واقع بحاجة الى فعل

بقلم: عباس الجمعة

الانظار اليوم تلتفت الى انعقاد مؤتمر حركة فتح ، هذه الحركة الرائدة في مسيرة الكفاح الوطني الفلسطيني ، هذه الحركة التي قدمت قادتها شهداء وفي طليعتهم الرئيس الرمز ياسر عرفات وامير الشهداء ابو جهاد الوزير والقادة ابو علي اياد وابو صبري وابو اياد وابو الهول وماجد ابو شرار وسعد صايل والعديد من قادتها وكوادرها ومناضليها من اجل تحرير فلسطين وتحقيق حلم الشعب الفلسطيني ، ليس هذا فحسب، وانما تمكنت من تحقيق المزيد من خطوات التوحيد والوحدة بين صفوفها، وتراص سواعدها باعتبارها الركيزة الهامة ومعيارا اساسيا لقدرتها على المواجهة والصمود والتصدي، وحدة شعبها اينما تواجد في اماكن تجمعاته، داخل الوطن وخارجه، هذه الحركة التي تعبر بذلك عن ذاتها الثورية واصالتها الوطنية الفلسطينية العربية وجذورها النضالية، بارادة صلبة وعزيمة جبارة، وشكلت على الدوام وحدة وطنية تحت العلم الخفاق مع كافة فصائل منظمة التحرير الفلسطينية مزيجا فريدا في الالتحام والتكامل، نتطلع الى مؤتمرها ان تسوده الديمقراطية .

وامام كل ذلك ونحن نتطلع ايضا الى عقد المجلس الوطني الفلسطيني بدأنا نسمع عن توجهات لدى البعض الفلسطيني بعقد مؤتمر وطني فلسطيني ، وهنا السؤال هل بدأت العودة الى خلق البدائل عن منظمة التحرير الفلسطينية ، ولمصلحة من يجري ذلك عقد مؤتمر هنا وهناك وما هو الهدف ، ومن يريد اضعاف منظمة التحرير الفلسطينية، ومن يريد ابقاء الانقسام الجغرافي ، بكل تأكيد ان الرد على ذلك واضح ، فالشعب الفلسطيني باغلبيته الساحقة يرفض المس بمنظمة التحرير كإطار جامع وموحد للشعب الفلسطيني، ونحن نتطلع الى العمل من الجميع لانهاء الانقسام الكارثي وتعزيز الوحدة الوطنية والعمل على حماية أبناء الشعب الفلسطيني في أماكن وجوده في الضفة والقطاع والشتات.

اقول ذلك لأن الجميع يعلم ان الانقسام الفلسطيني كان له ثمن باهظ، دفعه الشعب الفلسطيني وما زال يدفعه، وبالتالي تعزيز الوحدة الوطنية الفلسطينية على أساس شراكة وطنية بين مختلف الفصائل والقوى وتوحيد طاقات الشعب الفلسطيني في الداخل والشتات ستؤدي إلى حالة نهوض كبرى في اوضاع الشعب الفلسطيني ومواجهة التحديات الجسيمة التي تواجهها القضية الفلسطينية، وخاصة المشاريع التأمرية التي تستهدف حركة فتح والبيت المعنوي للشعب الفلسطيني منظمة التحرير الفلسطينية ، حتى نتمكن من مواجهة المخططات الصهيونية الكبيرة والخطيرة والمدعومة من أمريكا، والتي تستهدف تصفية الحقوق الوطنية الفلسطينية.

ومن موقعنا نؤكد للجميع ان منظمة التحرير الفلسطينية مكسباً كفاحياً نضالياً حققه الشعب الفلسطيني بدماء شهدائه من قادة ومناضلين، وحصلت على اعتراف عربي ودولي، وبالتالي المنظمة هي الكيان المعنوي الذي يحافظ على وحدة الشعب الفلسطيني في أماكن وجوده، ويجب أن نتمسك بمنظمة التحرير ولا نقبل أية بدائل لها، مهما كانت الظروف والتحديات ، وإذا كانت هناك تناقضات يجب ان تحل ضمن اطار المنطمة وليس خارجها ، وخاصة اننا بدأنا نشعر أن هناك مؤامرة على منظمة التحرير الفلسطينية، تنوي شلها وإضعافها وإنهاءها، لأنهم يريدون

تفتيت وحدة الشعب الفلسطيني. وحتى نرد على هذا المخطط يجب أن نحافظ على منظمة التحرير وأن نحافظ على وحدة الشعب الفلسطيني.

ان ردنا على الرباعية العربية وعلى المؤتمرات التي يتم عقدها او ستعقد هنا وهناك ، ان الشعب الفلسطيني يتمسك بمنظمة التحرير، فهي الممثل الشرعي والوحيد في كل أماكن توجداه، وقضية فلسطين ليست قضية دولة، هي قضية حق تقرير مصير، وحق عودة، هي مسألة تحرير الأرض، وبالتالي هناك أبعاد متكاملة ومترابطة للقضية يجب أن نتمسك بها ويجب أن نتمسك بمنظمة التحرير.

وفي ظل هذه الظروف نرى ضرورة عقد دورة المجلس الوطني الفلسطيني حتى تقف امام التحديات القادمة وتوحيد كل الطاقات لمواجهة الخطر الرئيسي المتجسد بالمشروع الأمريكي الصهيوني، وعدم إحداث فتنة داخلية فلسطينية، والوقوف أمام المخاطر التي تهدد المشروع الوطني الفلسطيني ورسم استراتيجية سياسية وكفاحية وتجديد الأطر القيادية في المنظمة من خلال انتخابات ديمقراطية وتفعيل مؤسسات المنظمة على ارضية شراكة وطنية حقيقية .

من هنا نرى ان معالجة الأوضاع الداخلية في الساحة الفلسطينية تستدعي تطبيق اتفاقات المصالحة ، ورفض اي محاولة تستهدف تجزئة وتقسيم الشعب الفلسطيني، والعمل بكل جهد من اجل الحفاظ على وحدة الشعب الفلسطيني وهويته وهذا لا يتم إلا من خلال الحفاظ على منظمة التحرير، لاننا بدأنا نرى ان بعض الأطراف العربية يسعى بكل جهد لفرض اجنداته بهدف الوصول إلى تصفية حق العودة للاجئين الفلسطينيين وهم يحاولون من خلال ابتزازهم السياسي ان يسعون الى الضغط للعودة الى مسار المفاوضات هذا المسار الذي فشل فشلا ذريعا ولم يحقق اي نتيجة ، فهم بذلك يضعوا الشعب الفلسطيني أمام خيارين: إما الجوع أو القبول بالشروط الأمريكية الإسرائيلية، وهنا السؤال هل تقبل الدول العربية أن يجوع الشعب الفلسطيني من أجل أن يبتز سياسياً ويقدم تنازلات سياسية، وهذا هدف تحلم به حكومة الاحتلال وتسعى إليه لأن ذلك يؤدي إلى تدمير الطاقات الفلسطينية.

ونحن اليوم نقف امام كل ذلك نقول لمصلحة من تعطيل الانتخابات البلدية والمحلية، او تأجيلها وهذا يتطلب وقفة جادة امام هذه القضية التي هي من مصلحة الشعب، كما تستدعي التعامل مع الانتخابات المحلية باعتبارها فرصة يمكن البناء عليها لمغادرة حالة الانقسام واستكمال الانتخابات للمجلسين الوطني والتشريعي وللرئاسة.

ومن موقع الحرص ايضا على وحدة فصائل منظمة التحرير الفلسطينية ، هذه الفصائل التي اكدت عهدها بأن م.ت.ف هي الممثل الشرعي والوحيد للشعب الفلسطيني وهي المرجعية السياسية لشعبنا في كافة أماكن تواجده، يجب ان تكون شريكة في مؤسسات المنظمة عبر الأسس الديمقراطية والوطنية، وان تعطى حقوقها التي إكتسبتها من خلال الدور الذي تقوم به في سياق تضحيات غالية، والعمل على تسوية اوضاع مناضليها في الرتبة والراتب باعتباره حق مشروع .

أن امام مؤتمر حركة فتح مناسبة وطنية وقومية كبرى تضع عموم أبناء شعبنا أمام واجبات تتزايد وتتسع دوائرها بإتساع ما تتعرض له القضية الفلسطينية وحقوق شعبنا الوطنية

والمشروعة من مخاطر، وهذا يستدعي اعادة تقديم قضايا شعبنا بإعتبارها قضية تحرر وطني تحت راية م.ت.ف .

لذلك ارى ان امام الشعب الفلسطيني خيار الصمود مهما اشتدت الضغوط، ونحن نتطلع الى ضرورة رسم رؤية سياسية تقوم على قاعدة التمسك بالثوابت الفلسطينية، ووقف الرهان على حلول بائسة ثبت فشلها، وعلى اي مفاوضات ، لأن كيان الاحتلال لا يريد سلاماً، بل يريد أن يفرض استسلاماً على الشعب الفلسطيني ، وليس أمام جميع الفصائل والقوى من خيار إلا العودة لتعزيز الوحدة الوطنية الفلسطينية ، ورسم استراتيجية ورؤية أساسية تقوم على قاعدة التمسك بالثوابت الوطنية الفلسطينية، واستمرار الانتفاضة والمقاومة بكافة اشكالها

ختاما : لا بد من القول ان مواجهة ما يحاك في الساحة الفلسطينية يستدعي العامل الذاتي الفلسطيني، في معالجة الأمور ، وتوفير الإرادة السياسية لدى كافة الفصائل والقوى الفلسطينية المختلفة ، وتجميع كل طاقات وخبرات الشعب الفلسطيني في الداخل والخارج ومواقع الشتات واللجوء ، وبدونه من الصعب أن يتم الوصول الى حل ، مع ترحيبنا بأي جهد عربي يرغب بمساعدتنا بالاتجاه الذي يؤدي إلى تحقيق الوحدة الوطنية على قاعدة التمسك بالثوابت الوطنية الفلسطينية.

 

بقلم / عباس الجمعة

كاتب سياسي