انشغل العالم بالانتخابات الأميركية ، لما لها من تأثيرات مباشرة على مجمل الأوضاع على الساحة الدولية، على اعتبار أن أميركا وما تمثّله حتى الآن من قطب أوحد مازالت تتحكّم بأكثر ملفات العالم حساسية وسخونة .
قضية الصراع العربي - الصهيوني من بين تلك الملفات التي تؤرّق الولايات المتحدة ، من خلفية سعيها الدؤوب إلى تحقيق أمن " إسرائيل " ، وجعلها دولة هي الأقوى في الواقع الإقليمي ، على حساب عناويننا الوطنية التي كانت ، وعلى جري العادة في أية انتخابات رئاسية أميركية ، القاسم المشترَك بين مرشحي الحزبين الجمهوري والديمقراطي ، في التأكيد على أولوية ما يسمّيانه حق " إسرائيل " في الاستمرار والوجود ، وإظهار التعاطف معها إلى أبعد الحدود ، وما أقرّته إدارة أوباما مؤخّراً من مساعدات عسكرية غير مسبوقة بلغت 38 مليار دولار على مدار عشر سنوات ، إنما جاء ليدلّل على مدى الالتزام الأميركي بـ" إسرائيل " من جانب ، وعلى مدى تأثير اللوبي اليهودي في مجريات تلك الانتخابات من جانب آخر .
خلال المناظرتين اللتين التقى فيهما المرشحان السابقان كلينتون وترامب في سباقهما إلى الرئاسة الأميركية ، غابت القضية الفلسطينية عنهما ، لتحضر " إسرائيل " بقوة ، وفي إظهار التعاطف والالتزام ، ذهب المرشح ترامب للقول إنه في حال الفوز سيعمل على الاعتراف بالقدس عاصمة لدولة الكيان ، وهذا ليس مردّه إلى وجود 300 ألف ناخب أميركي يقيمون في الكيان وحسب ، بل لأن " إسرائيل " ودعمها يمثّلان تعبيراً عن منظومة المبادئ الأساسية الأميركية التي تلتزمها حيال " إسرائيل " .
لذلك علينا كفلسطينيين ألاّ نجنح في اتجاه الاندفاع نحو التفاؤل أو الرهان على النتائج التي أسفرت عنها هذه الانتخابات ، لأن الأمر بالنسبة إلينا مع أي فائز في رئاسة البيت الأبيض سيّان ، فهما لن يقدّما أي جديد سوى التفرغ مجدداً من أجل ممارسة المزيد من الضغوط وابتزازنا ، وإدخالنا مرة جديدة في دوامة المبادرات التي تتقاطع جميعها عند شراء المزيد من الوقت للكيان الصهيوني من أجل فرض وقائعه الميدانية على عناوين قضيتنا الوطنية ، وشطبها الواحدة تلو الأخرى .
رامز مصطفى