تجربة حماس في الحكم.. أين أصابت وأين أخفقت؟ (2-2)

بقلم: حسام الدجني

الجزء الأول من المقال تناول محطة ما قبل مشاركة حماس في الانتخابات التشريعية الثانية، ونتائجها، والتحديات الفلسطينية والإقليمية والدولية.

أما الجزء الثاني فيتناول إنجازات حركة حماس وإخفاقاتها، ويتطرق إلى استشراف المستقبل عبر محور: حماس والانتخابات المقبلة.

رابعًا: إنجازات حركة حماس

تقويم التجربة لا يمكن عزله عن التحديات التي واجهت حركة حماس، وعلى رأسها الاحتلال والحصار، فمشاركة حماس في الحياة السياسية ساهم في تحجيم الفساد بمؤسسات السلطة الفلسطينية، ورفع من سقف المطالب السياسية الفلسطينية، فتمسك حماس بمواقفها وثوابتها السياسية أهم إنجاز سيكتب عنه التاريخ.

لقد كان باستطاعتها قبول شروط الرباعية الدولية مقابل أن يفرش لها البساط الأحمر في العواصم العالمية، ولكنها رفضت ذلك وحافظت على ثوابت الشعب الفلسطيني، يضاف إلى ذلك مساهمة حماس في إعادة القضية الفلسطينية إلى عمقها العربي والإسلامي، ومزاوجتها بين الحكم والمقاومة.

أيضًا عملت حركة حماس على تسجيل العديد من النجاحات على الصعد كافة، إذ يرى أستاذ العلوم السياسية في جامعة الأزهر البروفيسور ناجي شراب أن حماس استطاعت أن تسجل عددًا من النجاحات خلال تجربتها في الحكم، فقد فرضت الأمن والأمان، وخفضت من مظاهر الفلتان الأمني، وأثبتت مهاراتها في إعادة صياغة اللعبة عن طريق صناديق الاقتراع.

ويلفت إلى أن مشاركة الحركة في الحكم أدت إلى تغيير في بنية النظام السياسي الفلسطيني، واستطاعت أن تتكيف مع البعدين الإقليمي والدولي، ونجحت في ذلك، كما نجحت في تنمية الموارد وترشيدها في ظل الحصار وإغلاق المعابر.

ويضيف الخبير في الشؤون التنموية والسياسية تيسير محيسن: "إن دخول حماس المعترك السياسي غير مكونات قواعد اللعبة؛ كون حركة حماس لاعبًا قويًّا تمكن من كسر هيمنة حركة فتح على النظام السياسي الفلسطيني".

خامسًا: إخفاقات حركة حماس

أخفقت حركة حماس خلال تجربتها بالحكم في أربع محطات: الأولى عندما أخفقت في بناء هياكلها التنظيمية بناءً يتناسب مع حركة تقود شعبًا وتقود مقاومة، والمحطة الثانية عندما استخدمت السلاح في حسم خلافاتها مع خصومها السياسيين، والثالثة عندما فشلت في تشكيل تكتل وطني يساندها في إدارة الحكم، وقد يعقّب بعضٌ ليقول: إن الخصوم السياسيين لحماس رفضوا مبدأ المشاركة السياسية معها؛ لما قد يسببه ذلك من انعكاسات سلبية تمس مصالحهم الحزبية"، والمحطة الرابعة عندما وقع بعض من أقطاب الحكومة التي تشرف عليها حماس في فخ مغريات الحكم، فأصبح هناك صراع خفي على السلطة ومغرياتها، وهذا استفز الرأي العام الذي انتخب حماس التي جاءت من الخنادق ولم تأت من الفنادق، فانعكس ذلك سلبًا على أداء الجهاز الإداري لبعض الوزراء ونواب البرلمان.

سادسًا: حماس والانتخابات المقبلة

لا شك في أن مخرجات أي مصالحة فلسطينية يتمثل في إجراء الانتخابات الرئاسية والتشريعية، وانتخابات المجلس الوطني، وهو ما أكد عليه الرئيس محمود عباس في خطابه الأخير أمام المؤتمر السابع لحركة فتح.

 لعل إدارة حماس لملف الانتخابات المحلية منحها مزيد من الثقة والقدرة على التنظيم والتنافس، وهذه التجربة قد تدفع الحركة الإسلامية إلى خوض غمار اللعبة السياسية مرةً أخرى، وتنافس في الانتخابات المقبلة، إذ تدرك الحركة أن (سيناريو) فوزها سيحرج المجتمع الدولي، وقد يحدث اختراقًا في حائط الصد الغربي الحليف للكيان العبري، وربما هذا (السيناريو) تزداد فرص حدوثه في حال فشل خيار التسوية، وإرهاصات فشله كبيرة جدًّا في ظل حكومة الاحتلال المتطرفة، وعليه ستخوض حماس الانتخابات المقبلة، مستفيدة من تجربتها السابقة، ومراهنة على تشكيل تحالفات انتخابية مع العديد من القوى التي ترفض التفاوض مع الاحتلال، وتؤمن بخيار المقاومة بكل أشكالها من أجل العودة والتحرير.

ولكن يبقى (سيناريو) إجراء الانتخابات متوقفًا على الموقف الصهيوني من إجرائها بالقدس، وعليه قد نكون أمام تشكيل حكومة وحدة وطنية يشارك بها الجميع، في حال رفض الاحتلال إجراء الانتخابات.

بقلم/ د. حسام الدجني