عندما نقف امام القضية الفلسطينية التي شكلت بداية مرحلة جديدة في تاريخ الصراع الفلسطيني- الصهوني، والعربي- الصهيوني، نقول ان الشعب الفلسطيني يوجه رسالة للعالم بأنه لا يمكن أن يستسلم ولا يمكن أن يتخلى عن حقوقه الوطنية، وأنه عندما يخير الشعب الفلسطيني بين الاستسلام والشهادة فإنه يختار الشهادة، وهذا ما نراه اليوم من تضحيات جسام يقدمها الشعب الفلسطيني عبر انتفاضته ومقاومته رافعا شعار النصر والحرية والاستقلال.
أن الشعب الفلسطيني الذي وصل إلى قناعة بأن مسار المفاوضات والتسويات والرهان على عملية السلام الزائفة والمخادعة انتهى، فهو يجدد مواقفه بأن لا سبيل لاستعادة الحقوق إلا المقاومة فهي الخيار الاستراتيجي مع الخيارات السياسية والنضالية والدبلوماسية الاخرى، ولم يعد لديه أي قناعة بإمكانية التوصل لحلول سياسية مع احتلال استئصالي احلالي يريد السيطرة على كل شيء.
لاشك أن انتفاضة القدس ترسم بدماء شاباتها وشبابها خارطة فلسطين كما المقاومة الشعبية والكفاح المتنوع لشعبنا في كل مكان والانخراط الشعبي والوحدة الميدانية في تحدي الاحتلال، و دور الحركة الاسيرة ، يؤكد على وحدة حقيقية على الأرض في مواجهة الاحتلال والاستيطان ، كما ان الشعب الفلسطيني يتطلع الى انهاء الانقسام و وتعزيز الوحدة تحت خيمة منظمة التحرير الفلسطينية من اجل تعزيز صمود الشعب الفلسطيني الأسطوري على الأرض و مواجهة التحديات الكبرى التي تحيط بالقضية الفلسطينية.
وفي ظل هذه الظروف نرى ضرورة صوغ برنامج وطني يستند الى الثوابت الفلسطينية ، وخاصة ان الشعب الفلسطيني يواجه احتلال صهيوني استيطاني ، وأن المعركة الذي يخوضها وجهت رسالة للعالم أجمع بأن الشعب الفلسطيني ان المعركة الذي يخوضها هي إزالة هذا الاحتلال الغاشم.
أمام هذه الحقيقة الذي ترسمه انتفاضة القدس يجب على كافة الفصائل والقوى العمل على تجريم التطبيع مع كيان الاحتلال , ومطالبة الدول العربية, بمنع أي تواصل مهما كان نوعه ومستواه مع هذا الكيان العنصري , لما يشكله من ضرر كبير على القضية الفلسطينية وحقوق الشعب الفلسطيني , لأن ما يجري من قبل بعض الدول يساهم في الترويج للإحتلال على حساب الحقوق والثوابت الوطنية الفلسطينية .
ان إعادة الإعتبار للقضية الفلسطينية يستدعي ترتيب البيت الفلسطيني ومؤسساته وخاصة منظمة التحرير والحرص على تمثيل كافة فصائل وقوى الشعب الفلسطيني للمشاركة في صنع القرار الوطني , وتوجيه البوصلة نحو مسارها الحقيقي , عبر إقرار برنامج سياسي وطني تحرري , يرفض الإعتراف بالاحتلال ويسعى إلى تجنيد كافة الطاقات الفلسطينية و العربية والاممية حتى دحره عن ارض فلسطين .
ان إعادة الاعتبار للمقاومة وثقافتها كونها الطريق الرئيسي لأجل انتزاع الحقوق، لذلك اعتقد أن هذه المعركة سيكون لها تداعيات على المستوى الفلسطيني وعلى المستوى الإقليمي والدولي.، كون قضية الشعب الفلسطيني هي قضية الحرية والاستقلال وإزالة الاحتلال، فهذا جوهر المعركة الدائرة وبالتالي فأن انتفاضة القدس والمقاومة الشعبية تتطلب رص الصفوف باعتبار ما يجري في الضفة والقدس يؤسس لاستراتيجية جديدة قادمة من أجل انتزاع كامل الحقوق الوطنية.
من هنا نحن نتطلع الى تطوير منظمة التحرير الفلسطينية كإطار جامع للشعب الفلسطيني في كافة أماكن تواجده، وتطبيق اليات اتفاق المصالحة لتعزيز الوحدة الوطنية استنادا لوثيقة الوفاق الوطني باعتبارها المعيار والأساس لكافة أشكال النضال النضال السياسي والإعلامي والمدني والجماهيري، والمقاومة بكافة اشكالها باعتبارها الطريق الأساسي من أجل استعادة الحقوق وتحرير الأرض والانسان.
إن هذه التطورات تطرح علينا تحديات كبيرة، وعملية بحث شامل في العمق عن سبيل توحيد طاقاتنا وجهودنا لمواجهة المخططات التي تستهدف أبناءنا وأجيالنا اللاحقة.. نحن فعلاً أمام خطر شديد وداهم يتطلب رسم استراتيجية مجابهة شاملة لهذا المخطط .
ان المعركة الوطنية والقومية في مواجهة المشروع الأمريكي الصهيوني في المنطقة تتطلب رؤية شاملة تربط البعد الوطني بالبعد الاجتماعي.، واليوم عندما نرى صمود ومقاومة وانتصار حلب حيث تسقط الطائفية والتقسيم والتخلف ، حيث اكدت هذه المعركة الفاصلة التي تكتب الآن التاريخ والمستقبل بإرادة الجيش العربي السوري ورجال المقاومة ، لاننا نعي ان قيمة ومعنى وأبعاد ما يجري في حلب من انتصار ستكون له نتائج مهمة من حيث المقاربة والمعادلة على مستوى المنطقة والقضية الفلسطينية ، فمعركة وانتصار حلب تشكل إرادة التاريخ في مواجهة الهجمة الامبريالية والصهيونية والارهابية التي تتجرع قواها مرارة الهزيمة الكبرى.
لذلك علينا ألا نفقد البوصلة، فإن تناقضنا الرئيسي مع المشروع الصهيوني وهناك ضرورة أن نتلاحم جميعاً في مواجهة هذا المشروع الذي يتطلب مزيد من العطاء والتضحية في ميادين النضال المختلفة .
ان التجديد والتغيير الثوري في كافة مناحي وأوجه ونشاط كافة الفصائل والقوى الفلسطينية يستدعي مزيد من التعاون والتنسيق من أجل حماية المشروع الوطني والكيان السياسي والمعنوي منظمة التحرير الفلسطينية باعتبارها أداة كفاحية ومرجعية وطنية تضم الجميع في مرحلة التحرر الوطني التي نعيشها وما تتطلبه هذه المرحلة من تحالفات وطنية وقومية وأشكال النضال ، باعتبار ذلك مسؤولية وطنية وابقاء قضية الأسرى على اجندات العمل الوطني فالوفاء لصمودهم وصبرهم وكبريائهم وشموخهم يؤكد على الواجب الوطني بحماية وتوفير كافة حقوقهم المعنوية والقانونية والسياسية ومقومات صمودهم المادية وبالوفاء لجبال التضحيات والآلام التي يقدمها طلائع وخيرة ابناء شعبنا في المعتقلات داخل السجون وخارجها باعتبارهم خيرة ابناء شعبنا وطليعة من طلائع النضال الوطني الأمناء على شعبنا ومستقبله ومصيره حتى اطلاق سراحهم من سجون الاحتلال الصهيوني.
ختاما : لا بد من القول على كافة القوى العربية الشعبية وفي مقدمتها اليسارية والقومية تعزيز حضورها في الميدان ورفع مستوى فاعليتها وتنسيقها لإعادة الاعتبار والبعد القومي للقضية الفلسطينية كقضية مركزية للأمة، ولرفض كافة أشكال التطبيع مع الكيان الغاصب، وتشديد الحصار له وملاحقة جرائمه في المحافل الدولية.
بقلم/ عباس الجمعة