الشهيد القائد الكبير طلعت يعقوب اسمه سيبقى محفورا في ذاكرة المناضلين

بقلم: عباس الجمعة

القائد الشهيد طلعت يعقوب الامين العام لجبهة التحرير الفلسطينية قائداً، ثورياً،مناضلاً، رمزاً،عنواناً، لفلسطين التي احبها، فكان بجرأته العالية،وصلابته وثباته على المباديء والثوابت، وطهارته ، بكل هذه الصفات وسيبقى اسمه وتاريخه محفورين في أعماق أعماق الذاكرة والوجدان الشعبي الفلسطيني والعربي،وسيبقى الملهم والمثل الأعلى للكثير من القادة الثوريين وحركات التحرر العالمية هو ورفاقه القادة العظام الامناء العامون ابو العباس وعمر شبلي " ابو احمد حلب " .

الشهيد القائد طلعت " نافذ يعقوب " في كل سجاياه ومزاياه وتجاربه الإنسانية والثورية والنضالية والكفاحية،هو مدرسة بحد ذاته ،بالضرورة أن يعكف على دراستها ،كل الثوريين من حركة التحرر العربية واحرار العالم ، فهو قائد متواضع احبه الشعب الفلسطيني كما احبته القوى اوالاحزاب الفلسطينية ، ناضل في مختلف المواقع النضالية، حتى تاريخ استشهاده .

كان للشهيد مواقف ثابتة في تقييمه ورؤيته لجوهر الصراع الفلسطيني العربي – الصهيوني ، كان قومياً عربياً بتفكيره ومناضلاً صادقاً صلباً من أجل العودة إلى فلسطين، يتمتع بإرادة قوية لا تلين تاركاً أثراً بالغاً لدى رفاقه ومحبيه.

الشهيد القائد طلعت يعقوب كان يلازم رفيقه وصديقه الشهيد القائد ابو العباس، فهو يحاسب ويمعن في المحاسبة، وينتقد ويوغل في النقد ، فكان دائما يقول أن الذي لا يعرف المحاسبة والنقد لن يعرف الطريق الصحيح إلى فلسطين ، تعلّمنا منه أشياء كثيرة، أراد أن يبرهن أن مَنْ يتساهل في الأمور الصغيرة يتساهل، لاحقاً، في أمور كثيرة، وأن من لا يكون صادقاً مع ذاته ومع الآخرين، لا يكون صادقاً في الدفاع عن القضية التي ينتسب إليها.

كان ذلك الرجل في صبره يجسّد وحدة ضرورية بين السياسة والأخلاق، وبين الأخلاق والعمل التنظيمي، كان إنساناً يعيش الحال الفلسطيني ويناضل فيه بلا انقسام ولا انفصام، لهذا لم يكن ينظر إلى خصمه السياسي، في الساحة الفلسطينية، بمنظور الكراهية والاتهام والتصغير، بل بمنظور انه لا بد من حوار الاخر، لأن الجميع نحمل هم فلسطين ، كان يفكر ويتأمل الوضع الفلسطيني، وأن يحاور الكثيرين، أحياناً، إذا أراد معالجة قضية ، يعالجها بمسؤولية أخلاقية ووطنية، حين تشتد الأزمات، باحثاً عن حل لقضايا لا حل لها، ولأخرى قابلة للحل.

طلعت يعقوب كان دائما يحمل هم المناضلين في الجبهة فلم يترك موقعا والا وكان فيه يتفقد الجميع ، كما كان رفاقه القادة ابو العباس وسعيد اليوسف ، ولا تزال، فهو شكل صفحة مضيئة في التاريخ اليوم بكل تأكيد يكملها أجيال الانتفاضة الذين يرسمون خارطة فلسطين بدمائهم ، مؤمنين بالحق والعدالة وتحرير الارض والانسان .

رحل القائد الشهيد عام 1988 في دورة المجلس الوطني الفلسطيني التوحيدي بعد ان اطمئن للجبهة ووحدتها وتكاتفت ايدي الشهيد القائد الامين العام طلعت يعقوب والشهيد القائد الامين العام ابو العباس ، كأن لا أحد يتنبه لسطوة الزمن ودوران الأفلاك وانطواء الأيام. هكذا تجرف

الأحداث الذاكرة، لكنها لن تستطيع أن تهيل عليها ركامها، لأن الشهيد القائد طلعت يعقوب هو شوط أصيل في سلسلة طويلة من الشهداء فترجل عن صهوة حصانه بعد ازمة قلبية حادة ، كأنه كان يفتش عن مستقر لأوجاعه، وكان يعرف أن الفلسطيني مرصود للهجرات الدائمة، إلا أن وجيف قلبه لم يهدأ إلا في مثوى شهداء فلسطين في اليرموك.

الشهيد القائد طلعت اسمه يرمز إلى الشهداء العظام، خصوصا الشهداء القادة العظام الرئيس الرمز أبو عمار، والحكيم ، وابو العباس ،وابو احمد حلب ، وابو علي مصطفى، وسليمان النجاب، وخالد نزال، فهو أعطى مثالا على صدق القائد ، وبالتالي هو قدم االغالي من اجل حرية الشعب الفلسطيني ، هذا الشعب العظيم الذي قدم تضحيات كبيرة تشكل عبئا وواجبا على الاحياء للإخلاص للأهداف التي ارتقى من أجلها الشهداء

وعندما نعود الى مواقف الشهيد القائد طلعت يعقوب الذي اكد فيها على اهمية الحفاظ على مسيرة الثورة الفلسطينية، لأن الجمهور العربي، اينما كان، يرى بأن قضية فلسطين بالنسبة له مثل قضية الخبز،وواجب الثورة الفلسطينية ان تحدد بوضوح كيف يكون موقف الاسناد، ومن خلال توضيحها لموقف الاسناد تحدث عملية الفرز، يظهر الصالح من الطالح، تتحدد القوى الرجعية او العاجزة، من حقنا أن نطالب بالدعم الكامل للثورة الفلسطينية لتلبية كافة متطلباتها، لماذا لا نعلو صوت الثورة الفلسطينية يوميا، وباتجاه هذه المطالب المشروعة لكي يتضح زيف وعجز بعض المواقف العربية الرسمية منها بشكل خاص، وحتى نضع هذه المقاييس، ونحاكم كل دولة عربية من خلال هذه المقاييس.

واليوم بعد ثمانية وعشرون عاما على رحيل القائد الشهيد ، نقول للاسف ما نراه يخيب آمال وطموحات الشعوب وخاصة الشعب الفلسطيني في ظل هجمة امبريالية صهيونية تدعم القوى الارهابية بهدف اعادة رسم خارطة المنطقة ، الا ان ارادة صمود الشعوب العربية ومقاومتها تتصدى لهذه الهجمة الاستعمارية ، بينما بعض العرب يطبع علاقاته مع كيان الاحتلال ، على حساب مقاومة وانتفاضة الشعب الفلسطيني المتواصلة والتي تشكل رداً على ما يتعرض له الشعب الفلسطيني من جرائم بشعة، وعملية قمع وممارسة عنصرية تستهدف طمس هويته الوطنية وحقه في الاستقلال والحياة الكريمة.

وامام كل ذلك وفي ذكرى الشهيد القائد نؤكد وانطلاقاً من مضامين المشروع الوطني ، أن انتفاضة شابات وشباب فلسطين والمقاومة الشعبية ضد الاحتلال، ترسم نضال متواصل من أجل تحقيق حلم الشعب الفلسطيني في الحرية والاستقلال والعودة.

ومن هنا نقول إن هذه الانتفاضة هي بحاجة الى انهاء الانقسام الكارثي والتعامل مع جهود إنجاز المصالحة وتعزيز الوحدة الوطنية ضمن اطار منظمة التحرير الفلسطينية والعمل على اجراء مراجعة نقدية جريئة لمسيرة شعبنا السياسية و استخلاص العبر من الأخطاء، وصولاً لدعم وإسناد الانتفاضة الشعبية، والثقة بقدرة الشعب الفلسطيني والطاقات التي يمتلكها على دحر الاحتلال وتحقيق النصر .

ختاما : الشهيد القائد طلعت يعقوب كان مزيجاً من الحالم والمناضل والقائد السياسي، والامين العام ، فكانت سيرته النضالية طويلة جد، وستظل انجازاته ملهما لابناء الجبهة والثورة

والانتفاضة والمقاومة ، مسيرة طويلة من النضال والعطاء والتضحية تكللت بالشهادة، وسيرة نبيلة وعطرة جعلته يتبوأ مكانة كبيرة في التاريخ الوطني الفلسطيني وفي قلوب الفلسطينيين، ويكون علامة بارزة في العطاء والفداء.

بقلم/ عباس الجمعة