رحيل الشهيد ياسرعرفات أبوعمار

بقلم: جمال ايوب

​رحيل المناضل والقائد الكبير أبو عمار في الحادي عشر من تشرين الثاني 2004، يشير إلى مرحلة من أهم وأعقد وأغنى مراحل التاريخ الفلسطيني المعاصر.

الشهيد أبوعمار رمز لفلسطين شعبا وقضية، وقائد لثورة وشعب ناضل من أجل الحرية والكرامة، امتاز بحنكته الواسعة وإرادته وصموده أمام كل التحديات، حوّل الكثير من الانتكاسات إلى انتصارات سجلها التاريخ.

الاهتمام بذكرى استشهاد ابو عمار لإحياء المناسبات الوطنية وظيفة ثقافية واجتماعية ، فعندما يتم إحياء ذكرى زعيم فلا يكون المقصود الشخص بذاته فقط ، بل حنين إلى زمن جميل أفضل من الحاضر الردئ ، وصورة مثالية استقرت في الضمير والوجدان الشعبي عن دور هذا الزعيم بذاك الزمن ، والأمة ، وكشعب وأرض وانتماء وطني ، لا يشكلها الحاضر ولكنها نتاج تاريخ طويل ، فهي ليست الأجيال الحاضرة فقط بل أيضا الأجيال السالفة بما كانت عليه واقعا أو بما يُضفى عليها ، وفي بعض الأحيان يكون صوت الأموات أعلى من صوت الأحياء ، وما تركه السلف قد يكون في رمزيته أعظم وأسمى مما أنجز الخلف .

لذا فإن ثقافة الأمة وهويتها وثوابتها ليسوا نتاج الحاضر ولكنهم حصيلة تراكمات الماضي ، فتاريخ كل أمة أو شعب نتاج كل الأجيال ، الأحياء والأموات ، وتاريخ الأمة ملك للجميع ، وليس ملك لحزب أو زعيم ، ولا يجوز لأي حزب أو زعيم أن يُعيد صياغة تاريخ الأمة وثوابتها وثقافتها حسب مشيئته وأيديولوجيته ، فيتجاوز مرحلة ما أو شخصا ما ، لا لشيء إلا لعدم توافقهم مع إيديولوجيته ومرتكزات سلطته وحسابات ارتباطاته الخارجية .

إن تاريخ الشعوب هو تاريخ انجازاتها وعثراتها ، فالأجيال اللاحقة تُراكم على ما أنجزت الأجيال السابقة ، وتستفيد الأجيال اللاحقة من تجارب الأجيال السابقة . صحيح ، إن التاريخ لا يمنح شرعية سياسية دائمة لأي حزب أو زعيم ،وقد يكون وراء إحياء المناسبات وتمجيد القيادات والرموز التاريخية بشكل مبالغ فيه ، محاولة للتغطية على مساوئ الحاضر والهروب من استحقاقاته ، فتعظيم الماضي ورموزه يصبح تعويضا نفسيا عن رداءة الحاضر ، إلا أن ذلك لا يُبرر التخلي عن التاريخ الوطني ورموزه .

ففي ذكراك نقول لك ان ذكراك باقية في قلوبنا ولن تزول باذن الله , وكيف ننسى من ضحى بحياته لاجلنا ولاجل ان نحيى بكرامة , فنحن لا ننكر العرفان وسننهج نفس الطريق الذي سرت عليه ,

ابا عمار يا من علمتنا النضال والكفاح وعلمتنا ان الارض هي العرض سيدي , نعلم ان الكلمات لا توفيك حقك فانت القائد وستبقى انت نور فلسطين بل العالم

شهد لك القاصي والداني بروحك الغالية وخبرتك النضالية وحنكتك السياسية فانت الذي قال في حصار بيروت بعد استشارك المسؤولون ماذا نفعل ؟ فقلت لهم : لقد هبت رياح نعيم الجنة وانت الذي قلت لجمال عبد الناصر بعد ان سالك عن حركة فتح بعد انتصارها في معركة الكرامة فقلت له : سنطعم لحومنا لجنازير الدبابات وانت الذي قلت في حصارك برام الله : شهيدا شهيدا شهيدا قلتها بفم ملؤه الارادة والعزيمة والتصميم على ان لا تفريط بالثوابت مهما كلف الثمن .

رحل عرفات بجسده، لكنه ترك إرثا نضاليا ومنجزات وطنية لا زالت قائمة تنهل منها الأجيال لمواصلة الكفاح من أجل التحرر وبناء أسس الدولة الفلسطينية، فأبو عمار لم يكن مجرد مقاتل يحمل بندقية، وإنما كان زعيما ملهما، بمختلف جوانب الحياة الاجتماعية والسياسية والاقتصادية، والثقافية للشعب الفلسطيني...

فعليك الرحمة والسلام يا سيد الثوار

بقلم/ جمال ايوب