المُخدّارت.. ومواجهتها

بقلم: عباس الجمعة

أسئلة كثيرة تطرحها مسألة إدمان المُخدّرات، رغم ان أسباب الإدمان تختلف من مجتمع إلى آخر، ولكن نسأل لمصلحة من تدمير المجتمعات ، وتدمير طاقات الشباب وانتشار الجهل بمخاطرها ، تحت يافطة ضغوط الحياة وشعور الانسان باليأس، وهذه الفئة من الناس اختارت أقبح أشكال الهروب عوضاً عن مواجهة الواقع، ولجأت إلى الإدمان الذي يزيد عملياً من أعبائها ويستنزف صحتها وأموالها، ويقلّص علاقاتها الاجتماعية ويُحطّم الروابط الأسرية الخاصة بها، فالمدمن هو في الكثير من الأحيان هاربٌ نحو الهاوية، ومدعاة ُ للشفقة لأنه الوحيد الذي يبتسم بسذاجة وهو يسقط نحو القاع.

من هنا يجب مواجهة هذه الظاهرة الخطيرة من خلال تجريم ترويج المُخدّرات لما فيها من إضرار بالمجتمع وهدر لطاقاته، وقد ثبت بالوقائع أن المُدمن مصدر خطر قائم أو مُحتمل على من حوله،حيث تحاول جهة معادية ترويج المخدرات باعتبارها جزء من الفوضى، خاصة بين فئة الشباب، لأن نظامهم الحياتي وقيمه قد انهارت ،وإذا ما تتبعنا المواقف من قبل الجهات المسؤولة بمكافحة المُخدّرات نرى بأن هناك ما زال يوجد تقصير، الا انه سيساهم بقطع الطريق على تجّار المُخدّرات، وبالتالي إنقاذ الطاقات المهدورة لمجتمعنا واستثمارها في مرحلة النضال الوطني.

من هنا نقول ان المُخدّرات آفة خطيرة تُصيب المجتمعات كافة، ولكن بنسب متفاوتة بين مجتمع وآخر، تِبعاً للواقع الاقتصادي والاجتماعي ومستوى الوعي، وكذلك تِبعاً للقوانين الناظمة لمعالجتها والآثار المُترتّبة عليها صحياً وقانونياً، لاسيما حين أصبح التعاطي والإدمان في صدارة المشكلات الاجتماعية والصحية على المستوى العالمي.

لهذا نجد ان آفة المخدرات تزدهر في الحروب ، بحكم الأجواء والظروف المُؤهّلة لها، من حيث انعدام كل أنواع الرقابة ، إضافة إلى انتشار الفساد والاتجار بالبشر بمختلف اتجاهاته، ومنها تجارة المُخدّرات وترويجها، وخاصة ان انتشار هذه الافة في فلسطين وفي الدول العربية لا يمكن النظر اليها بمعزل عن الهجمة الصهيونية التي تتعرض لها القضية الفلسطينية، وأن نشر المخدرات ليس مقصورا على الفقراء ، فهي تنتشر أيضا في صفوف الطبقة المتوسطة والأغنياء ، ولكنها أكثر انتشارا وأكثر ظهورا بين الفقراء، وكذلك انتشارها في صفوف الفتيات، من هنا نعتبر ان اشتداد الهجمة الصهيونية على الشباب الفلسطيني هو تدمير طاقات الشباب ، في ظل تمزيق العالم العربي الذي اصبح مشغولا عن قضية فلسطين والخطر الصهيوني الذي يهدد الامة بأسرها ، ليصبح الشعب الفلسطيني امام معركة في مواجهة هذه الأمراض والافات الاجتماعية من مخدرات ومشاكل اجتماعية .

في ظل هذه الظروف نقول بوضوح لا يمكن التقليل من ظاهرة إدمان المخدرات بكافة اشكالها وتعاطيها باعتبار ذلك وباء يستوجب وضع استراتيجية وطنية لمكافحة المخدرات ، وليس حملة ، والبدء بالخطة يجب ان لا تغفل الاوضاع الاقتصادية الصعبة والفقر والبطالة ومعالجة كافة القضايا من خلال الشراكة مع المجتمع ومؤسساته و فئاته المختلفة، فتطوير وسائل مكافحة

المخدرات هي الاساس، ووضع الخطط والبرامج العلاجية، وبرامج التأهيل وإعادة الاندماج، ووضع الخطط والبرامج الوقائية، وهذا يتطلب موازنات وإنشاء مراكز صحية ومختصين وخبراء.

امام كل ذلك نرى ضرورة مواجهة مافيات تتحكم بمصير الشباب،الذي يعاني من احباط وضغوط اقتصادية واجتماعية ونفسية كبيرة جداً،وهذا يستدعي من الجمعيات والمؤسسات التي تعنى بالشباب ان تضع برامج للوقاية من آفة المخدرات ، برامج وقائية في الأندية والمؤسسات الشبابية والنسوية والاجتماعية، كما ان هذه المسالة بحاجة إلى جهد جماعي ولجان مهنية ومختصة في هذا الجانب،ومن الضروري استغلال وسائل الإعلام والمؤسسات التربوية والتعليمية في عمليات التوعية،مثل صفحات التواصل الاجتماعي ،والمواقع الاعلامية والصحف والقنوات الفضائية ،لبث مقاطع حول مخاطر المخدرات وطرق الوقاية منها،، لأن الجميع أمام وضع كارثي يتصاعد ويتفاقم،وبما ينذر بتدمير شامل للنسيج المجتمعي وخاصة في المخيمات الفلسطينية وعلى ارض فلسطين المحتلة وفي الدول العربية على وجه الخصوص التي تجري فيها حروب ، من هنا يتوجب على كافة القوى والمؤسسات وغيرها، التصدي لهذه الظاهرة .

ختاما : نحن اليوم امام تحدي حتى لا نسمح لأحد الانتقام من الذات والمجتمع ، فالشباب هم عماد مستقبل فلسطين ودول المنطقة وتطوّرها.. فنحن بحاجة الى جهود حقيقية في تحصين المجتمعات من المخدرات، والقضاء على هذه الظاهرة.. فهل يعي الجميع المسؤولية .

بقلم / عباس الجمعة

كاتب سياسي