نقلت صحيفة "هآرتس" الإسرائيلية عن وثائق سرية رسمية تتعلق بسياسة الحكومة الإسرائيلية قبل 60 عاماً محفوظة الآن لدى مركز أبحاث "عكفوت - متابعات"، أن مؤسس الدولة العبرية ورئيس حكوماتها الأولى دافيد بن غوريون كان على وشك إعلان فرض القانون الإسرائيلي على شبه جزيرة سيناء وقطاع غزة، أي ضمهما رسمياً إلى الأراضي الإسرائيلية، وذلك غداة احتلالهما خلال العدوان الثلاثي (الفرنسي - البريطاني – الإسرائيلي) على مصر، والذي بدأ في 29 تشرين الأول (اكتوبر) عام 1956، لكنه تراجع عن الفكرة في اللحظة الأخيرة.
ويلتقي هذا الكشف مع ما تم التلميح إليه في مذكرات بن غوريون ومدير وزارة الجيش في حينه شمعون بيريز بأن بن غوريون كان يعيش أيام نشوة مع احتلال سيناء، وأنه تحدث في الأيام الأولى عن "مملكة إسرائيل الثالثة"، بعد أن تضاعفت مساحتها مع الاحتلال أربع مرات، في رسالة خاصة إلى قائد الجيش في حينه موشيه ديان، ثم أمام الكنيست حين تحدث عن "تجدد مكانة سيناء في هذه الأيام". ووفق الوثائق، فإن بن غوريون اعتبر في حديث لإذاعة الجيش أن سيناء "نقطة محورية في أمننا وسلامتنا الداخلية وعلاقاتنا الخارجية مع العالم وفي الشرق الأوسط". رغم ذلك، كشفت الوثائق أنه رغم "انتشاء" بن غوريون ورغبته في توسيع "مملكته"، إلا أنه عمل حساباً للردود الدولية الغاضبة أصلاً على الاحتلال.
واعتبر المدير العام لمركز الأبحاث "متابعات" ليئور ليفني الوثائق والمراسلات بين بن غوريون من جهة والمستشار القضائي في حينه حاييم كوهين ووزير القضاء، "بداية منظومة علاقات متواصلة بين إسرائيل وقوانين الاحتلال في القانون الدولي".
ومن الوثائق التي تم الكشف عنها وكتبها المستشار القضائي، وثيقة إعلان لوزير الجيش (بن غوريون)، وإن بقيت بلا توقيع المستشار، بأن "أرض شبه جزيرة سيناء هي أراض في حوزة إسرائيل، وأن "كل قانون يُطبق في إسرائيل يُنظر إليه على أنه ساري المفعول في كل منطقة يعتبرها وزير الأمن بحوزة الجيش".
وتؤكد الوثائق أن المستشار القضائي لوزارة الخارجية في حينه شبتاي روزن صعق من الوثائق غير الموقعة، وحذر من أن معنى إعلان "أنها في حوزة إسرائيل" هو فرض السيادة الإسرائيلية عليها "بشكل يتعارض والقانون الدولي، وقد تتسب لنا بمشاكل سياسية معقدة". مع ذلك، اعتبر روزين ضم قطاع غزة قانونياً بداعي أن القطاع جزء من أرض إسرائيل (فلسطين التاريخية")، "لكن تطبيقه على شبه جزيرة سيناء سيؤدي إلى مشاكل قانونية ودولية شديدة". واتفق معه في هذا الموقف المدعي العسكري الرئيسي مئير زوهر.
لكن أحلام بن غوريون لم تستغرق أكثر من يومين، إذ أعلن في السابع من تشرين الثاني (نوفمبر)، أي اليوم التاسع للعدوان، انسحاب إسرائيل من كل الأراضي التي احتلتها.