لا نبالغ إن قلنا أن الواثقون بأنفسهم وبشعبهم من أحرار وشرفاء شعبنا ، لا يخشون حضور جلسات المجلس الوطني الفلسطيني والجلوس مع بعضهم البعض ووضع التصورات والبرامج والاستراتيجيات اللازمة للخروج من كافة الأزمات التي تواجه شعبنا ومنها إنهاء الانقسام وإتمام المصالحة وإنقاذ المشروع الوطني الفلسطيني وتمتين الجبهه الداخلية وترتيب وتقويه البيت الفلسطيني، وهو ما دعا وما زال يدعو لها الأخ الرئيس محمود عباس وندعو لها في كل مقال لنا ، فجلسات المجلس الوطني كما علمنا ستبحث في كل القضايا والمشاكل للخروج بشعبنا وقضيتنا ومستقبلنا إلى بر الأمان ، المجلس الوطني وهو برلمان الكل الفلسطيني يتسع لكل الوطنيين والمخلصين ومن الحريصين على وطننا فلسطين وجماهيرها وأهلها ، فلسنا هنا فرقاء حرب حتى لا يجمعنا المجلس الوطني ولا يفصل بيننا وبين الآخرين أي موانع أو انهار دماء أو صراعات مسلحة حتى نستبعد الجلوس معا في جلسات هذا المجلس.
لقد آن الأوان أن يجد جميع أطياف الشعب الفلسطيني طريقًا وأسلوبًا جديدًا في التعاطي مع أزمات الوطن المتفاقمة ، وإيجاد المخارج والحلول الصحيحة لها ، والتأسيس لمرحلة جديدة أساسها الإرادة والثقة المتبادلة بين الجميع فلا فرق بين هذا وذاك ، فعلى الجميع أن يغلق صفحة السنوات الثمانية الماضية التي أضافت إلى شعبنا أثقالًا جديدة على معاناتهم وأزماتهم ، والبحث عن المشتركات التي تقرب الحلول وتضمن سير تنفيذها ، والأهم أن تطرح كل القضايا العالقة على طاولة بحث وطنية ليتحمل كل طرف أو فصيل او حزب أو حركة مسؤوليتها بأمانة وشرف من دون التلويح باشتراطات لم تجد لها طريقًا للتحقيق على أرض الواقع قد تدخل وطننا ، مرة أخرى بخانق لا يمكن هذه المرة الخروج منه ، لان الوضع الوطني والحياة اليومية الشعبية في وطننا لا تحتمل أكثر من هذه الأزمات المفتعلة والتي تؤدي بنا إلى المهالك.
المجلس الوطني سوف يحقق لحوار فعال وصحيح بين الكل الفلسطيني ، يناقش المعاناة والمشاكل والطموحات والآمال والآلام التي يواجهها شعبنا ، ولاشك إن مواضيع شتى تهم حياة شعبنا في هذه الأوقات العصيبة بدأ بالانقسام مرورا بالحصار المفروض جوا وبحرا وبرا ، ومشاكل المعابر المغلقة على مدار الساعه بوجه مرضانا وجرحانا وطلابنا واهلنا في قطاع غزة ، وانقطاع الكهرباء والمياه والدواء والغذاء والتي تمثل أهم معاناته ومشاكله اليومية ، فشعبنا من حقه ان يعيش كرامة وبأمن وآمان واستقرار ، مثل أحوال بقية شعوب الأرض ، ومن حقه أن يحلم بالتحسن والتنمية والازدهار وان يلمسهم ، ومن حقه إن يتأكد من أن مستقبله سيكون أفضل من حاضره وان مستقبل أبنائه وأحفاده أفضل مما كان عليه حال آباءه وأجداده أو حتى من حاله الحالي.
نحن كشعب في هذا الوطن وأصحاب الارض والمقدسات والحارسين على المشروع الوطني ، نتوجه بصدق الى كل قوانا فصائلنا وأحزابنا وتكتلاتنا السياسية والوطنية والإسلامية وكل الحركات والقوى السياسية الأخرى ، أن يعوا حجم الأزمة التي يعيشها وطننا ، والتي تتطلب بالدرجة الأساس تكاتف الجهود لإنقاذ فلسطين من الانكفاءات الخطيرة التي تعيشها وجماهيرها وقضيتها وثوابتها ، ومن ثم ندعو الكل الفلسطيني للالتحاق بهذا المشروع الذي نتمنى أن يكون نواة الانطلاق نحو بناء فلسطين حرة مزدهرة من خلال دعم حكومة وحدة وطنية دعماً حقيقيا قائماً على أسس وطنية وشرعية ودستورية ثابتة وواضحة.
إن تشتيت الجهد الوطني يبدأ عادة بمسائل تبدو لا أهمية لها في حين إن إهمالها أو تركها دون مراجعة جدية وحوار صريح وجاد وعاقل أيضا سيجعل من تلك المسائل قضايا معقدة تحتاج الى جهد كبير وربما خسائر لتجاوزها ، فالوضع في وطننا متشابك ومعقد وكثير الحساسية أيضا من هنا نعتقد انه ينبغي على جميع المشتغلين بالعمل السياسي الوطني أن يدركوا حقيقة أن التفرد بالقرار من دون الاستماع الى الرأي الآخر غير نافع هو الآخر.
فإذا لم تكن هذه القضايا أساس الحوار ، فإن هذا الحوار سيظل يراوح مكانه ، وفي هذه الحالة ستزداد معاناة الشعب وأنينه ، مما قد يهدد الاستقرار السياسي و الذي لن تكون القوى السياسية قادرة على المحافظة عليه ، فالشراكة تتطلب إيمان منقطع بالمشروع الوطني وتبني وسيلة الحوار كوسيلة وحيدة للخروج من الأزمات وبدون هذين العاملين تبقى الأزمات والجمود آفة ملازمة في وطننا ، غير أن الشراكة تمثل في حقيقة الأمر وصفة لعلاج أمراض مؤقتة، ولن تكون بديلة عن النهج الديمقراطي المؤسساتي الذي يتطلع إليه شعبنا بعد سنوات طويلة من المعاناة والآلام.
لنتوحد جميعا قوى سياسية وأحزاب وفصائل وشخصيات وطنية ومجتمعية مستقلة وكتل في المجلس الوطني ومنظمة التحرير الفلسطينية والمجلس المركزي مرورا بالمجلس التشريعي ومن كافة الأطياف والشرائح والاتجاهات الفلسطينية ، وبروح القيادة والإرادة السياسية الجادة في إنهاء الخلاف وإنهاء الانقسام ، فالدافع الوطني الذي نبغي به وننشده هو تأسيس حكومة شراكة وتفاهم وحكم رشيد قادرة على النهوض بكافة الملفات والبرامج والسياسات الوطنية الفلسطينية ، أمام التحديات الداخلية والخارجية التي تواجه وطننا وخاصة التعنت والهمجية الصهيونية تجاه أرضنا وشعبنا وقيادتنا ومقدساتنا وقضيتنا الفلسطينية العادلة.
قد نختلف سياسياً أو حتى عقائدياً ، وقد يكون هذا أو ذاك لا يتفق مع بعضهم فكرياً أو أيدلوجياً ولكن الواجب الوطني الفلسطيني يدعوهم ويحثهم أن يبقوا موحدين متماسكين وواجبهم هو خدمة الوطن وجماهيره ، لا توجيه عقائدهم فما أحوجنا اليوم ونحن نعيش زمن الاحتكام للعقل أن يتحلى الكل من رعية ومسئولين وقادة بالصدق ولا شيء غير الصدق لنبني دولة فلسطين المؤسسات التي نضمن من خلالها تطبيق العدالة الاجتماعية والمساواة بين الكل بالحقوق والواجبات من خلال تكافؤ فرص العمل بين جميع الطبقات دون النظر إلى قومية أو مذهب أو دين إلا على أساس الكفاءة والنزاهة والإنصاف ، ليأخذ كل واحد حقه دون غمط أو ظلم أو شرور ، فعلينا بالصدق لكي نؤدي حقا ولو بسيطا حيال تعاملنا مع سائر طبقات جماهيرنا ، حفاظا لحقوقهم وصونا لكرامتهم وعلوا لشأنهم وتعزيزا للرفعة والعدالة التي ينشدونها ، وما أجمل أن يكون قادتنا ومسئولونا صادقين في وعدهم وأن يتطابق ما يقولوه أو يصرحوا به على أرض الواقع ، ليكسبوا ثقة الجماهير ، فالجماهير جميعها ومن كل المناطق في الوطن عانوا كثيراً وذاقوا مرارة الانقسام البغيض ، فهم الآن لن يصغوا أبدا إلا إلى صوت الوطن وصوت العقلاء من شرفاء وأحرار الوطن الذين كانوا وما زالوا الخيمة الكبيرة لفلسطين.
آن الأوان أن يجد القادة والمسؤولين وأصحاب القرار طريقًا وأسلوبًا جديدًا في التعاطي مع أزمات وطننا، وإيجاد المخارج والحلول الصحيحة لها ، والتأسيس لمرحلة جديدة أساسها الإرادة والثقة المتبادلة ، ويغلقوا صفحة السنوات الماضية التي أضافت إلى شعبنا أثقالًا جديدة على معاناتهم وأزماتهم ، والبحث عن المشتركات التي تقرب الحلول ، وتضمن سير تنفيذها ، والأهم أن تطرح كل القضايا العالقة من خلال جلسات المجلس الوطني قريبا ، ليتحمل كل طرف مسؤوليته بأمانة وشرف من دون التلويح باشتراطات لم تجد لها طريقًا للتحقيق على أرض الواقع قد تدخل وطننا مرة أخرى بخانق لا يمكن هذه المرة الخروج منه لان الوضع لا يتحمل أكثر من هذه الأزمات المفتعلة والتي تؤدي بنا إلى المهالك.
آخر الكلام : عندما يرفع المرء شعاراً ، أو يتلفظ قولاً ، ويقطعُ عهداً ، فعليهِ تطبيقه أو يموت دونه ، وإلا فهو الخزي والعار الأبدي ، وكما قال الشاعر : لا تنهَ عن خُلقٍ وتأتي مثلهُ ، عارٌ عليك إذا فعلتَ عظيمُ.
بقلم / رامي الغف *
* الإعلامي والباحث السياسي