ينشغل الفلسطينيون في قطاع غزة بفتح معبر رفح مع مصر، ومصوغ الاهتمام الشبابي بالمعبر يرجع إلى الرغبة في السفر، وممارسة الحياة كبقية البشر، دون التدقيق في الخلفية السياسية لإغلاق المعبر، ودون السؤال عن الجهة التي تعمدت إغلاقه مع سبق الإصرار، ودون المقارنة بين شخصية محمود عباس، وشخصية محمد دحلان، طالما كان الأقدر على فتح المعبر هو الأفضل لدى شباب غزة، وهذا ما تسعى إليه مصر في هذه المرحلة.
لم يكن إغلاق معبر رفح مصلحة أمنية لمصر فقط، كما يظن البعض، فقد كان معبر رفح شبه مغلقٍ في زمن حسني مبارك، ولم يفتح المعبر بالكامل في زمن محمد مرسي، حيث تمت الاستعاضة عن معبر رفح الرسمي بالأنفاق التي مثلت شريان حياة اقتصادي ومعيشي لسكان قطاع غزة، يؤثر سلباً على قيادة السلطة، التي حرضت على تدمير الأنفاق، وطالبت بسيطرة حرس الرئيس على معبر رفح كشرط لموافقتها على فتحه أمام المسافرين.
تفتح مصر في هذه الأيام معبر رفح نكاية بعباس، وقد تكون حريصة على فتحه أمام المسافرين في المرحلة القادمة لفترات زمنية أطول، وذلك يرجع إلى عدة أسباب، منها:
أولاً: قطع الطريق على الاتفاق التركي الإسرائيلي الذي يسابق الخطوة المصرية في فك الحصار عن قطاع غزة، بما في ذلك إقامة ميناء بحري.
ثانياً: تنقية شخصية محمد دحلان المنبوذ من محمود عباس، والارتقاء به إلى مستوى المخلص لسكان قطاع غزة من معاناة الحصار.
ثالثاً: تنصل مصر من مسئولية حصار غزة كل تلك السنوات التي ضغط فيها محمود عباس على مصر كي تغلق المعبر، وتدمر الأنفاق التجارية مع غزة.
رابعاً: عدم اعتراض إسرائيل على فتح المعبر، واستسلامها الكامل أمام صمود الشعب الفلسطيني؛ الذي قدم نموذجاً راقياً في الصبر على الشدائد والمقاومة العنيدة.
إن نجاح محمد دحلان في فتح معبر رفح للمسافرين سيعزز من أسهمه داخل قطاع غزة فقط دون الضفة الغربية؛ التي استعصم بها محمود عباس، وصارت بفعل الأجهزة الأمنية عصية على التمرد، وهي تتجه إلى عقد المؤتمر السابع لحركة فتح بمن حضر، مع التأكيد على أهمية شطب دحلان نهائياً، وإلغاء دوره الحركي، حتى ولو سعى إلى الدعوة لعقد مؤتمر وطني برعاية مصرية، يأمل من خلاله قطع الطريق على نتائج المؤتمر السابع لحركة فتح، هذا المؤتمر الوطني لن يردع محمود عباس، ولن يغير من ترتيباته للمشهد في الضفة الغربية، ومن يتشكك في ذلك، فليدقق في ردة فعل محمود عباس على المعارضة له في مخيم الأمعري!.
إن استفراد عباس بالضفة الغربية هي ذاتها نقطة ضعفه التي قد يستثمرها محمد دحلان، ليوجه ضربته الاقتصادية القاضية لمحمود عباس، ويجره من خشمه صاغراً، وذلك من خلال فتح المعبر التجاري بين مصر وقطاع غزة، هذا المعبر الذي سيفقد سلطة محمود عباس مبلغ 90 مليون شيكل شهرياً، وفق البيانات الرسمية، وهذه أقسى ضربة قد توجهها مصر لمحمود عباس، وهي مجال المبارزة والمنارة للنائب محمد دحلان، من خلال ترتيب الأمر مع تجار غزة، الذين سيتجاوبون سريعاً، وهم يتحولون بتجارتهم من الموانئ الإسرائيلية إلى الموانئ المصرية، التي ستنتعش اقتصادياً، ليستقر مع الحركة التجارية وسعة الرزق حال سكان سيناء أمنياً.
نقد جارح وفاضح: السلطة في رام الله تعتقل أربعة فلسطينيين شاركوا المستوطنين الطعام بمناسبة الأعياد اليهودية، في الوقت الذي تبجل محمود الهباش الذي شارك الحاخام المتطرف اتسحاق عوباديا الطعام، الذي باركه رئيس دولة إسرائيل!!!
فإما أن تكون موائد الطعام مع الغاصبين كلها حرام، وإما أن تكون كلها حلال!!.
د. فايز أبو شمالة