وداعاً

بقلم: سعيد المسحال

وداعاً فتح... ووداعاً فصائل... ووداعاً لكل القيادات التي تلبس ثياب الثورة على أجسام هدها الزمن وهدتها سياسات (الأمر الواقع) وهدها التفريط الكامن تحت ملابسهم وفي ضمائرهم... فوداعاً لا لقاء بعده للمؤتمرات وكل من يحضرون هكذا مؤتمرات.

الزفة انتهت وانفضت "وتمسكت المريدة بعاداتها وشعاراتها الجديدة"؟ أما القديم فعليه رديم وليذهب إلى الجحيم، بعد أن تحولت كل الفصائل دون استثناء إلى مجرد أحزاب سياسية فاسدة همها الوظيفة وشعارها الاستئثار ورأسمالها التفريط وطبخ الحصى للشعب الجائع إلى العدالة، والجائع للوطن، والجائع للقمة العيش، والجائع للسلاح والكرامة.

ودعوني أسأل: 

1.لماذا لم يقرر المؤتمر أن يطلب من عباس الكشف عن قاتل ياسر عرفات وهو الذي أعلن أنه يعرفه؟!.

2.الساده قادة فتح ما الذي فعلوه محلياً أو عالمياً، وما الذي بذلوه من جهد لتحرير زعيمهم مروان البرغوثي الذي يصارع في سجنه منذ حوالي 15 عاماً، ولم نسمع له من ذكر ثم هم الآن يصوتون له وهم يعرفون أنه لو كان خارج السجن فلربما غالبيتهم لم يكونوا جديرين بحضور المؤتمر من أصله، بل المؤتمر نفسه ما كان ليُعقد بهذا الشكل المهين. 

3.ما هي البطولات التي جعلتهم يصبون أصواتهم صباً لجبريل الرجوب، هل تعرفون عنه ما يجعلكم هائمون في حبه؟!.

4.ما هي (القرارات) التي طال الأمد على استحقاقها فاتخذها المؤتمر التليد بشأن الثوابت الفلسطينية.

5.وأخيراً هل يستطيع أي عضو من أعضاء المؤتمر أن يتذكر "قسم فتح"؟!! ومدى التزامه به؟!!.

رحم الله الصحفية الأمريكية ليونورا استرادالوفاLeonora" Stradalova" ( 1925-2005) التي في عام 1968 كتبت في مجلة "جون أفريك" الفرنسية والمصور المصرية مقالات بعنوان "سيشرق الغد" استعرضت فيها القضية الفلسطينية من منطلق البؤس والاستلاب الذي يعيشه الفلسطينيون، ومن منطلق الثبات والاصرار الذي لا يتزحزح عن تحرير فلسطين... كل شبر من تراب هذه المحبوبة المغدورة التي تمتد من رفح إلى الناقورة ومن النهر إلى البحر. رحمك الله يا ليونورا فلقد قلت في عام 1968 ما لم ينطق به مؤتمر فتح في عام 2016!! لقد أنصفت يا ليونورا شعب فلسطين الذي كان ولا يزال ليس عنده متسع لليأس، ولا لمقولة "ما فيش فايدة"... كلهم يقولون لقد تكالب علينا الأعداء صهاينة ومستعمرون وعرب ومسلمون وزعامات فاشلة، ولكننا جيل بعد جيل لن نستكين وتهدأ نفوسنا... نفوس الأحياء منا والأموات، إلا بعد أن نسترجع كل حقوقنا السليبة وكل ذلك الشريط الأرضي المقدس المسمى فلسطين.

زعاماتنا قد يصيبها الوهن فترضى بالفتافيت "المحتملة"! من بقايا الأمر الواقع فتذهب سفينة عزائمهم لتشق طريقها في رمال الصحراء القاحلة، ويسمون هذا التجديف مفاوضات، ويسمونه صمود ويتصارعون للشرب وإرواء ظمأهم من مياه السراب، بينما الشعب... كل الشعب في أرجاء الأرض فقيره وغنيه، وقويه وضعيفه، وكل فئاته لا تزال أقوى عزيمة وشكيمة، ولم ولن تهزمه كل المصائب فصموده وإصراره بديهي وموروث جيلاً عن جيل. أما هكذا فصائل وهكذا مؤتمرات وهكذا زفة تطلع علينا بين حين وحين فكلها تهمس "كنا ثورة ولم نعد ثورة"  ثم تجعجع الشعارات الفارغة والقزمة بعد أن تحولت إلى قعقعة بلا طحين.

أما أشجار الشعب الفلسطيني فما زالت واقفة وتطلق بذورها لتنبت من جديد في كل بطاح فلسطين، بل وفي كل بطاح الأرض وأرى تحت الرماد وميض جمر، وخلف جدران البؤس أمراً أيما أمر، فمهما تمر السنون ويتكالب المتكالبون ويبغى علينا ومنا الباغون باسم الدين مرة وباسم الواقعية مرات فلن ينتابنا اليأس أو الضعف وسنبقى رافعين راياتنا.

بقلم/ سعيد المسحال