تختلف طبائع الناس وعاداتهم فمنهم من يعرف الأصول ويقوم بها على أكمل وجه ، ومنهم من لا يعرفها أو يعرفها ويتجاهلها ، والناس للناس منذ الأزل يحتاج بعضهم البعض ولا يستغني أحد منهم عن الآخر، وقد جُبلوا بفطرتهم على تقديم المساعدة وبذل المعروف.
وقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : (أحب الناس إلى الله أنفعهم، وأحب الأعمال إلى الله عز وجل سرور تدخله على مسلم، أو تكشف عنه كربة، أو تقضي عنه ديناً، أو تطرد عنه جوعاً) ،فالاعترافُ بالفضل لأهل الفضل من الأمور المهمة التي يجبُ أن نعمل من أجلها ونَغرسها في قلوبنا ونفوسنا ونجعلَها خُلقاً لنا ،فالإنسان السليم يحفظ الجميل ولا ينكر المعروف أو يجحد فضل أهل الفضل بل يعترف به ويشكر النّاس على صنائعهم وهذا أكثر مما يجعل المرء محبوبًا رفيع القدر قريب المكانة من القلوب، لأنّ طريقنا إلى القلوب يمُرّ عبر شكر المعروف ومكافأة المحسن, وأقلُّ ما يقدمه المرء مكافأةً لمن أحسن إليه هو الدعاء أو المكافأة أو الشكر و الثناء كي لا يتعلم الناس الجحودَ ولئلا يتخلقوا بنسيان المعروف والنُّكرانْ وهذا يدل على أن أخلاق المؤمن لا تكتمل بحسن علاقته مع ربه فحسب ،وإنما لا بد أن يكونَ على نفس المستوى من الأخلاقِ في التعامل مع الناس .
ما سبق ليس اكثر من مجرد لمحة بسيطة عن أهمية الوفاء والتقدير ورد الفضل لأهله – لمحة موجهة للبعض ممن (هالهم وأفزعهم) الثناء والإشادة بالمركز الفلسطيني للتواصل الإنساني (فتا) متمثلاً بالدكتورة الفاضلة جليلة دحلان – أم فادي – وبمجموعة المتطوعين الذين يستظلون بفكر وطني وإنساني نبيل وسامي ويعملون معها بجدِ ونشاط , هؤلاء الفرسان فرسان الواجب رغم قلة الإمكانيات ' لم يتأخروا عن امتطاء صهوة النخوة والوفاء وقت الأزمات والمواقف الصعبة انسجاما مع مبادئهم وانحيازهم والتحامهم الدائم واللامحدود مع هموم شعبهم وابتلاءاته التي يتعرض لها.
وليس بغريب على سيدة العطاء ورائدة العمل الإنساني في فلسطين د. جليلة دحلان " أم الفقراء" هذه الإرادة القوية التي تتحلى بها وتجلت بشكل واضح في عزمها الإشراف والمتابعة على المشاريع الخيرية والإنسانية التي ينفذها مركز فتا في قطاع غزة والوقوف عن قرب على معاناة الفقراء والمهمشين في القطاع المحاصر بالرغم من حالة المنع التي تعرضت لها من قبل إسرائيل والرئيس أبو مازن.
سيدة المواقف الوطنية بامتياز، وصانعة الأمل في نفوسنا، دخلت غزة التي تزينت بقدومها واحتفل الناس بطريقتهم الخاصة مُعبرين عن سعادتهم وفرحتهم بهذا النور الساطع وشعاع الامل الذي انار غزة العزة, والتي يزداد الناس تفاؤلا كلما لمحوا في وجهها ذلك النور الممزوج بالرغبة بالعمل والانجاز والنجاح لأجل أبناء شعبها .
إنها أم الفقراء كما يحلو لفقراء غزة تسميتها , نفسية تتسلح بقوة الإيمان بالعمل الإنساني وأهدافه النبيلة التي تخفف عن الناس ابتلاءاتهم، وتساهم في بناء مستقبلهم، تراها في قمة المتعة والحيوية ، عندما تساهم في صناعة انجاز جديد مرتبط بتحقيق النتائج على الأرض لا بعرض الخطط والخطابات الرنانة. إن حرص د. جليلة دحلان القدوم لغزة والاشراف على كافة المشاريع التي تنفذها فتا لهو دليل على قوة الارادة والعزيمة التي تتحلى بها حامية العمل الانساني وانتصار واضح منها للفقراء والمهمشين والحالات الانسانية الذين خرجوا قبل شهر تضامنا معها بعد منعها من الدخول الى ارض الوطن .
إن 'فتا ' التي لامست قلوب المكلومين والمعذبين في كافة أرجاء الوطن الصابر المحتسب وفي مخيمات اللجوء، مطلوب من القائمين عليها –وهم أهلٌ لذلك-أن تظل مستمرة بالعطاء، وأن تأخذ أشكالاً أخرى من الالتحام بالشعب لتعبر عن ضميره وصوته في كافة قضاياه وما أكثرها هذه الأيام... فإن شعبنا الذي قدم وضحى بحاجة دوما إلى الأفضل رغم 'قلة الإمكانيات ونعيق المرجفين ..
وكما هي العادة .. في دروب الخير نلتقي .. وبهمة من قلوبنا نرتقي .. لأننا منكم وأنتم منا .. لنكن يدا واحدة .. ولنكون على أمل واحد .. من فكرة سنبدأ .. وبالقليل سنصعد سلم الأحلام .. سلم الخير والنجاح .. وسيبقى المرجفون ومن في قلوبهم غل على فتا وإدارتها وأنشطتها على هامش التاريخ ..
وفقنا الله إلى ما فيه الخير لفلسطين وأهلها . . والله من وراء القصد ,,
بقلم/ أحمد العجلة