تلعب النقابات العمالية دور في التنمية البشرية ويتحدد ذلك انطلاقا من فلسفة تقوم على أن العمال مركز التنمية ومحورها، فهي تنصرف إلى التركيز على تكوين وبناء القدرات البشرية، كما إنها تنمية من أجل العمال، لما تؤكده من ضرورة استخدام وتوظيف هذه القدرات في أنشطة إنتاجية، تضمن استمرارية التنمية والتوزيع العادل لها، وهي بالضرورة تنمية بواسطة العمال، لأنها تعمد إلى توسيع خيارتهم وزيادة مشاركتهم في اتخاذ القرار، وهدفها تنمية الإنسان والمجتمع من كل النواحي السياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية والعلمية والفكرية، وهى عملية تهدف إلى إحداث تغييرات شاملة ومتكاملة ومقصودة, تصيب في كافة مكونات البناء الاجتماعي والثقافي والسياسي للمجتمع ومؤسساته بشكل مخطط ومدروس، ومنظم بهدف تحقيق نمو متوازن عن طريق استغلال إمكانات وموارد البيئة المحلية المتاحة، أو التي يمكن توفيرها أو إيجادها لمواجهة أعباء الحياة، واستثمار طاقات العمال وتشجيع الأساليب الحديثة في الإنتاج، وتوفير الخدمات المختلفة إلى جانب الاهتمام الكبير بالمرأة والشباب؛ لإشباع حاجات المجتمع وتحقيق الرفاهية الاجتماعية والاقتصادية، وباعتبار التنمية البشرية شاملة في جوهرها، فإنها تشمل مفاهيم تنمية الموارد البشرية التي تركز على تحسين مستويات التغذية والصحة والتعليم، وأيضاً رفع المهارات الإنتاجية، وزيادة القدرات الابتكارية، والبعد الإنساني في العمل، كما تتضمن التنمية البشرية المستدامة، التي تتمثل في المحافظة على حقوق الجيل الحالي والأجيال المستقبلية على قدم المساواة، والاستثمار في القدرات البشرية عملية لا تنتهي، والتنمية البشرية تجعل الرضا والسعادة للبشر محور جهود التنمية، وتحقق الرضا للإنسان عن طريق توسيع الاختيارات وإيجاد الحياة الكريمة له وللأجيال المستقبلية، فإذا كان الهدف الرئيسي هو التنمية البشرية، فإن النمو ينبغي ألا يحكم عليه من خلال السلع التي ينتجها، بل من خلال إثرائه حياة جموع الناس، فقد تكون نوعية حياتهم فقيرة حتى وسط الوفرة، فيجب إضفاء الطابع الإنساني على النمو من خلال العدالة والإنصاف ، وهذا يمكن ان تقوم به النقابات العمالية اتجاه العمال بشكل منظم وهادف يساعد العمال على توسيع خيارتهم في الحصول على حياة أفضل.
بقلم/ د. سلامه أبو زعيتر