" من يهن يسهل الهوان عليه " ، إنه شطر بيت للشاعر أبو الطيب المتنبي وهو أحد الذين عايشوا تفكك الدولة العباسية وتناثرها إلى دويلات إسلامية قامت على أنقاضها . هذه حال أمتنا اليوم ونظامها العربي ، الذي لا ينقصه سوى النعي ، فإكرام الميت دفنه ، كيف لا ونحن نشاهد حالة الذل والمهانة التي أوصلنا إليها هذا النظام المتهالك ، والأكثر كارثية أنه لا يقوى إلاّ الشكوى والتذلل والإستجداء ، وإن كمنت فيه مظاهر من قوة وسطوة لا يُظهرها إلاّ في مواجهته لبعضه ، أو للتآمر على بعضه البعض ، أو تشريع التدخلات الأجنبية وشن الحروب على دول عربية ، خدمة لأجندات أسياده ورعاته . وهذا ما نشاهد أكثر مراحله سوءاً ووضوحاً منذ ما أسمته تلك النظم المتهاوية إلى سحيق أفعال " ربيعها الأسود " . حيث انخرط رأس هذا النظام وبما يملك من إمكانيات لا حصر لها ، مُجنداً تلك الإمكانيات في إشعال الحرائق والحروب على أكثر من ساحة لدولة عربية ، عن سابق تصور وتصميم ، إشباعاً لعقدة النقص التي يُعاني منها ذاك الرأس المفلس في حفظ حقوق الإنسان لديه ، أو منح مواطنيه حرية التعبير وحق الانتخاب وتشكيل الأحزاب السياسية ، التي يشرعها دستورٌ لا يزال مرفوض بمشيئة سُمُواتهم .
في حدثين هامين ومتقاربين زمنياً قد حصلا ، الأول الاجتماع الوزاري الذي عُقد في موسكو لكل من روسيا وإيران وتركيا لبحث الملف السوري . أما الثاني اجتماع مجلس الأمن الدولي وإقراره وبالأغلبية الساحقة مشروع القرار المقدم من ماليزيا والسنغال وفنزويلا ونيوزيلندا حول الاستيطان الصهيوني في الأراضي الفلسطينية المحتلة . حيث في الحدثين لم يكن لذاك النظام أي دور على الإطلاق ، وإن كان في الثاني ثمة دور كان من الممكن أن يؤكد عليه ، لولا أن مصر وهي الدولة العربية الوحيدة في مجلس الأمن قد سحبت مشروعها ، استجابة لضغوط مارسها عليها الرئيس الأمريكي المنتخب ترامب . وأختم " وما لجرحٍ بميتٍ إيلامُ " .
رامز مصطفى