تتعقد خيوط المشهد الفلسطيني الداخلي اكثر فاكثر وتتكشف ما بين هذه الخيوط صور لمشاهد مختلفة البرامج بعضها يحاول انقاذ وطن من التصفية وبعضها يدعي انقاذ وطن من التفرد مع ان تمهيد الطريق ليحكم دعاة التخلص من التفرد بات صورة واضحة من بين تلك الصور , في ظل كل هذا التباين هناك ترجمة لبعض التحالفات التي اخذت تعلوا سطح المسرح السياسي الفلسطيني , البعض يفهما والبعض يحتار في فهمها واخرون لا يكترثون , لان حياتهم لم يعد لها معني في ظل كل ذلك لانهم فقدوا الثقة في كل السياسيين والفصائل وكل الزعماء مهما كان انتمائهم ,الايام القادمة قادرة على كشف مزيد من الايضاحات وفك التعقيدات التي تحير الكثيرين حول هذه التحالفات وكثير من الاوراق سيتم قراءتها بشكل صحيح وبعض الاوراق قد يلتبس على الكثيرين فهم معاني المفردات التي كتبت بها لغتها , كل هذه الاوراق تحاول تشويه الشرعية والعمل خلف خطوطها وافشال برامجها السياسية على المستوي الداخلي وحتى الخارجي, ولعل المفهوم ان هناك برامج غير فلسطينية منذ ان حاولت القوي الاربع العربية التدخل بالشأن الفلسطيني وحتى اليوم وهذه البرامج بدأت ذلك تتضح خاصة بعد مؤتمر مركز الدراسات القومي لدراسات الشرق الاوسط الذي رعته المخابرات المصرية .
يعتقد البعض من خلال ما يوحي به انصار محمد دحلان ان هناك شكل من اشكال التوافق المبدئي بين دحلان وحماس برعاية مصرية اماراتية يسمح لانصار هذا الرجل من خلال هذا التوافق ان يؤسسوا لهم قاعدة كبيرة في غزة يمارسوا من خلالها كل فعالياتهم المعارضة للرئيس ابو مازن انطلاقا من قطاع غزة دون مضايقات اجهزة الامن هناك مقابل بعض تحسين وتلطيف الاجواء بين حماس والقاهرة وخاصة ملف معبر رفح الذي يعتبر من اهم ما تحاول حماس حل مشكلة فتحه , ولعل مصر رحبت بأكثر من هذا من مجرد فتحه بعض الايام امام المسافرين على ان يتحول الى معبر تجاري يلاصق منطقة حرة حقيقية تساهم في رفع الحصار عن غزة وتسمح بنمو وتطور الحياة الاقتصادية والاجتماعية في غزة , وقد يكون ملف المخطوفين الاربعة من بين هذه الملفات بالإضافة الى احكام تأمين الحدود بين غزة ومصر البحرية والبرية على السواء , لا اعتقد ان تفاهمات دحلان مصر وحماس تعدت اكثر من ذلك فلا سفارة لمصر في غزة ولا حكومة جديدة يراسها الدحلان وتعترف بها مصر والرباعية العربية انطلاقا لإزاحة ابو مازن عن الحكم فهذا امر في غاية الخطورة لا تستطيع مصر ولا الرباعية العربية تحمل تبعياته , نعم يبدوا هذا مزعجا لابوا مازن كثيرا وخاصة ان الرجل على طريق عقد المؤتمر السابع لحركة فتح وتحديث قيادتها ديمقراطيا .
لا تستطيع حماس كرقم هام في خارطة معادلة التحالفات الفلسطينية ان تعقد اتفاقا استراتيجيا مع دحلان لان البرامج بين الطرفين مختلفة تماما ولا يمكن ان تفرط حماس بالشرعية الفلسطينية مقابل تحالف بني على اساس دفع ابو مازن للقدوم الى احضان حماس لتحقيق شراكه اساسها الحكم باعتبار ان التحالف بين حماس والرئيس ابو مازن هو التحالف الطبيعي لتحقيق اكثر من هدف ,اول هذه الاهداف استعادة الوحدة الوطنية التي لام الكثيرون على حماس في ضياعها, وثانيها اثبات حماس للعالم انها حركة تريد العيش في هدوء بعكس ما تزعم اسرائيل , هنا اصبحت حماس اللاعب الاهم والمطلوب في كل تلك التحالفات لعدة اسباب اولها انها تطبق سياسة الامر الواقع في غزة وكحركة لها وجودها في الضفة الغربية وقطاع غزة الذي لا ينكره احد بغض النظر عن تاريخ الأحداث التي واكبت السيطرة على غزة , كل ذلك يجعل التوجه لهذه الحركة مهم في المرحلة الحالية , اعتقد ان ابو مازن فهم المؤامرة حسب ما كتب المحلل السياسي لموقع واللا العبري افي بيساخروف ويدرك ان تحالفه مع حماس سيغلق الطريق امام وصول دحلان وانصاره للحكم وسوف يثبت خطأ نظرية الرباعية العربية التي بنيت على معطيات خاطئة بتوجيه و تكبير خلايا فلسطينية تعمل بالأجر لتحقيق سياستها في التطبيع الغير مشروط مع اسرائيل وسيعتبر اي تدخل بعد تحقيق الوحدة الوطنية تدحلا يصب في مصلحة اسرائيل ولعل وجود حماس في الحكم يعني لأبو مازن والكثيرين من الفلسطينيين ابعاد شبح تصفية القضية وسرقة القرار الفلسطيني المستقل وهنا سيكون من المستحيل ان تقبل كل من فتح وحماس بعودة دحلان الى المسرح السياسي الا من خلال حزب سياسي جديد , او الاطر الديموقراطية وهذا يحتاج الى زمن ومال كبيرين .
لعل اختيار الرئيس ابو مازن التوجه الى محور تركيا قطر جاء في اللحظة الهامة و المفصلية في تاريخ القضية الفلسطينية لما لهم من ثقل في العلاقة ع حماس ودورهما المحوري في المنطقة ولم يأتي الا بعدما ايقن الرجل ان هناك تدخلا غير نظيف من قبل بعض الاطراف العربية لصالح تيار فلسطينيي اسس لإمبراطورية كبيرة قامت على اساس غير نظيف بمال غير شرعي ودور غير وطني , ولم يكن الخيار صعب امام ابو مازن فقد جاء طبيعيا وكما يتوقع الكثيرين هذا مع ان الهجوم على ابو مازن سوف يتضاعف المرحلة المقبلة اذا ما تم التحالف وشكلت حكومة وحدة وطنية وعقد المؤتمر سابع وجرت الانتخابات العامة وتم اعادة هيكلة منظمة التحرير الفلسطينية بمشاركة الكل الفلسطيني بما في ذلك حماس والجهاد الاسلامي , بعد ذلك لم يبقي امام دحلان الا الدخول هو وأنصاره من البوابة الشرعية والالتحاق بمسيرة الكل الفلسطيني.
بقلم/ د.هاني العقاد