إنسانية السياسي وثقافة التغيير

بقلم: زهير عابد

أن المتتبع للوضع الراهن في المنطقة العربية وما يحصل لشعبنا الفلسطيني يجد أن حالة الفشل التي لازمت الثورات العربية التي وئدت في مكانها دون شفقة من أحد، نتيجة الصراع السياسي الممزوج بالحقد الطائفي الذي يخيم على المكان، والقتل ورائحة الموت هي العبق الذي يشتمه المواطن العربي المغلوب على أمره،، وسياسيين الأمة لا حياة لهم إلا على جماجم الأطفال وأشلاء النساء.

وفلسطين ليس ببعيدة عن عمقها العربي فهي القضية المركزية التي تبناها، ويدافع عنها، ولكن الخلايا المريضة لا تستطيع إلا أن تمرض الخلايا المجاورة لها، والآن هو حال شعبنا الفلسطيني فالعدوى انتقلت إليه بعد أن أنقسم العرب على انفسهم في كل محافلهم، فالانقسام أصبح يخيم على جميع النواحي السياسية والاجتماعية والتعليمية في فلسطين، كما هو حال الأمة العربية التي انقسم اليمن إلى يمنيات والعراق إلى طوائف وولايات، وسوريا إلى جبهات، وليبيا إلى دولة فاشلة من زعمات.

كما بقيت قضيتنا جامدة في المحافل الدولية ولم تتقدم قدر أنملة، وزادت مشكلات الشعب، من بطالة، وفقرة، وغلاء اسعار، ونقص في المياه والكهرباء، ولم يتم التوصل أو تحقيق أي حل لقضيتنا وكل ما تم تحقيقه هو السلام المزعوم والتنسيق الأمني مع الاحتلال بدون مقابل سياسي، مع تزايد اليؤر الاستيطانية والتوسع الاستيطاني في كل مكان في الضفة.

وما زاد الطين بله ظهور الخلاف والانشقاق في الصف الفتحاوي إلى العلن، بدون وضع أي رؤية للحل من أجل توحيد الصف الفتحاوي، وما يزيد الألم! ما نشاهده من حالة السكون في المشهد السياسي بكل مكوناته وأطيافه؛ حيث الكل يقف موقف المتفرج على ما يحصل دون إحساس بالمسؤولية أو الشعور بمشاعر الشعب الفلسطيني، والتي اتاح للذين لا وجود لهم والصغار ليكونوا في صف الكبار، ويريدون أن ينصبوا انفسهم على الشعب وأصبحوا يتحدثون باسمه، تباً للسياسة التي جاءت بهم إلى سوقها.

ناهيك عن الإجراءات القمعية التي تمارس ضد حرية الرأي والتعبير أو الانتماء السياسي، من خلال العقوبات اللاإنسانية التي تتخذ ضد من يخالف سياساتهم، وتعذب الشعب وتعمق الخلاف، وخلق الطائفية الحزبية، ولا يوجد في جعبتهم إلا التهديد والوعيد بالمزيد من الضغوط والإجراءات القمعية ضد تعليماتهم، ووضعوا الرجل المناسب في المكان الغير مناسب لتدمير المؤسسات.

والهم الوحيد عندهم في كيفية السيطرة والحفاظ على الكعكة التي تقاسموها مع توفير بيئة مريحة لهم ولأبنائهم، أننا نعيش في مهزلة التاريخ من وراء هؤلاء المتمكنين فينا، ولا يراعون شعورنا أو ينظرون إلينا بفتحة خرم الإبرة من عين مفتوحة ربع فتحة أو مغلقة، أنهم لم يتركونا نعيش بسلام، وافقدونا وأفقدوا قضيتنا زخمها السياسي على جميع الأصعدة والمستويات.

الغريب أننا نجد المهليين والمصفقين والمنافقين والمسوقين لأفعال هؤلاء دون تفكير أو بصيرة، وإنما باندفاع وتحريض وحث هؤلاء الموتورين على معاقبة الشعب، وكأنهم خارج دائرة الشعب ولا ينتمون إليه، هم كالمرتزقة والمرتشين والعبيد لهؤلاء لا هم لهم إلا في كيفية تحقيق أهدافهم ومصالحهم الدنيئة على حساب مصلحة الشعب والقضية. وفي هذ السياق والوضع اللا إنساني نجدد النداء لكل من يهمه أمر الشعب الفلسطيني، وأن يصحوا من غفوتهم كي لا يطول الانتظار فالشعب مل منهم ومن أفعالهم، والخوف من القادم أن نصحوا على واقع مرير يأكل الأخضر واليابس.

وهنا يأتي دور النخب السياسية والمثقفين في حركة التغيير التي يجب أن تواكب التطورات الجارية والعمل على وضع الرجل المناسب في المكان المناسب قبل فوات الأوان، وتصبح مؤسساتنا الوطنية أسيرة بأيدي أشخاص يتفننون في إلحاق الأذى بالموطنين، وفي تدمير ما تبقى من مؤسسات الوطن.

بقلم/ زهير عابد