كتبت في الحلقات الثلاث السابقة نبذة قصيرة عن مولد د.نبيل شعث، وفي الحلقة الثانية تحدثنا عن بداية رحلة حياته، وهواياته فيها، وكتابته عن تداعيات مآسي شعبه في نكبة 1948، وما تبعها من معاناة اللاجئين في الدول العربية، وعلاقته بالاخوان المسلمين، ودراسته الجامعية في مدينة الاسكندرية وبدء حياته السياسية، وسفره الى الولايات المتحدة الأمريكية وحصوله على درجتي الماجستير والدكتوراة، وفي الحلقة الثالثة تحدثنا عن التحاقة بحركة فتح وأولى مهامه، ودخوله المعترك السياسي في أمريكا، ومذكراته عن تجربة الثورة الجزائرية واستقلالها ودورها في نجاح الثورة الفلسطينية، واتفاق القاهرة بين م.ت.ف ولبنان في 11/1969، وطرحه حلا سياسيا، بإقامة الدولة الديمقراطية الفلسطينية اللاطائفية.
في هذه الحلقة الرابعة يتحدث د. نبيل شعث عن نكسة حزيران 1967 ،ويذكر في مذكراته أن من اسباب الهزيمة، الغياب الكبير للمعلومات والحقائق عن القدرات العربية وامكانيات العدو استعداداته العسكرية، ويضيف أن أجواء القاهرة بعد النكسة كانت خانقة وقلقة واصيب الناس بالاحباط واصبحوا لا يصدقون الاذاعات المصرية او العربية، وكانت مرحلة تشتيت قاسية، ويتذكر خروج الجماهير لرفض اعتراف عبدالناصر بالهزيمة وخطاب التنحي، وكما يذكر ان فشل الوحدة العربية بين مصر وسوريا، كان سببه طغيان الأمن وغياب الديمقراطية والمشاركة الشعبية. ونتيجة للهزيمة واحتلال ما تبقى من فلسطين، حدثت موجات النزوح من الضفة الغربية الى الأردن ومن قطاع غزة الى مصر، مما استدعى لاعادة التفكير في استيراتيجية الفكر السياسي، وولدت فكرة اقامة الدولة الفلسطينية فوق الأراضي التي احتلتها اسرائيل في 1967م، وفي تلك الأثناء شارك في لجان وبرامج "إزالة آثار العدوان" التي أطلقها جمال عبد الناصر، الذي دعم في نفس الوقت الثورة الفلسطينية، وقال عند حركة فتح في لقائه مع القائد ياسر عرفات:"وجدت الثورة الفلسطينية لتبقى" ورد عليه ابوعمار "ولتنتصر"، وتميزت حركة فتح بحرب العصابات لتلفت نظر العالم للقضية الفلسطينية، حتى قال عنها عبد الناصر أن حركة فتح انبل ظاهرة عربية ولابد لها أن تنتصر.
ومن المحطات السياسية التي برع فيها الدكتور نبيل شعث، قيادته لوفد حركة فتح للمؤتمر الثاني لنصرة الشعوب العربية في 1969م، وقد قدمه السادات لالقاء كلمة الثورة الفلسطينية في حضور الرئيس عبدالناصر.
ويتحدث عن الربيع الفلسطيني في لبنان، وعمله كأستاذ جامعي في الجامعة الأمريكية، ويذكر ان من طلابه فؤاد سنيورة وسلام فياض وريما خلف، كما يشير لدوره في تطور الجامعة اللبنانية و تحويل جامعة بيرزيت لجامعة كاملة.
ظهر دوره الهام في الإعلام الخارجي لحركة فتح أثناء الحرب اللبنانية، ويوجعنا بتفاصيل قتل الفلسطيني في محاور مخيمات ومدن لبنان على الهوية واللهجة الفلسطينية و المجازر التي ارتكبتها اسرائيل واغتيالاتها للكوادر والقيادات الفلسطينية، حيث فُجع بعملية الفردان واغتيال القيادات الثلاثة.
لم يرفض الدكتور نبيل شعث أي مهمة كلفه بها القائد أبوعمار أو القيادة الفلسطينية، فلقد عمل نائبا للأخ خالد الحسن في مفوضية العلاقات الدولية، وتمثيل م.ت.ف في مؤتمر القمة الثالث لدول عدم الانحياز 9/1970، كما شهد فترة توتر علاقة القيادة الفلسطينية مع الاردن ومصر بسبب مبادرة روجرز 1970، وما تلاها من أيلول الأسود وخروج قيادات وكوادر الثورة من الاردن واغتيال القائد ابوعلي إياد في الأردن، ووفاة الرئيس جمال عبد الناصر.
وعن توليه رئاسة المؤتمر العام الثالث لحركة فتح الذي انعقد في 1970، يذكر أن الأخ محمود عباس "أبومازن" هو من قام بترشيحه لرئاسة المؤتمر، ونجح المؤتمر في وضع النظام الداخلي الأساسي للحركة، وبعده كلفه الأخ أبوعمار مديرا عاما لمركز التخطيط الفلسطيني، حيث قام بتطويره ومما يسجل للمركز، دقة معلوماته ورصده للاحداث واستطلاعات الرأي والمقالات والبحوث التي كانت لها الأثر الإيجابي في الرأي العام العربي والدولي تجاه القضية الفلسطينية ودعم الثورة الفلسطينية، وسجل في مذكراته ان المركز قام بعمليات رصد وتحذير من اغتيالات للقادة الفلسطينيون وقد نفذ بعضها والبعض الآخر تم إفشاله، وقد كان صيف 1972 ساخنا واستشهد الكثيرون جرَّاء تلك الاغتيالات، وهو نفس العام الذي كلفه الأخ ابوعمار والأخ خالد الحسن لاعادة تنظيم اقليم فتح في الولايات المتحدة، والقيام بهمة التأثير في الرأي العام الأمريكي والخارجي، ويسجل تفاصيل وتداعيات عملية ميونخ وبراعة الشهيدة دلال المغربي في عمليتها النموذجية والتي وصفها بأنها أروع وأجسر عملية فدائية قام بها مقاتلو حركة فتح خلال سنوات الكفاح المسلح الطويل وكانت ردا على عملية الفردان وتشكل براعة في فكر الأخ ابوجهاد العسكري.
كتب في مذكراته عن موقف م.ت.ف من القرارات الدولية 242، 338، والظروف التي ساعدت في اتخاذ تلك القرارات مرورا بحرب اكتوبر 1973، وابلاغ السادات لأبواياد وابو اللطف باقتراب موعد الحرب، واستخدام سلاح البترول العربي، ووقف اطلاق النار والقوات الدولية في سيناء، واسباب انحسار نتائج انتصار اكتوبرـ وانتقال مصر من الحليف السوفيتي العسكري الى الأمريكي السلمي، وظهور موقف( لغم) الفلسطيني ورفض القرارين السابقين، ويقول "أن أمريكا كانت تريد من العرب ان يدفعوا ثمن السلام مع اسرائيل، والتطبيع معها، واقتطاع ذلك من حقوق الشعب الفلسطيني، وقضيتنا العادلة".
يتبع في الحلقة الخامسة "الأخيرة" .
بقلم/ د. مازن صافي