في ظل استمرار الانقسام الداخلي ، وامام الظروف الدولية والعربية والأقليمية نجد المشاريع المطروحة التي تستهدف القضية الفلسطينية بهدف إفراغها من مضامينها واهدافها النضالية ، من قبل كيان الاحتلال والادارة الامريكية وحلفائهم من قوى دولية واقليمية .
واليوم بعد تأجيل ما يسمى بمؤتمر فرنسا الدولي الى الشهر القادم الذي يراهن عليه البعض ، للعودة الى المفاوضات والتي لا تخرج ولا تتناقض مع شروط العدو الصهيوني والادارة الامريكية وحلفائهم الذين يوزعون الادوار فيما بينها .
وامام الاوضاع التي تيحيق بالقضية الفلسطينية وبمجمل الاهداف التي ضحى مئات الالاف من ابناء الشعب الفلسطيني من اجلها ، يفرض إعادة نظر جذرية بالنسبة لطبيعة الصراع، حتى تبقى قضية فلسطين هي الاساس على جدول اعمال كافة القوى والفصائل ، والخروج من المأزق الفلسطيني الراهن.
لذلك لا بد من المجابهة لانهاء وتجاوز الانقسام الكارثي وتعزيز الوحدة الوطنية على قاعدة الالتزام العميق بالثوابت والاهداف الوطنية ومواصلة النضال بكل اشكاله من اجل الحرية والاستقلال والعودة .
من هنا يجب الاسرع في عقد المجلس الوطني الفلسطيني بمشاركة كافة القوى والشرائح المجتمعية الوطنية ، ويجب على جميع القوى والفصائل ان تسعى بكل جهدها من اجل انهاء وتجاوز الانقسام والمأزق الراهن من اجل المصلحة الوطنية العليا للشعب الفلسطيني وحماية القضية الفلسطينية .
ان ما يحيط بالقضية الفلسطينية والمشروع الوطني الفلسطيني مِن ظرفٍ دولي هو الأكثر مجافاة منذ عقود، وظرف قومي، أعتقد أنه الأسوأ منذ انطلاقة الثورة الفلسطينية المعاصرة، وعلى البعض ان يتبصرأكثر، وقراءة الأزمة الفلسطينية، و استخلاص البدائل الوطنية المطلوبة للصمود، عبر التصدي للاحتلال وافشال اهدافه السياسية، من خلال التمسّك بالحقوق المشروعة والعادلة، ولتصبح مقاومة الشّعب الفلسطيني رمزا للصّمود والتّمسّك بالحقّ في الحياة.
أن التحرير لا يمكن أن يأتي من دون تضحيات، لقد قدم الشعب الفلسطيني الكثير من التضحيات وهو مستعد لتقديم المزيد في سبيل الوصول إلى حقوقه المشروعة، وإزالة الاحتلال من أرضه المغتصبة.
لهذا وانطلاقاً من واقع تجربة الثورة الفلسطينية المعاصرة، بما يحافظ على مكتسبات المشروع الوطني الفلسطيني، نؤكد على اهمية تفعيل وتطوير منظمة التحرير الفلسطينية ومؤسساتها على ارضية شراكة وطنية ورسم استراتيجية وطنية تكون اولياتها التحرير والديمقراطية وتحقيق العدالة الاجتماعية.
ان القضيّة الفلسطينيّة، اليوم، لا يمكن أن تفهم بمعزل عن محيطها العالمي ومصالح النّظام الاستعماري الجديد، إن كان مباشرا عن طريق الاستيطان أو بطريقة غير مباشرة عن طريق الوكلاء وسياسات التّوصية والتّدخّل في سيادة الدّول، لأنّها قضيّة شّعب يقاوم على واجهتين: واجهة عالميّة في علاقة بالنّظام العالمي الدّاعم للاحتلال والاستيطان، والذي لا ينتصر للشعب الفلسطيني، ويجد سنده في وكلائه في المنطقة، وواجهة وطنيّة تتمسك بحقوق الشّعب الفلسطيني وثوابته وحقوقه، لذلك قضيّة فلسطين قضية عدالة وتقرير مصير لشعب يقاوم على الدّوام، تتجاوز استحقاقاته مسألة الهويّة أو الصراع الدّيني أو الحضاري، كما يراد التّرويج له، لأنّ الصّراع الحقيقي هو صراع مع الاحتلال الذي اغتصب الارض والحقوق، وهي لا تخرج عن السّياق الاستعماري العالمي المستهدف للشّعوب في حقّها في الحياة. والنّضال ضدّها يمرّ، حتما، عبر نضال كلّ الشّعوب ضدّ الهيمنة ووحشيّة النّظام الرّأسمالي العالمي. وهي القضيّة التي تشترك فيها، كلّ الشّعوب والقوى التّحرّريّة والتّقدّميّة، والتي ترى نفسها فيها، باعتبارها قضيّة إنسانية عادلة تتجاوز منطق الخصوصيّات والهويّات الضّيقة.
ختاما : ان الصمود الفلسطيني, والتمسك بحقوق الشعب الفلسطيني, وليس أقل من ذلك، حتى نبقى اوفياء للقيم التي جسدها قادتها العظام، والاستمرار بكافة الوسائل والسبل الكفاحية وضمان مواصلة مسيرة الانتفاضة والمقاومة حتى تحرير الارض والانسان.
بقلم / عباس الجمعة
كاتب سياسي