الأردن أرض الحشد

بقلم: عصام عدوان

أَذِن الله للاجئين الفلسطينيين في الأردن أن يقاتلوا دفاعاً عن أنفسهم وحقهم في العودة، فقال تعالى: "أُذِن للذين يُقَاتَلون بأنهم ظُلموا وإن الله على نصرهم لقدير، الذين أُخرِجوا من ديارهم بغير حق إلا أن يقولوا ربنا الله". لقد كان الهروب من الموت موتاً معنوياً من نوع آخر، اقتضى أن يتبدل جيل الهزيمة، وأن ينبعث جيل يرفع لواء الجهاد ليحيى، كما قال الله تعالى: "ألم تر إلى الذين خرجوا من ديارهم وهم ألوف حذر الموت فقال لهم الله موتوا ثم أحياهم.." (البقرة 240)، "فالموت كناية عن الذلّ، والإحياء كناية عن العزّ والنصر"؛ كما قال الحلّي في تفسيره. وكما قال ابن كثير في تفسيره: "أن الحذر لا يغني من القدر، كذلك الفرار من الجهاد وتجنبه لا يقرب أجلا ولا يبعده".

لا يليق بشعب فلسطين الذي أُخرج من دياره في عام 1948م أن يبقى إلى اليوم ينتظر مَن يحرِّر له أرضه ويعيده إليها، وهم اليوم في الأردن أكثر من أربعة ملايين ونصف مليون فلسطيني. وفي الوقت الذي تحدَّث فيه ملك الأردن السابق؛ الملك حسين بأن الأردن هو أرض الحشد والرباط، فأين هو الحشد اليوم وأين هو الرباط؟ وماذا ينتظر الفلسطينيون ليحيلوا الأردن أرض حشد ورباط، وهم يمتلكون أكثر من نصف السكان، ويمثلون 90% من طاقة العمل والأموال في الأردن.

إن الأردن الواقع على أطول حدود مع فلسطين لا شك له شأن معها ومع معركة التحرير، وكما أشارت بعض الأحاديث الشريفة (ضعّفها الألباني): "لتقاتِلُنَّ المشركين حتى يُقاتل بقيتكم الدجال على نهر الأردن، أنتم شرقي النهر وهم غربيه" إلى مقتلة الدجال وهو زعيم يهود، انطلاقاً من الأردن. وبكل الأحوال؛ فإن الأمة الإسلامية كلها مكلفة بدفع اليهود ورد الظلم عن شعب فلسطين، والعرب منها أكثر لزوماً، والفلسطينيون آكد، سواء كانوا داخل فلسطين أو خارجها، وعلى فلسطينيي الأردن مسئولية خاصة للأسباب التالية:

1- هم أكبر تجمّع فلسطيني على الإطلاق.

2- يُشرفون بعددهم هذا على أطول حدود مع فلسطين تتيح لهم فرصاً لا حصر لها لمقاتلة يهود.

3- يستطيعون من خلال وزنهم النسبي الأكبر في الأردن أن يوجِّهوا السياسة الأردنية نحو أهدافهم، لو توحدت كلمتهم، وشحذوا هممهم، وامتلكوا إرادة الحياة.

4- موقعهم المتميز يتيح لهم الانفتاح على دول الجوار العربية من خلال حدود طويلة معها؛ سواء السعودية أو العراق أو سورية بما يخدم معركة التحرير. والأردن جزء من أرض الشام المباركة، والجهاد فيها مبارك.

5- سيقفون سدّاً منيعاً في وجه أحلام يهود ومخططاتهم التي ترنوا إلى دولة يهودية تمتد إلى الفرات، فهل ينتظر فلسطينيو الأردن تهجيراً آخَر، وموتاً آخر، أم يعلنوا الجهاد لدفع الشر وردع الظلم، وتحرير الأرض المغتصبة وعودة أهلها؟

إن حياة المسلمين – ومنهم الفلسطينيين – هي في الجهاد والمقاومة، وإن استكانتهم، ولهاثهم وراء سراب السلام الموهوم، لن تنجيهم من موتٍ قدّره الله عليهم، بل تورثهم الذلة والمهانة والمعرَّة. وما على الفلسطينيين أينما كانوا إلا ان يحملوا أرواحهم على أكفهم ويلاحقوا عدوهم في كل الساحات، ولاسيما الأردن، فتلك حياتهم.


--
د.عصام محمدعلي عدوان
أستاذ القضية الفلسطينية
جامعة القدس المفتوحة
غزة - فلسطين