استقرار امريكا واسرائيل بعد فوز ترامب

بقلم: هاني العقاد

لم تدلل أي استطلاعات للراي مهما كان توجهها بفوز ترامب وسقوط كلينتون حتى قبل اسبوع من اجراء الانتخابات الامريكية لكن في المرحلة الاخيرة بدا الجميع يشعر ان الديموقراطيين في خطر وهناك تراجع في تأييد كلينتون لا نعرف السبب حتى الان وقد تكون كلينتون التي سببت هذا في بعض تصريحاتها التي لا تعجب الناخب الامريكي لكن في النهاية جاءت النتائج صادمة للشعب الامريكي الذي تفاجا بصعود اسهم دونالد ترامب الانتخابية ما حذا بفوزه بالولاية الخامسة والاربعين للبيت الابيض وبالتالي ,لم يكن هذا الفوز مرضيا للكثيرين ممن خرجوا الى الشوارع غضبا على نتائج الانتخابات وتصادموا مع الشرطة ومنهم من اعتقل واصيب وقتل لكن قد لا تكون هذه مجرد غضبة عفوية نتيجة الصدمة بل ان المحتجين يعرفوا من هو ترامب الملياردير الذي تاجر في كل شيء حتى النساء لتكوين امبراطورية له استعدادا لتولي ادارة البيت الابيض , الحقيقة ان الأمريكيين غاضبين من انفسهم فيبدوا ان رغبتهم في التغير جائب على شكل عقاب للشعب الامريكي وبث الرعب و الخوف في صفوف الحالمين بمستقبل اكثر استقرارا لأمريكا تسود فيه المساواة بين البيض و السود والمسيحين واليهود والمسلمين في هذه الدولة التي اثبتت قدرتها في السابق على الحفاظ بالحد المعقول على حقوق الاقليات والديانات والالوان والعروق المختلفة المكونة للمجتمع الامريكي .

اعضاء كنيست و وزراء في حكومة اليمين المتطرف هللوا وفرحوا لوصول ترامب الى ادارة البيت الابيض ومنهم من دعا الى تصعيد الاستيطان كنفتالى بينت وبالتالي التراجع فورا عن فكرة انشاء دولة فلسطينية وتطبيق حل الدولتين , وقال وزير البيئة التحتية يوفال شتاينيتس في حديث للإذاعة الإسرائيلية العامة , إن وزارته تنوي القيام بأعمال واسعة النطاق في الضفة الغربية وخاصة بعد فوز ترامب في الانتخابات, ودعت ما تسمى بوزيرة العدل "الإسرائيلية" اياليت شاكيد ترامب إلى نقل السفارة الأمريكية من تل أبيب إلى القدس, وكان نتنياهو قد سارع الى الاتصال بترامب المنتخب وقدم له التهاني الحارة بفوزه و دعا ترامب نتنياهو الى زيارة واشنطن فورا , كل هذا يبين ان حكومة اليمين الحالية في اسرائيل مبتهجة جدا من فوز ترامب الذي يمثل من طرفه تيار يميني جمهوري في واشنطن وتعتقد الحكومة ان اربع اعوام من العسل سوف تعيشها اسرائيل يمكن من خلالها ان تنتهي من مشروعها الاستيطاني القائم على الدولة اليهودية وبالتالي العمل على تلاشي مشروع حل الدولتين كليا من على خارطة الحلول السياسية للصراع .

المظاهرات التي ملئت شوارع امريكا وولاياتها حتى تلك الولايات التي صوتت لترامب اظهرت غضب الشارع الامريكي من نفسه وخاصة في نيويورك واوكلاند وكليفورنيا و سياتل وفيلادلفيا وشيكاغوا والعديد من الولايات الامريكية , الامريكان غاضبون جدا لنتائج الانتخابات الصادمة ولخوفهم من تحول امريكا من دولة ديموقراطية الى دولة عنصرية في ظل ادارة ترامب الاقطاعي الذي قال في حملته الانتخابية انه اذا فاز برئاسة الولايات المتحدة الامريكية سيقوم بترحل اكثر من احدي عشر الف مسلم من الولايات المتحدة وسوف يعمل على تعديل الاتفاق النوي مع ايران الى جانب العديد من التصريحات التي ان دلت علي شيء فأنها تدلل ان الرجل سيغير امريكا الى دولة ينتقدها الكثيرون في العالم و سوف لا يضع حل الصراع الفلسطينيين الاسرائيلي على سلم اولويات البيت الابيض كما فعل اوباما بالضبط مع تجاهل انتقاد اسرائيل وممارساتها الاحتلالية العنصرية , هذا الرجل قد يكون سببا وقد لزعزعة الاستقرار في الداخل الامريكي ويثير موجات من الكراهية ضد شعبها في كل مكان بالعالم وليس العالم العربي بل في اوروبا بالإضافة لزعزعة الاستقرار في المنطقة العربية من خلال تجاهل حل الصراع والتعامل مع الاسلام السياسي كحركات ارهابية تتطلب القضاء عليها وليس ادارتها كما تفعل الادارة الحالية.

غضب الامريكان شيء مبرر ولهم الحق في مزيد من القلق علي بلادهم والوجهة التي سيأخذها ترامب اليها ,الامر تعدي القلق ليصل الى الخوف الشديد على مستقبل امريكا و استقرارها وامنها واقتصادها لان ترامب سوف يقود تغيرا اقتصاديا يقصد به مصلحة امريكا يؤدي في النهاية الى انهيار العلاقات التجارية مع العديد من بلاد العالم المصنعة للخامات و المصدرة للسوق الامريكية ويخشي الأمريكيين اكثر على العلاقة السياسية مع باقي دول العالم و خاصة دول منطقة الشرق الاوسط واهتزاز سوق النفط بناء على ذلك مما قد يكلف واشنطن مليارات الدولارات الاضافية لمحاولة سداد الخلل في السوق , اما فرحة اليمين الحاكم في اسرائيل فهي فرحة لا اعتقد انها ستدوم مع ان نتنياهو وغيرة يعتقدوا ان ترامب هو صديق حقيقي لإسرائيل وسيخفف الضغط عليها بشان الاستيطان لكن لم يضعوا في الحسبان ان قيمة المساعدات الامريكية لإسرائيل ستتناقص اذا ما حلت بأمريكا ازمة اقتصادية وسوف تشتعل المنطقة اكثر في ظل اسقاط حل الدولتين وصمت واشنطن على ذلك بالإضافة الى حالة التسويف الامريكية للحلول العادلة للصراع واذا ما نجحت امريكا في افشال مؤتمر باريس واخراجه عن سياقه الصحيح ليصبح مؤتمرا بلا فاعليه وقراراته مجرد فرقعة في الهواء ليس اكثر , لا اعتقد ان ترامب قد يفكر في نتائج عدم رعاية واشنطن بعدالة لعملية السلام على انها ستكلف اسرائيل الكثير من امنها واستقرارها واقتصادها وقبولها في المجتمع الدولي ولن تستطيع ساعتها واشنطن انقاذ اسرائيل بكل اموال ترامب او حتى اموال البيت الابيض.

بقلم/ د.هاني العقاد