا شك أن القوى والاتجاهات الفكرية - السياسية الفلسطينية بمختلف تياراتها قدمت اجتهادات ورؤى للنهوض بالمجتمع الفلسطيني ومواجهة التحديات الخارجية، لكن كل منها يدعي امتلاكه للحقيقة ويظن أن برنامجه ورؤيته وأدواته ستكفل تحقيق الأهداف والوصول إلى الغايات التي يطمح إليها الإنسان الفلسطيني.
ان مجابهة التحديات الخارجية وفي القلب منها التحدي الصهيوني، تستدعي من الجميع أن يعيد قراءة تجربته قراءة نقدية جريئة لاستخلاص الدروس والاستفادة منها بعيدا عن الممارسة عملية نفي الآخر.
إن نظرة جديدة ورؤية جديدة لابد أن تتبلور، تنطلق من عناصر اللقاء والتوافق من خلال رسم استراتيجية وطنية بموافقة كافة القوى والفصائل التي تدرك عمق مستوى المخاطر المحيطة بالقضية الفلسطينية.
من هنا على الجميع ان يسعى الى رؤية علمية منفتحة وغير متعصبة لا تضع أسواراً وقيوداً ، مع ضرورة إقرارها وإيمانها بوجود وأهمية التعددية الفكرية - السياسية وتنوع الآراء والأفكار وتفاعلها الإيجابي، والاحتكام لمعطيات الواقع وما تفرزه الحياة الغنية من حقائق.
لقد افرز الصراع دروساً عديدة في مقدمتها ضرورة إعادة قراءة تجارب الأحزاب لذاتها قراءة نقدية أولاً، وقراءة تجارب القوى الأخرى لمعرفة الجوانب السليمة والصحيحة في أطروحتها، بهدف تعميق التحالف السياسي لخلق وحدة وطنية حقيقية قائمة على شراكة وطنية لمواجهة كل المخاطر التي تتعرض لها القضية الفلسطينية.
ان ما يجري اليوم في المنطقة من خطة اميريكية استعمارية جديدة بهدف رسم سياسة وملامح وخريطة منطقة الشرق الأوسط بأسرها, سيكون الخاسر الأكبر والوحيد هي فلسطين وقضيتها, وبالتالي فإن على كافة الأطراف السياسية الفلسطينية أن تعي جيداً أن ما يدور في المحيط ليس في صالح القضية, وأن تسعى بشكل جدي لتغليب المصلحة الوطنية الفلسطينية عن أي مصلحة حزبية واتخاذ قرار فعلي وطني وتاريخي بإنهاء الانقسام قبل فوات الأوان كخطوة أولى في طريق إعادة مركزية القضية
أن الصراع العربي الصهيوني مثل الأولوية بالنسبة لجميع الفصائل والقوى ،رغم محاولات بعض الانظمة العربية اليوم التخلص من اعباء القضية الفلسطينية عبر تطبيع هذه الانظمة علاقاتها مع كيان الاحتلال ، بدلا من إطلاق طاقات وإمكانيات الإنسان العربي المكبل بقيود لا حصر لها من أنظمته وحكامه، فكيف يمكن لمواطن مقهور ومقموع لا تتوفر له حقوق المواطنة،أن يواجه عدواً يملك إمكانات القوة والعدوان.
انطلاقاً من ذلك يتوجب على جميع القوى، أن تستنبط خطابها السياسي وتمارس دورها في م.ت.ف ، كما في أوساط الجماهير، من أجل استعادة هدف الصراع والحل التاريخي ، في إقامة الدولة الفلسطينية كاملة السيادة وعاصمتها القدس على كامل الأرض الفلسطينية .
نرى ذلك لاننا في ظل التحديات التي تعصف بالساحة الفلسطينية ، ومن اجل يتطبيق شعار المقاومة الشعبية والكفاحية ضد الاحتلال في الضفة الغربية ساحة الصراع السياسي الرئيسية اليوم ، بما يضمن تحقيق البعد الثوري لعملية الكفاح الوطني وأساليب النضال السياسية والديمقراطية والكفاحية ، والالتحام بالجماهير في علاقة تبادلية محكومة للوحدة والترابط الجدلي بين النضال الوطني التحرري والديمقراطي على المستويين الفلسطيني .
امام كل هذه الاوضاع يقف المتضامن الدولي والعربي الى جانب انتفاضة شابات وشباب فلسطين " انتفاضة القدس " في مواجهة المشروع الصهيوني، حيث أثبتت التجارب والدروس ان الشعب الفلسطيني مستعد للتضحية في سبيل تحرير ارضه .
ختاما نحن نتطلع الى تعميم الديمقراطية في الساحة الفلسطينية لانها هي صمام أمان الوحدة الوطنية لأنها القاعدة التي ترتكز عليها العلاقات بين مختلف الفصائل والقوى الفلسطينية ، ونقول بكل صراحة ان غياب مفهوم التعددية والمشاركة السياسية وتقبل الرأي والرأي الآخر وبالتالي غياب العمل المشترك بين المكونات السياسية, وغيرها من القضايا التي لا يمكن حصرها، حيث شكل الانقسام الفلسطيني نقطة مفصلية في تاريخ ومسيرة القضية الفلسطينية, لهذا علينا ان نقف بجرأة بمواجهة قمع حرية الرأي والتعبير، وان نعمل على على توحيد انفسنا قبل فوات الآوان .
بقلم/ عباس الجمعة