أحداث فلسطينية تتسارع وتحالفات تتشكل

بقلم: شادي المصري

أحداثنا الفلسطينية تتسارع بشكل غير مسبوق وكأنها كرة من الثلج بدأت تتدحرج حاملة معها الكثير من المواقف بالآونة الأخيرة، لا سيما بعد فتح معبر رفح البري مؤخراً من قبل الجانب المصري مدة 6 أيام متواصلة بعد إغلاق استمر أكثر من 3 أشهر، ورفض الرئيس عباس لمبادرة الرباعية العربية الرامية لإنهاء حالة الخلاف الفتحاوي كمقدمة لمصالحة وطنية فلسطينية شاملة تتضمن تشكيل حكومة وحدة وطنية، في ذات السياق أعلن الدكتور رمضان شلح عن مبادرة قدمها باسم حركته تتضمن 10 نقاط على رأسها سحب الاعتراف بإسرائيل وإلغاء اتفاقية أوسلو والمستغرب أن لأول مرة قيادي فلسطيني غير فتحاوي يطالب الرئيس عباس بضرورة لملمة فتح وترتيب صفوف أبنائها ، مع اعتقادي أن النائب دحلان وفصائلنا التي باركت مبادرة السيد شلح تحاول بذل جهود مضنية لرسم معادلة جديدة خالية باعتقادي من مشهد القيادة المتواجد حالياً، لأنها تؤمن بأن الحلول تكمن بعد رحيل الرئيس عباس ووجود شخصية جديدة قادرة على التعاطي والحل ، مع تحليلي لمجريات الامور أري أن :

أولاً: الرئيس عباس يسعي ويبذل جهد مضني من خلال زياراته لقطر وتركيا لقطع الطريق على أي محاولة تقارب بين حركة حماس والنائب دحلان من خلال الحديث عن المصالحة الوطنية والدخول بجولات جديدة من الحوار مع حركة حماس وقد يكون هناك تنازلات من طرف القيادة الفلسطينية على صعيد برنامج الحكومة واستيعاب موظفي حماس في سبيل أن لا يتحقق هدف النائب دحلان

ثانياً : النائب دحلان يسعي ويبذل جهد مضني من خلال بوابة قطاع غزة لحل كافة إشكالاته ومشاكله مستغلاً علاقاته بمؤسسات الدولة المصرية وذلك كورقة ضغط على الرئيس أبو مازن بأنه لا يملك وحده القدرة على الضغط على مصر لفتح منفذ رفح البري وأن بالفعل مصر بدأت تراه شريكاً قوياً للتعامل معه ، في رسالة قوية للرئيس عباس بأن مصر سترد عليك وغير معدومة الوسيلة بعدما رفضت مبادرتها.

ثالثاً : فرص التقارب بين دحلان وحماس أكبر بكثير من فرص تقاربها مع الرئيس عباس كون حماس تعلم جيداً أن الرئيس عباس ما أن يحشر بالزاوية يلجأ إليها ، كلاعب بديل واحتياطي وما أن تتحسن علاقته بمصر فإننا قد نعود لمربع التراشق الإعلامي الأول.

رابعاً : إسرائيل تحاول جاهدة معرفة مصير جنودها الذين فقدوا في الحرب الأخيرة ولا تريد دفع الثمن الآن لكي لا تسجل على نفسها نقطة إنهزام وضعف أمام عظمة المقاومة وقوة القسام ، وما زالت توهم رأيها العام الداخلي بأن هناك فقط رفات لجنود ولكن القسام يتحدث عن مفاجآت في هذا الصدد قد تقلب آراء الجمهور الإسرائيلي تجعله يضغط على حكومته لإبرام صفقة مع حركة حماس أعتقد سيكون شكلها مختلفاً من حيث الكم والنوع والأطراف المفاوضة .

خامساً : قطر وتركيا تستغلان حالة الخلاف القوية بين الرئيس عباس ومصر والأجواء المتوترة بين السيسي وعباس لكي تفرض مزيد من الحلول والأجندات التي تخدم مصالحها والتي تقوي من تحالفاتها لإضعاف مصر ودورها ولسحب البساط من تحتها كونها القائدة للعرب وهذا ما تبذله قطر وتركيا على مدار السنوات الماضية بحكم دعمهم للكثير من الأحزاب وتقديم الدعم للقطاع وللفصائل وعلى رأسها حركة حماس لتعزيز نفوذها وسيطرتها على قطاع غزة.

سادساً : الرئيس عباس مصمم على عقد المؤتمر العام السابع لحركة فتح قبل نهاية العام كنوع من تجديد الشرعية له ولتوصيل رسالة للعالم بأن هناك ديمقراطيات تمارس ولإنهاء ظاهرة الدحلان وتياراته باعتقاده، من خلال إقصائهم من عضوية المؤتمر تحت بند الطرد والفصل كما حصل مؤخراً مع النائب جهاد طملية.

سابعاً : النائب دحلان مستمر وأنصاره في حشد كافة الطاقات لتوصيل صوتهم للرئيس عباس واللجنة المركزية بأنهم يملكون شعبية جارفة على الأرض وأن كافة القرارات التي يتخذونها لا تساوي الحبر التي كتبت به وأن لا مفر من المصالحة والوحدة ورأب الصدع الفتحاوي.

ثامناً : الرئيس عباس لن يعين نائباً له وسيبقي الوضع على حاله كونه يعتقد ما أن يحدث طارئ ويصبح منصبه شاغراً فهناك رئيس المحكمة الدستورية التي عينها مؤخراً هو من سيكون رئيساً للشعب الفلسطيني لمرحلة انتقالية ثم الذهاب لانتخابات رئاسية وتشريعية ومجلس وطني بشكل متزامن.

تاسعاً : لا انتخابات فلسطينية تلوح بالأفق في ظل انسداد الأفق والعجز عن تحقيق مصالحة وطنية جدية توحد شطري الوطن وتنهي مظاهر الانقسام أعتقد ولو في ظل وجود القيادة الحالية من حركتي حماس وفتح مع ترجيحي بأن السيد مشعل قد يقوم بخطوات إيجابية في سبيل وحدة الصف الفلسطيني وترجمة لخطابه الأخير الذي عبر فيه عن خطأ حركته في حكم القطاع قبل تركه لمنصب رئاسة المكتب السياسي لحركة حماس أو قبل إجراء انتخابات المكتب السياسي لحركته

عاشراً :حركة الجهاد الإسلامي ومن خلال مبادرتها تسعي لود حركة حماس لا سيما بعد مرحلة الغزل التي بدت واضحة في الخطاب الأخير للسيد رمضان شلح وذلك لعودتها للحضن السوري الإيراني لأهداف تتعلق بتزايد التحالفات وليكون هناك المزيد من الأوراق التي تستطيع اللعب بها محاور الممانعة كما تحب وصف نفسها دائماً.

حادي عشر : الرئيس عباس سيستمر في فصل كل من يعتقد بأن له علاقة مع النائب دحلان أو يشارك في أي فعالية يدعو لها الآخر، حتي لو بقي وأعضاء اللجنة المركزية والمجلس الثوري وحدهم من يمثلون حركة فتح، فهو يعتقد بأن دحلان ظاهرة انتهت وعليه ما عليه من التهم والشبهات ويجب أن لا يكون يوماً من الأيام في رام الله أو في موقع قيادي مسؤول أو حتي بمعني أصح رئيساً للشعب الفلسطيني وحركة فتح.

في المحصلة أهالي قطاع غزة يتطلعون لحياة كريمة ومعبر مفتوح يمكنهم من السفر للعلاج والدراسة والعمل بالخارج، مع عدم ثقتهم بأي أخبار تتعلق بالمصالحة وإنهاء الانقسام لا سيما لكثرة الجولات والاتفاقات التي تمت في هذا الجانب ونتيجتها صفر كبير، مع يقيني بأن طرفي الانقسام باتوا أكثر جحوداً اتجاه هذا الملف، وكل منهم يلتزم بشروطه ويريد فرضها على الآخر، رغم معاناة أبناء شعبنا المستمرة وقضايانا الهامة التي بدأت تتلاشي وتغيب عن الساحة العربية والدولية ، فالقدس تهود والضفة الغربية قد حاصرها الاستيطان من كل جانب، وغزة قد أنهكها الحصار، والمواطن لا حول له ولا قوة، وينتظر من يبيعه الأمل لكي يتنفس ، كونه لا يستطيع أن يطالب بحقوقه وإن طالب فعليه بنشر المناشدات عبر مواقع التواصل الاجتماعي ، فحقوقه أصبحت أماني وأحلام في ظل هذا الواقع البائس.

بقلم/ شادي المصري