نشرت وسائل اعلامية اسرائيلية تفاصيل دراسة قانونية قمن بإعدادها ثلاث خبيرات اسرائيليات بالمجال القضائي – القانوني، وصفوا انهن "من ذوات الخبرة في القانون الدولي وحقوق الإنسان والنزاعات الدولية"، وهن بروفسور يافة زيلبرشاتس وبروفسور روت غيبزون والمحامية عورن أميتاي.
تناولت الدراسة "القانونية" قضية اللاجئين الفلسطينيين وبالتحديد موضوع حق العودة. والدراسة أعدت في "مركز التفكير اليهودي، الصهيوني، الليبرالي والإنساني" (دمج بين مفارقات كالعادة - نبيل) الوثيقة التي أعدت تحدد أن القانون الدولي لا يعترف بحق اللاجئين الفلسطينيين أو أحفادهم بالعودة إلى منازلهم "!!".
قرأت المادة في وقته، وأصبت بصدمة من قوة الوقاحة تحت صيغة "صهيونية ليبرالية إنسانية"، على نهج "قتلت وورثت " التوراتية .
الوثيقة- الدراسة القانونية قدمت لمكتب رئيس الحكومة في وقته. يفهم من ذلك ان الدراسة وضعت بهدف (القتل مع سيق الاصرار - نبيل)لدعم المواقف الاسرائيلية المتنكرة لمجمل حقوق الشعب الفلسطيني.
لم أجد نفسي قادراً على الكتابة المتأنية الخالية من المشاعر المتضاربة...فأجلت الكتابة. توقعت، في الحقيقة.. أن يثير الموضوع "عاصفة" نقدية عربية قانونية، لكني بحثت ولم أجد إلا الصمت!!
لست خبيرا في القانون، لا المحلي ولا الدولي، لكني توقعت أن اقرأ رداً من مصدر عربي يملك الخبرة القانونية والاطلاع على سوابق قانونية شبيهة بالواقع الفلسطيني، رغم أني أقول انه لا يوجد تشابه كامل إطلاقا بين مختلف حالات اللجوء التي نعرفها من التاريخ القديم أو الحديث.
نكبة الشعب الفلسطيني لها مميزات تختلف، يكشف عنها مؤرخون يهود أمثال آيلان بابه (كتابه: التطهير العرقي في فلسطين)، حين يشير إلى ارتكاب جرائم حرب في إطار عمليات التطهير العرقي التي يعاقب عليها القانون الدولي ويستهجن تجاهل العالم للجرائم التي ارتكبتها القيادات الصهيونية. مؤرخ إسرائيلي معروف هو البروفيسور بيني موريس كشف في كتاب له (1948 – تاريخ الحرب العربية الإسرائيلية الأولى) أن الحركة الصهيونية دفعت رشاوى ومارست ضغوطات اقتصادية على دول للتصويت إلى جانب قرار التقسيم، فهل انجاز مبني على تجاوزات قانونية، يمكن أن يتحجج بقانون؟
النموذج الذي نعرفه يوغوسلافيا، حيث قُدم قادة صربيون إلى محكمة مجرمي الحرب بتهمة جرائم التطهير العرقي، وقد تكون جرائم القادة الصرب اقل إيلاما من التطهير العرقي ضد الشعب الفلسطيني التي بدأت في أوائل القرن العشرين. وكنا شهودا على تقسم يوغوسلافيا لتقام دول قومية، كحل للصراعات الاثنية.
لا أريد الخوض في موضوع تحركني فيه عاطفتي ولست مؤهلاً لطرح رؤية قانونية حوله واستهجن غياب الرد الفلسطيني القانوني بالتفصيل على ادعاء "الخبيرات الاسرائيليات" من "المستوى الأول" في إسرائيل (بالتنكر للحقوق الانسانية- نبيل) ودراستهم "القانونية".
ماذا جاء في نصوص الوثيقة التي وضعت أمام رئيس الحكومة؟
كتبن :إن كل اعتراف بحق العودة للاجئين الفلسطينيين قد يقيد إسرائيل ويجر وراءه دعاوي واسعة جداً للعودة ( عودة اللاجئين ). مما يعني نهاية الدولة اليهودية... وعلى اسرائيل أن تواصل الإصرار على معارضة قبول حق عودة واسع للاجئين الفلسطينيين إلى داخلها، وممنوع أن تُجَّر إلى الاعتراف بحق العودة، حتى كموقف حسن نية رمزي، لان عودة لاجئين فلسطينيين وأحفادهم لداخل حدود إسرائيل، تنسف قدرة اليهود على انجاز حقهم بتقرير المصير في دولة يهودية وديمقراطية، لذا توجد مصداقية قانونية كاملة لمعارضة اسرائيلية حول هذا الموضوع، الذي قد يقود إلى إدامة النزاع".
النقاط الهامة القانونية ، حسب النص .. تقول ما يلي : " يوجد اعتراف دولي بأنه يُفضل تسوية كاملة للنزاعات، عن الاعتراف بحقوق عودة لاجئين. وقد تقرر هذا الموقف في قرار جديد للمحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان، التي تعتبر إحدى المحاكم الدولية المحترمة في العالم (ما دامت لا تتعرض للجرائم الاسرائيلية- نبيل). المحكمة ، يواصل التقرير ، بحثت حقوق اللاجئين اليونانيين الذين طردوا من شمال قبرص عام 1974، وأقرت قبل خمسة أشهر انه بسبب الوقت الطويل الذي مضى، ورغم أن قضية اللاجئين ما زالت قائمة، سيكون من الخطأ إصلاح الضرر الذي لحق بهم بواسطة إعادتهم إلى بيوتهم وطرد من يسكن فيها اليوم. وقررت المحكمة انه يجب إيجاد تسوية للاجئين في إطار الحل السياسي للنزاع، وليس في إطار الحديث عن الحقوق. ما هي أوجه التشابه مع التطهير العرقي في فلسطين وهدم 520 بلدة وتشريد مليون ونصف لاجئ، وارتكاب مجازر ضد السكان لدفعهم للهرب ؟
حتى الأجيال الجديدة لم تستطيع التحرر من مخيمات اللاجئين!!
هناك نص أخر تورده "الدراسة القانونية": " التاريخ يعلم انك إذا أرجعت أشخاصا إلى مكان يوجد فيه نزاع اثني، أنت تنتج النزاع من جديد. والاستجابة تشكل خطراً على حل قائم على أساس دولتين لشعبين".
وتوضح البروفسور غيبزون أن الاتفاقات ملائمة مع المصالح. أما الحقوق فتتلاءم مع الأشخاص. وفي واقع توجد فيه حقوق، الاتفاقات لن تصمد حتى لو كان اتفاق بين الحكومات، لأن الأحفاد وأحفاد أحفاد الموقعين، يستطيعون في احد الأيام أن يطالبوا بتحقيق حقوقهم، وان يقرروا أن النزاع لم ينته".
بالطبع يعترفن ان وثيقتهن لا تحاول تجاهل مشكلة اللاجئين، وبالطبع لا يتجاهلنها، بل عكس ذلك: " يجب الفهم: ، كما تقول بروفسور زيلبرشاتس: "أن الحل المقترح اليوم في أوساط اليمين وجزء من اليسار، حول دولة واحدة بين الأردن والبحر، لا يحمل في طياته حلا للمشكلة الفلسطينية. دولة مثل هذه ستكون ملزمة بان تعطي حق العودة، لأنه لا يوجد بديل آخر للاجئين. دولة واحدة يستطيعون أن ينجزوا فيها إرادتهم بالاستقلال، وبحساب الأعداد الكبيرة من اللاجئين ، بالتأكيد لا تستطيع أن تكون دولة يهودية ديموقراطية.
بالطبع هذا جزء من المادة التي اطلعت عليها، اطرحها للقارئ للتنوير حول ما يدور بغياب كامل عن رؤية قانونية فلسطينية (او عربية) بديلة.
نبيــل عــودة