دونالد ترامب رئيسا

بقلم: تحسين يقين

كل ومكانه وزمانه..
ولكل ردود فعل تجاه الانتخابات الأمريكية لها زمانها ومكانها، ولنا هنا أيضا بزماننا الفلسطيني أن ننفعل ونتأثر بالنتيجة، ولكن في ظل هذا الانفعال ربما علينا أن نتجاوز المكان هنا، غير متجاوزين لهذا الزمان الذي نحيا فيه جميعا.
في ظل الانفعال والتأثر، نحتاج للموضوعية والعقلانية والفهم السياسي العميق، غير مستسلمين لردود غير مبنية على أفعال.
فاز السيد دونالد ترامب وسيصبح رئيس الدولة الكبرى في العالم، فهل كان سيصير كذلك لو لو لم يكن على هذا المستوى من الكفاءة في إثبات الذات الفاعلة في المجالات التي عمل بها، ليتوج ذلك كله بالنفاذ إلى السيادة السياسية على شعبه، وبالرغم كل ما علق بالانتخابات ويعلق بها، فإننا أمام شخصية قادرة ومؤثرة وفاعلة لا منفعلة، إنها الشخصية الفائزة والمنتخبة ديمقراطيا؛ على المستوى الذاتي والموضوعي، هو مواطن ناجح حقق الكثير، ولا بد أن يكون وطنيا قد قدّم لشعبه، ويأمل الشعب الأمريكي أن ينقل نجاحه له، فيحقق التنمية والنمو والاستقرار.
ولعل العالم أيضا يأمل كذلك، ونحن جزء من هذا العالم، ولنا ألا نكتفي طبعا بالأمل، مثلنا مثل الشعوب الصغيرة والكبيرة، حيث لا بد أن يكون لنا دور، وألا ننتظر أدوار الآخرين المنشغلين بهمومهم واهتماماتهم حتى لو كانوا ذوي قربى.
سيصبح السيد ترامب رئيس الأمريكيين جميعا، وليس من صوتوا له،ِ ليس في هذا اكتشافا، لكن ما يمكن أن يكون ذا دلالة لنا، هو توقعنا منه أن يبني على ما تمت مراكمته من نضوج في العلاقات الفلسطينية-الأمريكية، على عدة مستويات من صنع السياسة في واشنطون؛ فباعتبار الولايات المتحدة الراعي الأول للعملية السياسية هنا، فمن الطبيعي أن يتمتع السيد ترامب بموقف إيجابي يقوم على موقف متوازن مع الاطراف الدولية المتنازعة، ومنها الطرفين الفلسطيني-الإسرائيلي.
لم تعد إسرائيل الصديق أو الحليف الوحيد للولايات المتحدة، وبذلك فقد بدأت فعلا أهميتها الاستراتيجية تتراجع؛ فنحن لسنا أعداء لدولة بعيدا عنا بعد بعض نهار زمنيا وكثير من المسافات مكانيا.
وعلينا كفلسطينيين بشكل خاص أن ننتبه لما يمكن أن تجرنا إليه الحكومة الإسرائيلية بتصريحاتها التي تسّوق من خلالها الموافقة الأمريكية على خططها، حتى قبل أن يجلس السيد ترامب في المكتب البيضاوي؛ فليست الولايات المتحدة ولا رئيسها تحت أمر أحد مهما كان حليفا أو صديقا، هناك آخرون أيضا أكانوا أصدقاء أو حلفاء أو حتى أعداء.
لذلك فبدلا من الحذر والتردد، علينا أن نقبل ونبادر للفعل، خصوصا أننا أصحاب قضية عادلة، ولسنا معتدين على أحد، وأرضنا محتلة، ونتعرض لإيذاء الاحتلال وانتهاكاته لحقوقنا الإنسانية. لسنا في موقف محرج، ولا الخائف، بل القوي بالحق ومناصرة العالم لنا، بل وتفهم الكثيرين بمن فيهم إسرائيليون لحقوقنا، ومنها الدولة المستقلة. علينا أن نبقي قضيتنا على خارطة الاهتمام الدولي، والإقليمي والعربي، مدعمين بوحدة وطنية حقيقية.
من مفاتيح الفعل المبادر، أن نسعى مع دول عربية أخرى إلى التوسط بين أشقائنا، ولن يكون ذلك ممكنا إلا إذا حققنا تصالحنا الوطني.
تصالحنا أمر عظيم كونه سيصب في التصالح العربي، للوصول إلى موقف داعم حقيقي لعدم تغيير المبادرة العربية للسلام، لذلك فإن مخرب هذا التصالح هو من يعرض المصلحة العليا لشعبنا للخطر.
المصالحة العربية أمر مهم لبناء علاقات علاقات مع الدول الكبرى  كروسيا والاتحاد الأوروبي والصين والهند وغيرها، فليس من الحكمة استعداء أي دولة، علينا أن نحقق الصفرية في المشاكل الإقليمية مع إيران وتركيا بشكل خاص. سيكون لذلك فائدة سياسية للعرب والفلسطينيين، حيث ستجلب فوائد اقتصادية للشعوب العربية.
المستر دونالد ترامب الرئيس المنتخب، إذن هو ليس فقط رئيسا للولايات المتحدة، بل يتحمل أخلاقيا معنى أن يكون رئيس الدولة الكبرى، وما عليها من دور إيجابي تجاه القضايا العالمية.
نحن والأمريكيون ومواطنو العالم نشترك بقيم إنسانية منها حق تقرير المصير، فحقوق الشعب الفلسطيني  مكفولة، وهي قضية شعب لا قضية شخصية.
 عندما سيطل الرئيس المنتخب دونالد ترامب أكثر على تفاصيل القضية الفلسطينية، سيجد أننا إيجابيون جدا، رضينا بدولتين، وسنرضى بواحدة، بل بثلاث، فكل الحلول الكيانية لا نرفضها، نحن عمليون وإنسانيون غير عنصريين لا ننفي أحدا.ار لا
فإذا كان الحل إيجاد دولة فلسطينية، فسيصعب على أي أحد القبول باستمرار الظلم التاريخي، أو القبول بما يعارض القانون الدولي. سيصعب على أي قائد القبول بما هو غير شرعي، كالمستوطنات، سيصعب على أي إنسان رفض حق العودة، حتى وإن لم يؤيده، سيصعب القبول باستمرار الاحتلال.
"ستشرق الشمس في الصباح"..
هو ما نردده مع الرئيس اوباما: حين خاطب الشعب الأمريكي قبل ظهور النتائج: "بغض النظر عن أي جانب تصوتون له في الانتخاب، بغض النظر اذا فاز أو خسر مرشحك، ستشرق الشمس في الصباح.."آملين أن ينقل للسيد ترامب الرئيس المنتخب بأمانة ومسؤولية خلاصة خبرته  وخبرة الرؤساء السابقين في حل الصراع-النزاع الفلسطيني الإسرائيلي.
لنا أمل ولنا دور وعلينا واجب، ولنا حق ظاهر وواضح يصعب تجاوزه.
كل ومكانه وزمانه وشمسه، فلسنا وحدنا هنا، ولا نملي على أحد، فالقيم والقوانين هي ما تجمعنا..والمستقبل، وهو زمان الأجيال القادمة، والأرض أيضا التي صارت صغيرة أيضا حتى لتكاد تصير وطنا للجميع.

تحسين يقين
[email protected]