أصبح الشعب الفلسطيني في متاهة كبيرة لا يجد طريق النور فيها، حروب وانقسامات وانشقاقات داخلية ومصالح شخصية، أطفال تقتل ونساء ترمل وبيوت تهدم في سبيل نيل الحرية والعيش في كرامة وشرف ومن جانب أخر قوى سياسية تتنازع فيما بينها وترد على بعضهما كرد الاعداء تاركين العدو الحقيقي يتسلى وينظر وهو يحقق ما يخطط له دون أن يكلف نفسه بذلك! ، منذ أكثر من 10 سنوات والشعب الفلسطيني هو المتضرر في كافة جوانب الحياة الاقتصادية والاجتماعية والسياسية من ما يسمى بالانقسام الفلسيطني بين حركتي فتح في الضفة وحركة حماس في القطاع.
رغم كل المحاولات التي تمت من أجل إنهاء الإقسام بين الحركتين بدايتا من اتفاق مكة وحتى اتفاق الشاطئ الا انها باتت بالفشل، إلى متى سوف يبقى الشعب الفلسطيني مجزء؟ إلى متى سوف نبقى في هذا السبات؟ وهل سوف نبقى هكذا مجزئين أنا ابن الضفة وهو ابن القطاع!
فمنذ نعومة أظافري وأنا أسمع بالانقسام الفلسطيني ورغم صغري كنت أعلم أن مصيرنا سوف يكون شنيعا لما كان يعانيه الشعب الفلسطيني من ظلم واعتقال وتحقيق وحتى عقاب فقط لكونه ينتمي إلى فصيل مخالف عن الفصيل الذي يحكم، كانت معلمتي في المدرسة تقص علينا قصة الأسد والثيران الثلاثة، ثلاثة ثيران متحدة ومن الصعب دحرها، إلى أن أتى الأسد وبدأ بالدخول بينهم ليفسدهم ويفرقهم فهو يعلم أن إتحادهم قوة ومضرة له، فنجح بإفسادهم وتفرقتهم عن بعضهم، فأصبحو وليمة سهلة له، وهكذا هو الإنقسام كما الثيران الثلاثة منفصلين عن بعضهم وسوف يصبحون وليمة سهلة أمام الاحتلال الإسرائيلي الذي خطط لهذا كله، ومتأكد جدا أن الأحتلال يخشى من حدوث مصالحة بين حركتي فتح وحماس لإن هذا سوف يشكل عائقاَ أمام توسع الاحتلال في الضفة الغربية.
من المذنب في استمرار هذا الإنقسام؟ سؤال يراود الكثير من أبناء الشعب الفلسطيني هل هيي حركة حماس أم حركة فتح أم أن الاحتلال هو الذي يمنع الوحدة الوطنية! لكن برأيي الكل مذنب، أصبحت أعتقد أن حركة فتح تريد أن تشكل دولة فتحاوية في الضفة الغربية وكذلك الأمر في حركة حماس في قطاع غزة، وأيضا قرار محكمة العدل العليا بوقف مؤقت لقرار مجلس الوزراء بإجراء الانتخابات المحلية يعتبر قرار يدعو إلى الإنقسام السياسي والجغرافي والاقتصادي، وإن إجراء الانتخابات المحلية ليس بالضرورة أن تؤدي إلى مرحلة جديدة في تاريخ الشعب الفلسطيني ولكن سوف يعكس مدى نجاح عرس ديمقراطي جديد بعد الفترة الطويلة التي عاناها الشعب الفلسطيني والتي تمثلت في الانقسام السياسي وما تبعه من ظلم وتفرد وضياع للقضية الفلسطينية محليا واقليميا ودوليا.
ولكن كلنا نعلم محاولة حركة فتح منذ توقيع اتفاقية اوسلو إلى الآن لقيام دولة فلسطينية، ولكن هل من المعقول ان تقام دولة فلسطينية دون قطاع غزة! فمن أجل تحقيق هذا الأمر يجب أن تتم المصالحة مع حركة حماس وأن يتعاونوا مع بعضهم البعض فالأهم هو التفكير بمصير الشعب والقضية الفلسطينية بعيدا عن المناصب والكراسي التي انتجت كل هذا الخلاف بينهما، والتفكير بالشعب الفلسطيني وكل ما بذله من تضحيات ومعاناه للعيش في كرامة وحرية في أرض فلسطينية خالية من دنس الاحتلال الإسرائيلي.
أما حركة حماس التي تعتبر إمتداد لجماعة الإخوان المسلمين، فهي تهدف إلى صناعة دولة (غزة) داخل دولة (فلسطين) معتقدة أنها قادرة على مقاومة الاحتلال الإسرائيلي بمفردها، وخاصة بعد أحداث الربيع العربي والحربان على القطاع في عامي 2012و 2014 الأمر الذي زاد من غرور هذه الحركة وإعتقادها بأنها غير محتاجة لوحدة وطنية فلسطينية,لكن لا أنسا عدم قدرتها على أدارة شؤون القطاع وتوفير حتى الاحتياجات الرئيسية لسكان القطاع , والاستبداد الذي تمارسه على كل من يرفع صوت الاعتراض واللوم على مواقفها وممارساتها.
وأيام قليلة تفصلنا عن انعقاد المؤتمر العام السابع لحركة فتح والذي يعتبر استحقاق تنظيمي، خاصة أمام الصعوبات والتحديات التي تشهدها القضية الفلسطينية، وامل من حركة فتح أن تكون المبادرة خلال هذا المؤتمر في طرح مشكلة الإنقسام الذي يعاني منه الشعب الفلسطيني والوصول إلى حل يحقق الوحدة الوطنية، وتفعيل المجلس التشريعي والإتفاق على إجراء انتخابات شريفة ونزيهة لإعادة توحيد الضفة الغربية وقطاع غزة ليصبحوا شوكتًا في حلق الاحتلال الإسرائيلي.
ايهاب خصيب