في ظل التطورات الراهنة يأتي انعقاد المؤتمر السابع لحركة فتح ، في ظروف فلسطينية وعربية ودولية بالغة الدقة والحساسية، وفي واقع نشاهد فيه حالة استسلام رسمية شبه كاملة, اذ بات واضحاً مدى الاستعداد للاعتراف بهذا الكيان ليس على صعيد اغلبية الدول العربية .
وفي هذا السياق نؤكد ان حركة "فتح" ا حركة واسعة، لدرجة أنه سبق أن قيل في الماضي إن كل فلسطيني لا ينتمي إلى فصيل آخر هو جزء من حركة "فتح"، فهذه الحركة الرائدة هي حركة الشعب الفلسطيني التي جسّدت الوطنية الفلسطينية، والتي اتسعت للتيارات الوطنية والقومية والدينية واليسارية، واليوم أصبحت حزب السلطة الوطنية ، ولكن الخوف على حركة فتح بعد اصبح اغلبية أعضائها يعتبرون انفسهم موظفون، وهذا الامر يؤثر على حركة الشعب الفلسطيني.
ومن هنا نأمل ولا يزال لدينا بصيصٌ من الأمل أن يكون المؤتمر السابع لاستنهاض صاحبة الطلقة الاولى التي تحمل المشروع الوطني حركة التحرير الوطني الفلسطيني "فتح" بوصفها حركة تحرر وطني، ونحن نتطلع ايضا ان يكون المؤتمر مراجعة التجربة الفلسطينية، خصوصًا منذ اتفاق أوسلو ، لجهة استخلاص الدروس والعبر، ومن أجل وضع البرنامج السياسي القادر على تغيير الواقع ومستلزماته الراهنة.
ان فلسطين بحاجة الى وحدة الصف الفلسطيني من قبل حركة "فتح" ومختلف الفصائل ، لأن القضية الوطنية تواجه مخاطر كبرى ، ومطلوب عدم تضييع الوقت من خلال وقفة مع الذات في ظل تصاعد الانتفاضة والمقاومة الشعبية التي شقت طريقاً جديداً للخلاص الوطني وصولاً لتحقيق اهداف شعبنا في العودة وتقرير المصير والدولة الوطنية الفلسطينية المستقلة كاملة السيادة وعاصمتها القدس .
في ظل هذه الاوضاع نؤكد ان حركة التحرير الوطني الفلسطيني "فتح" رائدة الحركة الوطنية الفلسطينية، وعمودها الفقري، حيث إستطاعت عبر مسيرتها النضالية ، أن تبقى على مستوى التحدي الذي يفرضه العدو الصهيوني على الشعب الفلسطيني والأمة العربية، إستناداً إلى مبادئها وأهدافها الواضحة والمحددة والتي تكرس الفكر الوطني الجامع للشعب الفلسطيني ضمن اطار منظمة التحرير الفلسطينية، باعتبارها جزء من حركة التحرر العربية ، وجزءاً لا يتجزأ من حركة التحرر العالمية ضد الإستعمار والتمييز العنصري، فمثلت رأس الرمح في مواجهة المشروع الصهيوني ، المدعوم من قبل القوى الإستعمارية، وقد مثلت مبادئ حركة "فتح" وأهدافها حصانة للمشروع الوطني الفلسطيني ، كما مثلت الدرع الواقي للشعب الفلسطيني وحافظت عليه من الذوبان أو التصدع والتفكك في ظل التحديات التي باتت تعصف بالمجتمعات العربية، وتهدد وحدتها الوطنية وما ينتج عنها من إنشقاقات، تصل إلى حد تفكك الدول، من هنا تبرز أهمية الفكر الوطني الذي استندت إليه حركة التحرير الوطني الفلسطيني "فتح" في نضالها الدؤوب، ومواجهة الهجمة العدوانية.
امام كل ذلك نأمل أن يكون مؤتمر "فتح" هو المقدمة لإعادة الروح، والفاعلية لتفيعل وتطوير منظمة التحرير الفلسطينية ومؤسساتها على ارضية شراكة وطنية ، كي تأخذ كافة فصائل المنظمة دورها في قيادة العمل الوطني وعلى كافة المستويات، كإطار جبهوي تمثيلي، يمثل الشعب الفلسطيني بكافة أطيافه السياسية، وكافة أماكن تواجده في الوطن وفي الشتات.
لذلك نريد ان نرى حركة فتح التي قادت النضال الفلسطيني شعلة مضيئة، وان يخرج مؤتمرها بقرارات مهمة على المستوى الوطني تقديرا لآلاف الشهداء والأسرى وعائلاتهم الذين ضحوا بحياتهم وأجمل ايام شبابهم من اجل التحرير وتحقيق الحرية والاستقلال والعودة وفي مقدمتهم الشهداء العظام الرئيس الرمز الشهيد ياسر عرفات وامير الشهداء ابو جهاد الوزير وكل الشهداء القادة العظام ، وحتى تبقى حركة 'فتح' الرقم الصعب فعلاً.
ختاما : لا بد من القول ، نحن لا نشك ان للحظة واحدة بقدرة حركة فتح على تجاوز الصعاب ، من خلال مؤتمرها السابع الذي هو محط أنظار الشعب الفلسطيني والأشقاء والأصدقاء لمواجهة إستحقاقات وتحديات المرحلة التي تواجه الشعب الفلسطيني وقضيته.
بقلم/ عباس الجمعة