توفي فيدل كاسترو "اب الثورة الكوبية" في هافانا عن تسعين عاما، كما أعلن شقيقه راوول الذي خلفه في السلطة عام 2006.
وقال راوول كاسترو عبر التلفزيون الوطني، اليوم السبت، "توفي القائد الأعلى للثورة الكوبية في الساعة 22.29 مساء الجمعة".
نبذة:
ولد دل أليخاندرو كاسترو في 13 أغسطس 1926 وترعرع في كنف والديه المهاجرين من إسبانيا والذين يعدون من المزارعين. تلقى تعليمه في المدرسة التحضيرية، وفي عام1945م، التحق بجامعة هافانا حيث درس القانون وتخرج منها عام 1950م. ثم عمل كمحامي في مكتب محاماة صغير وكان لديه طموح في الوصول إلى البرلمان الكوبي إلا أن الانقلاب الذي قاده فولغينسيو باتيستا عمل على إلغاء الانتخابات البرلمانية المزمع عقدها. وكردة فعل احتجاجية، شكّل كاسترو قوّة قتالية وهاجم إحدى الثكنات العسكرية وأسفر هذا الهجوم عن سقوط 80 من أتباعه وإلقاء القبض على كاسترو.
حكمت المحكمة على كاسترو بالسجن 15 عاماً وأطلق سراحه في مايو 1955م، ونفي بعدها إلى المكسيك، حيث كان أخوه راؤول ورفاقه يجمعون شملهم للثورة، وكان قد التحق إرنستو تشي جيفارا بالثوار ليتعرف على فيديل كاسترو ويصبح جزءا من المجموعة الثورية.
و على متن قارب شراعي، أبحر كاسترو ورفاقه من المكسيك إلى كوبا وسُميت زمرته بحركة ال 26 يوليو، ولم يعرب كاسترو عن خطه السياسي رغم قيامه بتأميم الأراضي في المناطق التي سيطر عليها الثوار، لكن بعد إنتصار الثورة قام بتكليف أحد الرأسماليين الذين تبنوا لفكر الرئيس الأميركي توماس جيفرسون والرئيس أبراهام لينكن، وذلك لتفادي أي هجوم أميركي على الثورة البكر كما حدث في غواتيمالا، وبعد أن سيطرت الثورة على كوبا كاملة بدأ بتأميم كل الصناعات المحلية. والمصارف وتوزيع ما تبقى من الاراضي للفلاحين.
تحرك كاسترو عسكرياً مع ما يقارب من ثمانين رجلا في 2 ديسمبر 1956 واستطاع 40 من مجموع الـ 80 رجل الانسحاب إلى الجبال، بعد أن تعرضوا لهجوم غير متوقع من جيش باتيستا عند روهم على الشاطيء ودخولهم كوبا ،وعمل على ترتيب صفوفه وشن حرب عصابات من الجبال على الحكومة الكوبية. وبتأييد شعبي، وانضمام رجال القوات المسلحة الكوبية إلى صفوفه، استطاع كاسترو أن يشكل ضغطاً على حكومة هافانا مما اضطر رئيس الحكومة ورئيس الجمهورية إلى الهرب من العاصمة في 1 يناير 1959 على إثر إضراب عام وشامل جاء تلبية لخطاب فيديل كاسترو وثم دخلت قواته إلى العاصمة هافانا بقيادة ارنستو تشي غيفارا حيث كان عدد المقاتلين الذين دخلوا تحت إمرة غيفارا ثلاثمائة.
في أبريل 1961 وقع غزو خليج الخنازير والذي كان عبارة عن محاولة انقلابية من قبل وكالة المخابرات المركزية والتي انتهت بالفشل. استقال فيديل كاسترو من رئاسة كوبا ومن قيادة الجيش في 18 شباط 2008 بعد صراع دام 19 شهرا من المرض وقد تولى شقيقه راؤول كاسترو زمام السلطة في كوبا.
كوبا وفلسطين:
كانت كوبا الدولة الأمريكية اللاتينية الوحيدة التي صوتت ضد قرار تقسيم فلسطين الصادر عام 1947. وقد أوضح مندوبها في الأمم المتحدة في ذلك الوقت أنه "يقف موقف المعارضة من مشروع التقسيم رغم الضغط الذي وقع على حكومته".
الموقف الكوبي المتميز لم يكن يعبر عن سياسة مستقرة للحكومة الكوبية تجاه القضية الفلسطينية. فسرعان ما عادت كوبا بفعل الضغوط الأمريكية إلى حظيرة الدول الأمريكية اللاتينية الموالية للخط الأمريكي تجاه هذه القضية، واستمرت الحال هكذا حتى سقطت حكومة باتيستا وجاءت الحكومة الثورية بزعامة فيدل كاسترو عام 1959.
وتبلور الموقف الكوبي المناصر للقضية الفلسطينية تدريجياً بعدما انضمت كوبا إلى حركة عدم الانحياز التي حددت موقفها من القضية إيجابياً منذ البداية. وقد تفردت كوبا من بين دول أمريكا اللاتينية بشجب العدوان الإسرائيلي صبيحة الخامس من حزيران 1967 وطالبت بانسحاب (إسرائيل) الشامل والناجز من الأراضي المحتلة.
بتاريخ 26/7/1970 دعيت منظمة التحرير الفلسطينية لأول مرة لحضور احتفالات أعياد الثورة الكوبية. وبعد أن تحققت وحدة فصائل المقاومة عام 1972 أدرك القادة الكوبيون أن نضال الشعب الفلسطيني نضال مشروع لتحرير واستعادة الأرض والحق المغتصبين وأنه جزء من كفاح الأمة العربية ضد الامبريالية العالمية.
وفي عام 1972 ذاته صادرت السلطات الكوبية المركز الثقافي الإسرائيلي في هافانا وكانت تبث منه الدعاية الصهيونية المضللة. وظلت البعثة الإسرائيلية الدبلوماسية بعد ذلك التاريخ موكلة إلى دبلوماسي برتبة سكرتير أول إلى أن أعلن فيدل كاسترو بتاريخ 9/9/1973 في مؤتمر القمة الرابع لدول عدم الانحياز المنعقد في الجزائر قطع العلاقات الدبلوماسية مع (إسرائيل). وبهذا كانت كوبا أول دولة في القارة الأمريكية تقطع علاقاتها الدبلوماسية بالكيان الصهيوني.
توالت مظاهر التأييد والدعم الكوبي للقضية الفلسطينية. وتجلى ذلك بزيارة وفد منظمة التحرير الفلسطينية برئاسة القائد الراحل ياسر عرفات لكوبا من 14-17/11/1974، وبإقامة مكتب دائم لمنظمة التحرير في هافانا، وبالبيانات المشتركة المتتالية التي كانت كوبا طرفا فيها، وبتصريحات القادة الكوبيين وخطبهم، وبموافق كوبا المؤيدة في منظمة الأمم المتحدة أو خارجها للحقوق الثابتة للشعب الفلسطيني ومنها حقه في تقرير المصير والعودة وإقامة دولته المستقلة في فلسطين، وبإدانات كوبا المتكررة للصهيونية العنصرية وتنديداتها بالممارسات الإسرائيلية في الأراضي العربية المحتلة، وبمساندتها لكفاح منظمة التحرير الفلسطينية باعتبارها الممثل الشرعي والوحيد للشعب الفلسطيني. وقد ظهر كل ذلك بوضوح في المؤتمر الأول للحزب الشيوعي الكوبي المنعقد في هافانا (17-22/12/1975).