في الساعة الرابعة و النصف من فجر يوم الخميس الموافق 11/ تشرين الثاني / 2004 انتقلت روح الشهيد القائد أبو عمار إلى السموات العلى..نعم 12 سنة مضت وشعبنا الأبي يستذكر قائده التاريخي بكل إجلال وتقدير ويتمنى لو كان بين أبنائه اليوم..نعم نتذكره لأنه تاريخنا المعاصر ..نتذكره لأننا بحاجة إلى حكمته وإنسانيته ورعايته الأبوية .. فياسر عرفات كان رمزاً, وكان أباً وأخاً وحامياً للجميع، وإن شعبنا في الوطن والشتات يعبر عن تقديره وحبه لزعيمه الطاهر الشهيد القائد الرمز ياسر عرفات رمز النضال والكفاح الوطني.
نعم, حياة قائدنا كانت تاريخاً متواصلاُ وتعبيراً صادقاً عن حبه وتقديسه للوحدة الوطنية, التي كرسها فكراً وممارسة..إذ إنها كانت السلاح الأمضى على مدار انطلاقة وعمل وفعل الثورة الفلسطينية ومنظمة التحرير الفلسطينية والسلطة الفلسطينية ..أبو عمار هو رمز النضال الوطني الفلسطيني وحركة التحرير العالمية..أبو عمار ترك تاريخا لا يمكن لأحد أن يسجله بصفحات أو كلمات فهو كان أكبر من كل المواقف والعبارات, لأنه صنع التاريخ وكتب بدمه تاريخ شعبه عبر ملحمة أسطورية عملاقة وحكاية شعب لم ولن تنتهي.
نعم أيها القائد الشهيد رحلت بجسدك عنا فيما لا زالت روحك ومسيرتك الكفاحية ترفرف في نهجك ورؤيتك بين أبناء شعبك الذي يعتبرك نبراساً تقوده بأفكارك نحو تحقيق حلمه في دحر الاحتلال ونيل الحرية والاستقلال .. نعم, اليوم أكثر من أي وقت مضى يتعرض شعبنا إلى مؤامرات تستهدف النيل من حقوقه بفعل الهجمة الشرسة التي يقودها أعداء الشعب الفلسطيني ممثلة في ظل استمرار الحصار والاستيطان وبناء جدار الفصل العنصري وتهويد القدس, لكن, شعبنا الأبي بتعاليمك وأفكارك ونصائحك السديدة يؤكد تمسكه بالحفاظ على ثوابته, فهذا هو نهجك الصادق الأمين السليم الذي يبقى مغروساً في نفوس أبنائك الأحرار.
إن رحيلك خلف لنا فراغاً وإرباكاً كبيرين في الساحة الفلسطينية, لأنك كنت رئيساً وقائداً وملهماً جسدت في وقت واحد كل عناوين نضال شعبنا الفلسطيني ..وكنت رمزاً حظي بإجماع وطني .. نعم, اثني عشر سنة مضت وما زلت وستبقى في أعلى المراتب من قلوبنا وقلوب الشرفاء في العالم المعاصر لأنك باختصار صانع هوية الشعب الفلسطيني بكوفيتك السمراء والبيضاء .. وذكراك يجب أن تبقى استمرارا لرص الصفوف وتغليب المصلحة الوطنية العليا لشعبنا الفلسطيني في نبذ الخلافات والشرذمات وإنهاء حالة الانقسام وحشد كافة الطاقات والإمكانات في مواجهة التناقض الرئيس مع شعبنا والمتمثل بالاحتلال الإسرائيلي .. نعم ذكراك تتطلب من الجميع في هذه الظروف بالذات التمسك بانجازات الشعب الفلسطيني والحفاظ عليها والعمل المشترك لتحقيق تطلعاتنا في الحرية والاستقلال ... واعلم, أيها القائد العظيم أننا على خطاك سائرون وعلى عهدك باقون أوفياء لك ولذكراك .. والى جنات الخلد يا آبا عمار يا بطل الحرب والسلم يا فارس الفرسان يا قائد المسيرة - رحمك الله.
بقلم/ د. حنا عيسى