مخطط وجه القدس التهويدي .. يستهدف تاريخ القدس

بقلم: غسان مصطفى الشامي

يطوي العام الجاري أشهره وأيامه بسرعة، وقد حمل هذا العام في طياته وبين جنباته الكثير من الآلام والمآسي التي طالت القدس والمسجد الأقصى المبارك؛ ولكن رغم الآلام بقيت القدس صامدة بشموخ وكبرياء تواجه سطوة الاحتلال، وتواجه المؤامرات والمخططات بكل عزيمة وصمود، ولم يستطع المحتل النيل من عزيمة وإرادة أبناء القدس الأوفياء، وواصلت سفينة انتفاضة القدس مجراها في بحر متلاطم من المؤامرات التهويدية  والمخططات الاستيطانية اليومية التي تواجهها القدس والمسجد الأقصى.

وتواجه القدس هذه الأيام الكثير من المخططات الاستيطانية والتهويدية، حيث يصادق الكنيست الصهيوني في كل جلسات على بناء وحدات استيطانية جديدة؛ فقد صادق الأسبوع الماضي على بناء (181) وحدة استيطانية جديدة في مستوطنة (غيلو) جنوب القدس المحتلة، كما تواصل سلطات الاحتلال تنفيذ مخططات البنية التحتية للمئات من المستوطنات الجديدة في القدس المحتلة، ضمن مخطط استيطاني كبير لربط مستوطنات القدس المحتلة ببعضها البعض من خلال شبكة طرق وجسور كبرى.

وقبل أيام قامت حكومة (نتنياهو) المتطرفة بمشاركة وزير المواصلات الصهيوني ورئيس بلدية الاحتلال في القدس بوضع حجر الأساس لمشروع استيطاني تهويدي كبير حمل اسم ( وجه القدس ) يهدف إلى تغير معالم القدس التاريخية ووجه القدس الإسلامي الحضاري والثقافي، وهو يقوم بالأساس على سرقة ومصادرة مئات الدونمات من الأراضي وتهجير المقدسيين من مدنهم وقراهم .

وحسب المصادر المقدسية، فان مخطط وجه القدس التهويدي يعد من أخطر المخططات الاستيطانية على القدس المحتلة، وسيقام على مساحة (211 ) دونما،  وبميزانية مالية تبلغ ( 350 ) مليون دولار أمريكي، وسيتم إقامة هذا المخطط ، في المدخل الغربي لمدينة القدس، وسيقام أجزاء منه على أراضي القرى الفلسطينية المهجرة مثل قرية دير ياسين وقرية لفتا وغيرها، وسيشتمل هذا المخطط  على: مراكز تجارية، ومراكز سياحية، وفنادق، ومراكز ترفيه، ومركز مؤتمرات، وسيبنى فيه (24 ) برجاً سكنيا شاهقا.

إن مشروع وجه القدس التهويدي يعد من  أخطر المشاريع الاستيطانية على القدس المحتلة، وسيحمل مخاطر كبيرة على معالم القدس التاريخية والديمغرافية ويؤثر على الطابع الإسلامي والثقافي لمدينة القدس .

وبحسب أكاديمية الأقصى للعلوم والتراث فإن يشكل خطر كبير على الوضع الديمغرافي بالقدس، ويعمل على تغير المباني العربية الإسلامية بمبانٍ ذات نمط وبناء غربي، وعمل الاحتلال في القدس المحتلة سابقا على تغير معالم الكثير من الأحياء المقدسية مثل بيت صفافا، وعين كارم وغيرها بحيث أصبحت عبارة عن مباني شاهقة أثرت بشكل كبير على معالم القدس وتراثها وهويتها العمرانية.

إن هذه المخططات التهويدية لها تأثير كبير على الوضع السكاني لمدينة القدس، حيث يعمل الاحتلال على تكثيف الوجود اليهودي داخل القدس، وبناء أكبر عدد من المستوطنات لجلب أعداد كبيرة من الصهاينة للسكن في القدس .

وتستعد المنظمات الصهيوني حسب معلومات المركز الإعلامي المختص بشؤون القدس – لتكثيف الاقتحامات للمسجد الأقصى، وقد أعلنت خطتها خلال مؤتمر داخل الكنيست الصهيوني يؤكد على ضرورة تكثيف اقتحامات المسجد الأقصى، كما سيتم عقد احتفال كبير داخل الكنيست الصهيوني سيحضره المئات من كبار الصهاينة ومسؤولي الجمعيات اليهودية، وسيتم تكريم الأزواج اليهود الجدد الذين أجروا مراسم زواجهم التلمودي داخل باحات المسجد الأقصى .

 إن المسجد الأقصى واجه خلال الأشهر الماضية اقتحام الآلاف من الصهاينة باحات المسجد الأقصى، فقد بلغ عدد الصهاينة الذين اقتحموا المسجد من قرابة عام 14 ألف صهيوني دنسوا باحات الأقصى واقاموا شعائرهم التلمودية فيه.

إن ما يحدث في القدس والمسجد الأقصى يستعدي تحرك قوي جاد من أبناء أمتنا العربية الإسلامية  نصرة للمسجد الأقصى ووقوفا في وجه المخططات والمؤامرات التهويدية، ووقف جرائم الصهاينة داخل المسجد الأقصى، خاصة أن مخططات الاستيطان في القدس تزداد وبشراسة، ويضرب الصهاينة عرض الحائط المعاهدات والقوانين الأممية و بيانات الاستنكارات والمناشدة ويواصلون استيطانهم في القدس المحتلة.

إن ما يشهده الواقع العربي والأمة الإسلامية من أحداث جسام، يجب ألا تنسينا مؤامرات اليهود ومخططاتهم التهويدية في المسجد الأقصى، ولابد أن تبقى القدس حاضرة في المشهد العربي، وأن تبقى حاضرة في المؤتمرات العربية والقمم العربية رغم الآلام والهموم العربية، وذلك حتى لا تستباح القدس وحتى لا يتمادى العدو الصهيوني في مخططاته التهويدية للمدينة المقدس.

يجب على أمتنا العربية والإسلامية الصحوة من سباتها، والعمل على توفير الدعم المادي والمعنوي لأهلنا المرابطين في القدس والمسجد الأقصى، ويجب على الإعلام العربي  التركيز خلال التغطيات الإخبارية على ما يحدث في القدس المحتلة من مخططات تهويد ومواصلة بناء الاستيطان؛  ولابد من إفراد مساحات إخبارية مناسبة للحديث عن المشهد في القدس؛ وإن المتابع اليوم للقنوات الإخبارية العربية يجد مساحات قليلة لأخبار القدس والمسجد الأقصى؛ لذا يتوجب العمل على بقاء القدس حاضرة في المشهد الإخباري العربي من أجل أن تبقى قضية القدس والمسجد الأقصى حية ويسجل التاريخ جرائم الصهاينة في القدس والأقصى المبارك، ويسجل بطولات أهل القدس في التصدي لجرائم المحتلين ومخططاتهم.

إلى الملتقى ،،

بقلم / غسان مصطفى الشامي

[email protected]