تذكير، إن نفعت الذكرى

بقلم: محمد أبو مهادي

أعلم أن عدد كبير من المشاركين/ات في حفلة عباس، يشاركون بغرض الحصول على تصريح مرور للضفة الغربية، المؤتمر بالنسبة لهم فسحة وإقامة مجّانية في فندق خمس نجوم، آخرون يشاركون طمعاً في كسب ودّ نجل الرئيس وتقبيل يدي "بوبس" حفيد الرئيس حفظه الله ورعاه، عدد آخر يبحثون عن درجة وظيفية حرموا منها، اعتقدوا ان المؤتمر وليمة تؤكل فيه الكتف، قلّة قليلة يعرفها جبريل الرجوب وماجد فرج ومحمود عباس ستحظى بالوليمة كاملة، ستكون معظمها من خارج حركة فتح.

لو راجعتم تركيبة كل المواقع النافذة في الحكومات المتعاقبة أثناء حكم عباس، ستجدون حركة فتح خارج المغانم والقرار والفوائد بالمعني الشخصي والعام، عصابة تحيط بعباس من رجال الأعمال وبعض قادة الأجهزة الأمنية وسماسرة المشاريع الإقتصادية والعقارات، وبعض الساسة الذين لا لون لهم ولا موقف وتربطهم العلاقات الشخصية بالرئيس وعائلته.
مستشار واحد لمحمود عباس تعرفونه جميعاً يقرر أكثر من اللجنة المركزية لحركة فتح، وأكثر من اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير، فقط لأنه يرش الماء على عتبات المقاطعة ليفسد السحر.

فتح خسرت في عهد عباس، خسرت موقفها وتاريخها وريادتها وقدرتها على القرار، وبعد المؤتمر ستكون خسارتها أكبر.
تجديد الشرعية وهم كبير يعيشه عباس والعصابة التي يقودها، فالشرعية التي لا تستند إلى الشعب مصدر جميع السلطات هي شرعية معطوبة لن تدوم، الشرعية غير المستندة إلى فعل متواصل وبرامج وخطط وإلتزامات وعلاقة حيّة متفاعلة وشريكة مع الناس هي شرعية زائفة لن يحترمها أحد أو يتعاطى مع نتائجها.

هل تذكرون؟
عباس الذي سلّم قطاع غزة إلى حركة حماس على مرحلتين، وتحت عنوان الإنتخابات، وعد الناس بالخلاص من حكم حماس وكان أوّل الفرحين بذلك التسليم، ليرضي نزعات الإنتقام الشخصي ويضعف حركة المعارضة له داخل حركة فتح، هو الذي عاقب فتح لأنها خرجت بمليونية الإنطلاقة في ساحة السرايا وعين لها قيادة زرعت بين أعضائها فتنة تنمو لن تموت.

عباس حرم عوائل الشهداء من مخصصاتهم المالية، وقطع رواتب المناضلين وأوقف علاوات الموظفين، وقتل المرضى على أسرّة المشافي في وقت ينعم هو وحاشية بكل مقدرات السلطة والمال، ترك المتعطلين العمل يواجهون الحياة بلا أمل، يكفي أن أقول ان عدد الموظفين في قطاع غزة تراجع من 77 ألف موظف إلى أقل من 50 ألف موظف خلال عشر سنوات، ولم يسجل على نفسه أن قام بتوظيف شخص واحد من أبناء غزة التي تغرق بالدماء والفقر والبطالة.

فليذكرني أحد إن قام عبّاس بزيارة واحدة إلى مخيمات اللاجئين في غزة والضفة والشتات، بموقف بطولي واحد لحظة إحراق عائلة مثل عائلة دوابشة على أيدي المستوطنين، بل إحراق غزة بمن فيها على أيدي مجرمي الإحتلال.

من منكم شاهد عباس يشارك في جنازة شهيد لنغفر له المشاركة في جنازة المجرم شيمعون بيريز؟
من منكم شاهده يفتتح جامعة أو مدرسة أو مشروع تنموي، بقدر حرصه على عمل شركات النهب التي يديرها أبناؤه وبقية عصابة النهب من المال العام، لقد صمت عن أزمة جامعات عريقة مثل جامعة بيرزيت وأبو ديس وغيرهما، في وقت زادت فيه عشرات الأضعاف موازنة مكتب الرئيس وحرس الرئيس وحاشية الرئيس، وحتّى "الفتّاحين" في مكتب الرئيس.

سمعتم أن مشفاً لعلاج مرض السرطان سيفتح، هل يعلم أحدكم أين ومتى وكيف؟ وأين أموال التبرعات التي جمعت لأجله؟ سمعتم أن حكومة ستقوم بمهام إعمار غزة وشاركت في مؤتمر إقتصادي لإعادة إعمار غزة جمعت فيه المليارات وبقيت العوائل المشردة بفعل الحرب تبكي على أطلال منازلها.
كيف يمكن الجميع بين مهام رئيس يسعى لحرية شعبه وهو يمارس أبشع وسائل العقاب الجماعي بحق الناس، ليست غزة وحدها، شريكتها مخيمات لبنان وسوريا والضفة وكل المناطق المهمشة.

كيف يمكن الجمع بين أخلاقيات الثائر ونزعات الناقم في عقل رئيس يستهوي تجنيد الخصوم له وللشعب الفلسطيني بتصرفات غير محسوبة، حرصه الوحيد الأكيد على إرضاء الإحتلال، حتّى لو تطلب الأمر تفتيش حقائب الأطفال أثناء ذهابهم إلى مدارسهم؟ ألم يجاهر بقول ذلك؟
يا أبناء فتح، ويا أبناء الشعب الفلسطيني، ويا كل الأحرار:
التاريخ لن يرحم صمتكم وخوف بعضكم، وسيذكر حرص المتمردين منكم، إسألوه عن نتائج المفاوضات وحجم التوسع الإستيطاني ولماذا تراجع عن شرط وقف الإستيطان قبل لقاء رئيس حكومة الإحتلال "بنيامين نتنياهو"، إسألوه لماذا تداهم كل مناطق الضفة والقدس وتشن عدة حروب على قطاع غزة ويستمر التنسيق الأمني مع الإحتلال، إسألوه عن أموال صندوق الإستثمار وما هي طبيعة الإستثمارات وأين ومن المستفيد منها، إسألوه عن علاقة أبناءه بحركة فتح وبالنضال الوطني، ولماذا يشاركون في مؤتمر لحركة تحرر لا علاقة لهم بها، وأخبروه أنكم تريدون مؤتمر لحركة سياسية وليس مسابقة لبرنامج غنائي يبث على الفضائيات.

عباس وعد الجميع بأن يذهب إلى محكمة الجنايات الدولية، سعياً لمحاكمة مجرمي الإحتلال، واذ به يحاصر المحاكم والقضاء الفلسطيني، يعزل ويعين ويصدر المراسيم لمحاكمة خصومه السياسيين، ويهدد المجلس التشريعي المنتخب، يفصل نواب ويطلق النار على أخرين، ويرسل قوات لمداهمة مخيمات اللاجئين كانت تختبئ مع أوّل دورية لجيش الإحتلال تبلغها بنية المرور لتنفيذ عملية ما بحق منطقة أو مناضل أو بيت مناضل.

إسألوه وسائلوه كيف أصبح رفاق الدرب أعداء، ولماذا كل هذا الإستعداء، لماذا يشغل الشعب بكل هذه التفاصيل المميتة ويهرب من مواجهة الحقيقة التي أعلنها مرة وقال أنه يرزح تحت بساطير الإحتلال.

بقلم: محمد أبو مهادي

[email protected]