آلمني ذلك المنظر الذى رايته اليوم لشاب لم يتجاوز العشرين من عمره ، متجندلا برصاصة في القلب ، اطلقت عليه من رصاصة جندي صهيوني حاقد ، ومزق قلبي صراخ أمه وذويه ، وكل ذنبه انه اراد ان يوجه حجارته اولاً للانقسام البغيض ، وثانيا للاحتلال الراعي للانقسام بخبث ممنهج ، حجارة لا تصلهم والشباب لم يكن بمقدورهم أن يشكلوا أي خطر على الجنود الاسرائيليين.
في غزة اصبح ديدن الشباب الذين نشأوا في قطاع معزول عن العالم ، وترعرعوا وسط وحل الانقسام والبطالة والفقر والحاجة ، وزيف الشعارات والوعود الديماغوجية ، لم يجدوا مرتعا للتنفيس عن كرههم للانقسام والاحتلال إلا التوجه الى الحدود الشرقية ، وهم عزل ليموتوا بالمجان ، رامين بأنفسكم إلى التهلكة، في ظل تبدل المفاهيم واشكال المقاومة ، فالاحتلال صنف شكل المقاومة في غزة بناءً على الحروب الثلاث السابقة ولا يمكن أن نتحدث عن مظاهرة سلمية في مواجهة دبابة اسرائيلية، فالموضوع يختلف عن ردة فعل الاحتلال مع مظاهرات الضفة الغربية ، ففي غزة الامر اصبح مختلف وموازين القوى ايضا تختلف ..
باعتقادي ان ما يحدث اليوم على حدود غزة الشرقية ، واخص بالذكر حدود مخيم البريج ، تحت مسمع ومرأى المسئولين ، كأنهم يدفعون بالشباب إلى الموت ، او الانتحار ، او الاصابة بعاهات مستديمة ، او شلل نصفى ، او عمى كلى ، دون إحراز أي نتائج، فغزة اصبحت بعد خطة الانسحاب الشارونية من جانب واحد ليست نقطة تماس مباشرة بين الشبان الغاضبين الثائرين بالفطرة الفلسطينية والقوات الاسرائيلية، ولا تصلح لأي مواجهات بالحجارة مع جيش الاحتلال، كما كان الامر ابان الانتفاضة الكبرى 1987م ، وما يحدث لا يفسر الا ضمن منطق وكأننا في قطاع غزة نرمي بأنفسنا للتهلكة دون أي حسابات عقلية واعية ..
ان ما يحدث من زج شبابنا الى الحدود الشرقية دون هدف ولا التحام مباشر مع الاحتلال ، بل مجرد تعبير عن رفض وغضب والقاء حجارة في الهواء على بعد اكثر من كيلومتر مربع ، وقيام القناصة الحاقدة باصطياد ما تراه مناسبا ، لا يفسر الا ان احزابنا وبعض من منظريهم الاشاوس يلقوا بهم الى المحرقة ..
فهل أصبحت الفصائل تبحث عن تجميع في اجندتها وصفحاتها الخاوية عن عدد أكبر من الشهداء، لتضمن استمرارها وبقائها ،أم شهدائنا الذين تم ذبحهم بدم بارد لم تصل رسالتهم بعد ..
الم تعي فصائلنا والحكومة في غزة بعد ان الاشتباك مع العدو بحاجة لتخطيط و إدارة على مستوى عالي، حيث لا حاجة لنا بالمزيد من الخسائر في الأرواح على حساب أفكار فئوية وحزبية ضيقة لا ترتقي لمستوى تحرير الإنسان والوطن
تأسيسا لما نزف به قلمي نرى اننا في قطاع غزة بحاجة إلي انتفاضة على الذات أولاً ومن ثم الانتفاض في وجه العدو الاسرائيلي ..
بقلم د ناصر اسماعيل اليافاوي