نظام الأبارتايد العنصري مصدر الكلمة هو أفريقي ويعني " الفصل "

بقلم: حنا عيسى

"شكل من أشكال العنصرية يتميز بطبيعته المؤسسية والرسمية، إذ يُضمّن في القوانين والنظم المعمول بها وتجعله الدولة أساسا للسياسات العمومية في مختلف مناحي الحياة علنا وبلا مداراة، حتى إنها لا تتحرج من الحديث عن شعبين مختلفين ومساريْ تنمية متباينين"

الأبارتايد أو الأبارتيد أو الأبارتهايد،هو نظام الفصل العنصري الذي حكمت من خلاله الأقلية البيضاء في جنوب أفريقيا من عام 1948وحتى تم إلغاء النظام بين الأعوام 1990 - 1993 وأعقب ذلك انتخابات ديمقراطية عام 1994م، بهدف خلق إطار قانوني يحافظ على الهيمنة الاقتصادية والسياسية للأقلية ذات الأصول الأوروبية..حيث قامت قوانين الأبارتايد بتقسيم الأفراد إلى مجموعات عرقية - كانت أهمها ألسود ألبيض "الملونون"، والآسيويين (المكونة من هنود وباكستانيون).

والذي حصل في جنوب افريقيا أن هذا النظام العنصري تم اعتماده كسياسة رسمية للدولة بعد الانتخابات العامة التي جرت عام 1948. القانون صنف السكان الى جماعات عرقية تحوي جماعات ألسود ألبيض الملونون والهنود وعززت الفروقات بواسطة عقر السكان من اماكن سكنهم ووضعهم بتجمعات عرقية. القانون ايضاً حرم السود من الجنسية عام 1958 فعاملهم كملحقين بموجب القانون الى واحد من عشرة مناطق قسمت على اساس قبلي ليتم ادارتها بواسطة حكم ذاتي. وسميت هذه المناطق بالبانتوستانت وأصبحت اربعة منها كولاية مستقلة اسمياً. قامت الحكومة بالفصل العنصري في التعليم والرعاية الطبية وغيرها من الخدمات ألعامة وقدمت للسود خدمات أقل من تلك التي قدمتها للبيض...هذا الفصل كشيء طبيعي اثار السكان الذي بدؤوا بحركة مقاومة داخلية كبيرة في جنوب إفريقيا التي قوبلت بالعنف من الدولة الأمر الذي زاد حدة الاضطرابات أكثر وأكثر. وفي الثمانينات حاولت الحكومة العنصرية أن تعدل القانون لتحد من شدة ألعنف ووافقت الدولة على اشراك كل الاعراق في الانتخابات التي جرت في عام 1994 حيث فاز حزب المؤتمر الوطني الأفريقي بقيادة نيلسون مانديلا.

ويقوم هذا ألنظام على قانون عرف بقانون تسجيل السكان "1950" وقد صنف السكان في 4 فئات أو أعراق بحسب لون بشرتهم، وهي البيض والهنود والخلاسيون والسود محددا بذلك كل أوجه حياتهم، من المهد حتى اللحد...وأرسى قانون حول السكن ألمنفصل "قانون مناطق ألمجموعات في 1950 الفصل في الأماكن وأصبح كل شبر في المدينة مخصصا لهذا العرق أو ذاك.وبذلك أزيلت أحياء بأكملها مثل صوفيا تاون، في جوهانسبرج والمنطقة السادسة "ديستريكت 6" في الكاب، بينما أبعد السكان السود إلى أبعد ما يمكن، في "مدن صفيح".

وطرد حوالي 3.5 ملايين شخص بالقوة، بسبب نظام الفصل العنصري إذ تمت مصادرة أحيائهم آو مزارعهم لتمنح إلى البيض.

وكان على السود، أن يحملوا معهم دائما "تصريح مرور"، يثبت أن لديهم عملا في منطقة للبيض، ولم يكن يحق لهم سوى تلقي "تعليم في المعزل" بدائي ولا يكفي لشغل وظائف رفيعة قد يطمحون لها.

ومنذ ألستينات أخذت الاعتراضات الدولية على نظام الأبارتهايد بالازدياد، مما أدى إلى نبذ دولة جنوب أفريقيا ومقاطعتها من قبل غالبية الدول. كل هذا بالإضافة إلى معارضة داخلية سلمية من جانب منظمات عارضت الأبرتهايد أدت إلى انهيار النظام بعد أربعة عقود.

* أسس نظام الأبرتهايد:

1. نشاط استيطاني ضمن مشروع كولونيالي انفصل عن الدولة أو الدول الاستعمارية الأم.

2. تشكل جماعة قومية من خلال هذا الاستيطان تؤكد على تميزها "العرقي ألأرقى عن السكان ألأصليين بحيث تعبر الدولة عن سعي هذه الجماعة إلى الحرية والاستقلال رغم أنها تشكل أقلية من ضمن سكان هذه الدولة.

3. نظام حقوقي من الفصل العنصري يبقى "العرق ألأدنى في نطاق ألدولة ولكنه يحرمه من حرية ألتنقل ومن حق ألاقتراع فأبناء العرق الأدنى السكان الأصليون هم نظريا مواطنون ولكنهم في الواقع رعايا الدولة خاضعون لها، والدولة ليست تعبيرا عن تطلعانهم ثقافتهم، بل هي أداة لسيطرة "العرق ألأرقى عليهم.

4. سيطرة نخب "العرق ألأرقى على مقدرات البلاد الاقتصادية وثرواتها، بما في ذلك ألأرض أثمن الثروات إطلاقا.

5. ثقافة سياسية ودينية منتشرة ترتكز على نظريات عرقية تتبناها الدولة والكنيسة، وتشكل تبريرا نظريا وأخلاقيا لنظام الفصل العنصري. لم تطالب غالبية السكان في جنوب أفريقيا بالانفصال عنها كدولة وإقامة دولة أخري كما لم تطالب بطرد الأقلية البيضاء التي انفصلت ثقافيا وسياسيا عن دولتها الأم فقد كانت معركة الغالبية في جنوب أفريقيا ضد الفصل العنصري ولا يمكن أن يكون الانفصال علاجا للفصل أو ردا عليه.

 

بقلم د.حنا عيسى – أستاذ القانون الدولي