حركة فتح بين استحقاقات التحرر الوطني والرهان على خيار حل الدولتين

بقلم: إبراهيم أبراش

مقدمة

تحولات ومتغيرات محلية وإقليمية ودولية كثيرة جرت منذ تأسيس حركة فتح إلى اليوم ،  بعضها يمس التحولات في النخبة السياسية الفلسطينية ونخبة فتح تحديدا ، وأخرى موضوعية ذات علاقة بمتغيرات أدت لانهيار شبكة التحالفات ، الدولية كانهيار المعسكر الاشتراكي ومنظومة دول عدم الانحياز ،وعربية كانهيار النظام الإقليمي العربي و(جبهة الصمود والتصدي) وأخيرا فوضى الربيع العربي ، كل ذلك فرض على الحركة مكرهة دخول عملية تسوية سياسية أدت لتأسيس سلطة تحت الاحتلال في مراهنة أن تؤدي لدولة فلسطينية مستقلة عل حدود 1967 .

بالرغم مما تحقق من انجازات سياسية في سياق الاعتراف بالدولة الفلسطينية إلا أن هناك حقيقة ثابتة وهي استمرار الاحتلال الإسرائيلي لكل فلسطين،مما يعني أن الشعب الفلسطيني ما زال يمر بمرحلة التحرر الوطني،الأمر الذي يضع حركة فتح وخصوصا بعد المؤتمر السابع أمام منعطف مصيري ما بين الحفاظ على منطلقاتها الأولى واستحقاقات التحرير الوطني من جانب وأهمية التعاطي مع متطلبات التوجه نحو الدولة في إطار تسوية سياسية تؤسَس على قرارات الشرعية الدولية .

في بحثنا هذا سنقوم بمراجعة نقدية تقويمية لكيفية تعاطي الحركة مع التحديات الخارجية والداخلية ومستقبل الحركة بعد مؤتمرها السابع .

أولا: حركة فتح ما بين التآمر الخارجي والخلل الذاتي

منذ تأسيسها قبل أكثر من نصف قرن وحركة التحرير الوطني الفلسطيني (فتح) في عين العاصفة ، فلم يمر عليها يوم دون أن تتعرض لانتقادات ومؤامرات من عدة جهات ، من إسرائيل والغرب المؤيد لها ، لأن إسرائيل وجدت أن حركة فتح أكثر خطورة عليها من كل الجيوش العربية والإسلامية ومن كل الأحزاب الأيديولوجية الفلسطينية وغير الفلسطينية ، قومية كانت أو إسلامية أو ماركسية ، فالحركة  تجسد الهوية والكيانية الوطنية النقيض للمشروع الصهيوني ، لذا سعت إسرائيل وما زالت لتدمير الحركة أو تفريغها من مضمونها الوطني ودورها الريادي .

 أيضا تعرضت حركة فتح لمضايقات وانتقادات وتشكيك من دول وأحزاب عربية وإسلامية أربكها بروز كيانية وطنية فلسطينية تعلن الحرب على إسرائيل وتباشره دون علمها أو التنسيق معها ، وإن لم تسعى هذه الأطراف للقضاء على حركة فتح والوطنية الفلسطينية بشكل مباشر ، إلا أنها سعت لتدجينها وتطويعها لسياساتها ، مما استنفر الحركة والزعيم الراحل ياسر عرفات للدفاع عن استقلالية القرار الوطني الفلسطيني ، بل خاضت الحركة ومعها منظمة التحرير معارك مع أكثر من دولة عربية لحماية القرار الوطني والمشروع الوطني .

في مقابل ذلك حظيت حركة فتح بتأييد شعبي عارم من الفلسطينيين ومن الشعوب العربية والإسلامية ومن حركات التحرير في العالم ، لأنها لم تكن مجرد حزب سياسي يسعى لسلطة أو منغلق على ذاته ، بل حركة تحرير وطني تناضل ضد الاحتلال وتملك فكرا سياسيا منفتحا على الجميع بلا تعصب ، كل ذلك أّهل حركة فتح لقيادة الشعب الفلسطيني ومنظمة التحرير الفلسطينية حتى اليوم .

الحرص الوطني لحركة فتح على وحدة الشعب والهوية ، وتاريخها المُشرف وفكرها الوطني المنفتح على الجميع وحفاظها على الثقافة والهوية الوطنية ، وظائف وأدوار لم يتمكن أي فصيل فلسطيني القيام بها حتى يومه وهو ما يجعل الجميع من فلسطينيين وغير فلسطينيين معنيين بحال حركة فتح ويتمنون أن تستنهض نفسها وتوحد صفوفها لأن في ذلك استنهاض للحالة الوطنية برمتها .

لم تكن المسيرة الطويلة لحركة فتح مكللة دائما بالورود والإنجازات بل تخللتها كثير من المحطات التراجعية والمؤلمة سواء ذات الطابع العسكري والميداني كأحداث الأردن 1970 والحرب الاهلية اللبنانية 1975 وحصارها في بيروت ثم خروجها من لبنان 1982 أو هزيمتها السياسية 2006 والعسكرية 2007 أمام حركة حماس ، أو هزات سياسية كتوتر علاقاتها مع أكثر من دولة عربية وإسلامية ، ودخولها في متاهات التسوية السياسية الخ ، أو لمشاكل داخلية كتغير تركيبة النخبة المسيطرة أو القائدة وغياب قيادات جامعة ، أو الانشقاقات ومحاولات التمرد على القيادة وهي حالات صاحبت الحركة منذ السنوات الأولى لتأسيسها .

بالرغم من أن المشاكل والانشقاقات والتجنحات صاحبت حركة فتح طوال تاريخها الممتد لأكثر من نصف قرن ، إلا أن ما تتعرض له اليوم من تحديات داخلية وخارجية قد يكون الأكثر خطورة ، الأمر الذي يحتاج لمزيد من الحكمة والعقلانية واستنهاض الروح الفتحاوية الأصيلة التي تدفع أبناء فتح عندما تتعرض القضية الوطنية للخطر إلى نسيان خلافاتهم الداخلية ومواجهة الخطر الرئيس وهو اليوم كما كان سابقا الاحتلال والاستيطان .

هذه الرؤية لحركة فتح لا تعني أن تنظيم الحركة وقيادته مبرئون من الأخطاء ، فكثيرة هي الأخطاء والتجاوزات التي كانت أحيانا نتيجة ظروف قاهرة خارجية أجبرت الحركة على دخول مسارات سياسية غير شعبية ، ولكن أحيانا كانت أخطاء نتيجة خلل ذاتي وحسابات خاطئة لبعض القيادات الفتحاوية وغير الفتحاوية التى تسللت لمواقع قيادية في التنظيم وفي السلطة الوطنية غلَّبت مصالحها الخاصة وارتباطاتها ألا وطنية على مصلحة حركة فتح وعلى المصلحة الوطنية ، ولم تكل عن محاولة مصادرة حركة فتح لخدمة مصالحها .

لأن إسرائيل أدركت استحالة القضاء على حركة التحرير الوطني وعلى حركة فتح تحديدا أو هزيمتها عسكريا ، فقد لجأت مبكرا ، ومعها دول أجنبية وأحيانا عربية ، لسياسة (القلاع لا تسقط إلا من داخلها) ، وذلك من خلال عدة وسائل كخلق فتنة وصراعات داخل حركة فتح العمود الفقري للحركة الوطنية ، و محاولة تفريغ منظمة التحرير والسلطة الوطنية وحركة فتح من مضمونهم الوطني ، في اعتقاد منهم أنه ما دامت حركة فتح ضعيفة ومنشغلة بمشاكلها الداخلية فستبقى منظمة التحرير ضعيفة ولن تتمكن من استنهاض الحالة الوطنية بل وسيتم التشكيك بأهليتها لأن تقود الحالة الوطنية .

وهكذا نلاحظ كيف أنه داخل السلطة وداخل حركة فتح نفسها تسللت لمراكز القرار شخصيات سياسية / اقتصادية لها ارتباطات خارجية ، تحقد على حركة فتح وعلى الحالة الوطنية ، معتقدة أنه في حالة تفريغ حركة فتح من مضمونها الوطني وإقصاء الشخصيات الوطنية الملتزمة منها أو إضعافها ،ستنتهي حركة التحرر الوطني بمؤسساتها وفكرها وثقافتها وتاريخها ، مما يهيئ الوضع لمصادرة الحركة وتاريخها ولترث هذه المجموعات الطفيلية ما سيتبقى من السلطة والنظام السياسي ، أو تستغل مواقعها لتجيير الرصيد الوطني لحركة فتح وشعبيتها  لصالحها .

هذه النخبة الطفيلية الانتهازية تمثل كعب أخيل أو نقطة ضعف حركة فتح والمشروع الوطني ، وهي مقتلهما لأن خطورتها وضررها لا يقلان عن خطورة وضرر الاحتلال ، فهي تعمل على مصادرة حركة فتح بتاريخها ورموزها ، ومصادرة الوطنية الفلسطينية ، وتعمل على تحويل السلطة الوطنية والمشروع الوطني إلى مشروع مالي استثماري ، الشاطر من يستطيع جني أكبر قدر من المكاسب والمصالح الخاصة ، ويتصرف أفرادها كجماعات مصالح وليس قادة حركة تحرر وطني .

هذه النخبة الطفيلية تعتاش على التاريخ النضالي لحركة فتح وعلى الحس الوطني الفطري عند الشعب ، وهم المسئولون عن تآكل شعبية حركة فتح في داخل الوطن وخارجة ، وهم سبب في إعاقة استنهاض الحركة ، ويقفون اليوم وراء عدم قدرة الحركة على استعادة وحدتها والوحدة الوطنية واستنهاض المشروع الوطني ، إنهم يُعيدون انتاج الفشل والفساد مرة أخرى فيما متاح لهم من سلطة داخل تنظيم الحركة وفي الوزارات أو المؤسسات العمومية وشبه العمومية وفي الجامعات الخ .

هؤلاء لا يتورعون عن استعمال أية وسيلة للحفاظ على مواقعهم ومصالحهم وفرض نهجهم السياسي ، هذه الشخصيات أو (القيادات) وبالرغم من أنهم أقلية لا تعبر عن حقيقة حركة فتح تاريخا ونضالا ، إلا أن بيدهم أوراق قوة وطرق متعددة يوظفونها لاستمرار هيمنتهم على القرار الوطني وعلى حركة فتح ، ومن هذه الأوراق  :

تحكمهم أو قربهم الشديد من المواقع القيادية في السلطة والحركة والسلك الدبلوماسي ومن المرجعية السياسية والاجتماعية . ومن خلال هذه المواقع وهذه المرجعية يحاربون ويواجهون خصومهم من الفتحاويين والوطنيين .

 وجودهم في السلطة يمنحهم القدرة على التحكم بقنوات التمويل المالي والرواتب .

تحكمهم بالإعلام الحزبي والرسمي مما يمكنهم من أن يستبعدوا عن الإعلام كل من يختلف معهم ، وتُظهرون أنفسهم واتباعهم ومريديهم .

علاقاتهم الخارجية ومع جماعات مصالح من خارج المدرسة الوطنية ومع إسرائيل في بعض المجالات يزيد من قوتهم وقدرتهم على التحكم في مفاصل النظام السياسي  .

إفساد غير الفاسدين من الناشطين السياسيين والاجتماعيين ، ومن لم يستطيعوا إفساده يُحيكون من حوله التهم ويحاصرونه في مصدر رزقه ومستقبل أبنائه ويضعونه دوما تحت تهديد قطع الراتب .

تشكيل حجابة قوية حول الرئيس حيث يحجبون عنه الحقائق ويُقربون من الرئيس اتباعهم ومَن هو قريب منهم ، ويحجبون عنه أو يشوهون كل من يخالفهم الرأي أو يكشف فسادهم . ولأن هؤلاء غير محبوبين شعبيا وفتحاويا فإنهم ينتظرون أن يقوم الرئيس بتثبيتهم في مواقعهم أو بتعيينهم في مواقع قيادية أعلى سواء داخل اللجنة المركزية أو التنفيذية أو في مواقع وظيفية متقدمة أو قيادات الساحات .

العمل على إلهاء الشعب بمشاكل الحياة اليومية من : التلاعب برواتب وعلاوات الموظفين ، مشاكل انقطاع الكهرباء ، تصاريح السفر ، تحويلات العلاج ، منح الطلبة ، إثارة النزعات المُهددة للوحدة الوطنية بين أبناء غزة وأبناء الضفة ، وبين المواطنين واللاجئين ، وبين العائلات والعشائر وبعضها البعض ، وأحداث المخيمات في الضفة الغربية ليست مجرد شغب عادي  .

تأجيج الصراعات الداخلية في حركة فتح من خلال كتابة التقارير الكيدية والوشاية ، أيضا تأجيج الصراعات بين الأحزاب وبعضها البعض وداخل كل حزب ،وتعزيز الصراع على السلطة والامتيازات .

إلا أن أخطر وسيلة استعملتها هذه الجماعة لإضعاف حركة فتح وتفكيكها هي فزاعة حماس ودحلان واتهام خصومهم بالتآمر على حركة فتح وعلى الرئيس ،وذلك للتشكيك بولاء خصومهم وللتقرب للرئيس والزعم أنهم الأكثر حرصا على حركة فتح وعلى الرئيس .

ثانيا : افتعال أعداء داخليين لحرف الحركة عن مواجهة العدو الاستراتيجي

إن كانت القاعدة العريضة من حركة فتح بل ومن الشعب الفلسطيني معنية باستنهاض حركة فتح وتعمل على ذلك ، فإن جماعات مصالح تناصب العداء لهذا التوجه وتعمل كل ما من شانه تشويه الحركة وإعاقة استنهاضها ، وهي في ذلك لا تتورع عن استعمال عدة وسائل ومنها فزاعة التآمر على حركة فتح والرئيس وما يترتب عليها من طرد من الحركة وقطع للرواتب .

بداية ، يجب الإقرار بوجود تضخيم لموضوع قطع الرواتب ومحاولة استغلاله من البعض للإساءة إلى حركة فتح والرئيس أبو مازن ، ومن جهة أخرى لا نبرئ كل الذين تم فصلهم أو تم قطع راتبهم ، فبعضهم تجاوز الخطوط الحمر الفتحاوية والوطنية ومارس ما يستحق ذلك .

ولكن تمت المبالغة في قطع الرواتب بحيث طالت كثيرين لمجرد الشبهة ، أو لأمور كيدية من نخبة السوء ، مع العلم أن كثيرين من أفراد هذه النخبة ينسقون ويتواصلون سرا وعلنا مع حركة حماس ومحمد دحلان ، بل ويتآمرون على الرئيس أبو مازن وعلى حركة فتح ليضمنوا الحفاظ على مصالحهم مع جميع الأطراف وليحافظوا على خط الرجعة مع من سيتولى السلطة بعد الرئيس .

فما أن ينتقد مواطن مراكز القوى المهيمنة أو يكشف فسادها وخروجها عن الخط الوطني وعن نهج حركة فتح الوطني  أو يمارس حقه بإبداء الرأي بما يخالف الموقف الرسمي  حتى يتم اتهامه بأنه يتآمر على حركة فتح والرئيس وينسق مع حركة حماس أو مع محمد دحلان ! وبالتالي يصبح معرضا إما للفصل من حركة فتح أو قطع راتبه .

حركة فتح وكما ذكرنا سابقا ليست مجرد حزب من الأحزاب ، والانتماء لها والدخول فيها أو الخروج منها يختلف عن الآلية المتبعة في الأحزاب السياسية الصغيرة ، وتاريخيا فإن كل فلسطيني وعربي يمكنه أن يكون فتحاويا بمجرد أن يعلن عن ذلك ويعبر عن انتمائه للوطنية الفلسطينية ويحمل السلاح دفاعا عن فلسطين وعن حركة فتح الفكرة ، ولم يكن واردا مسالة الراتب أو الوظيفة بل كان المناضلون يدفعون من جيوبهم للحركة . وفي حركة فتح لا قيد أو حجّر على الانتماء السياسي وعلى حرية الرأي والتعبير والمعتقد ، فالتنوع الفكري والإيديولوجي هو ما ميز حركة فتح وساعدها على الانتشار واستقطاب كل فئات الشعب ما دام في إطار الالتزام الوطني .

لأن الحركة ليست مجرد حزب كبقية الأحزاب لذا لا يستطيع أحد تجريد الفتحاوي من فتحاويته ، لأن الانتماء لفتح انتماء للوطنية وليس مجرد عضوية في حزب أو راتب ، إلا إذا قرر الفتحاوي التخلي عن حركة فتح . تجريد أو طرد الفتحاوي من وظيفة يشغلها في التنظيم يجب أن يخضع للنظام الداخلي للحركة ، وقطع راتبه أو طرده من وظيفة حكومية يجب أن يخضع لقانون الوظيفة العمومية  .

من هذا المنطلق فإن الذين وظفوا بداية فزاعة العلاقة بحماس وبعدها  بمحمد دحلان ويكتبون التقارير للرئيس ويحرضونه ليطرد من الحركة والوظيفة مَن يرون هم أنهم موالون لحماس أو دحلان أو يقطع رواتبهم إنما يسيئون لحركة فتح ويحولونها إلى تنظيم راتب ووظيفة ، كما يقللون من قيمة الرئيس ، ويحولونه من رئيس لكل الشعب الفلسطيني وأب لجميع أبناء الشعب الفلسطيني فتحاويين وغير فتحاويين ، بما فيهم العاصين والمعارضين لنهجه إلى رئيس جماعة أو حزب سياسي مهزوز وغير واثق بنفسه يرعبه انتقاد هنا أو سلوك مشين للبعض هناك أو حرق صورته من قِبل صغار غاضبين أو مُغَرر بهم .

نعم ، من حق الجميع انتقاد الرئيس و منظمة التحرير والسلطة وحركة فتح ما دامت الانتقادات موضوعية ولا تمس بالشرعية، ولا شك أن كل الشرعيات السياسية الدستورية ملتبسة في الحالة الفلسطينية ، ولكن من غير المقبول  التطاول على الرئيس بما يقلل من هيبته وقيمته أو الطعن بشرعيته من أية جهة كانت ، خصوصا أن هذا الطعن والتشكيك يتم توظيفه من طرف إسرائيل لتبرر مقولتها بعدم وجود شريك فلسطيني أو رئيس قوي يمكن التفاوض معه ، أيضا مهين لنا أمام العالم الخارجي .

الرئيس أبو مازن ما زال رئيسا لكل الشعب الفلسطيني لأنه رئيس منظمة التحرير ورئيس للسلطة منتَخب من الشعب ، ورئاسة الشعب تسمو على كل الرئاسات الأخرى ، وبصفته رئيس منظمة التحرير الفلسطينية الممثل الشرعي والوحيد للشعب الفلسطيني هو رئيس كل أبناء حركة فتح ورئيس كل أبناء فصائل منظمة التحرير ورئيس أبناء حركة حماس وأبناء حركة الجهاد الإسلامي ورئيس أبناء غير المنتمين لأحزاب ، والمُفترض والواجب بناء على ذلك أن يتسع قلبه للجميع .

إلا أن جماعات المصالح تأبى إلا أن تُحَول الرئيس لرئيس سلطة ضعيفة أو مجرد رئيس جماعة ، ليقولوا له نحن جماعتك والآخرون أعداؤك ! . وفي هذا السياق فإن قطع الرواتب تحت ذريعة معارضة سياسة الرئيس أمر خطير ويسيء للرئيس ، ولا ندري كيف أقنعت بطانة السوء الرئيس بأن سياسة قطع الرواتب تعزز من هيبة الرئيس أو تحد من قوة معارضيه ؟ . نعتقد أن أغلب الذين تم قطع رواتبهم يحترمون الرئيس أبو مازن وليس لهم مشكلة معه ، ولكنهم ضد سلوك بعض المتنفذين وبعض قادة التنظيم ومشاكلهم مع هؤلاء وليس مع الرئيس ، إلا أن المُغرضين وغير الحريصين على حركة فتح  يحولون حالة الغضب عليهم وكأنه رفض للرئيس وسياساته .

إن قطع الرواتب على خلفية حرية الرأي والتعبير أو كسياسة عقابية ، يعتبر جريمة وسلوكا غير قانوني وغير وطني وغير إنساني ، لأن الراتب حق للموظف مقابل عمل وليس مقابل انتماء لحزب أو ولاء لرئيس ، و لأنه يعاقب أسرة بكاملها على خلفية موقف سياسي لرب الأسرة ، كما يعزز ظاهرة النفاق السياسي والباطنية السياسية .

والخطورة أيضا في سياسة قطع الرواتب وما يضعها في سياق سياسي يتجاوز المشاكل الداخلية لحركة فتح أن كل أو أغلب المقطوعة رواتبهم من اللاجئين ومن قطاع غزة ، وهو الأمر الذي يثير ضغينة بين (المواطنين ) و (اللاجئين) ، كما أنها تعزز القطيعة بين أبناء قطاع غزة من جهة والسلطة والرئاسة من جهة أخرى ، وبين تنظيم حركة فتح في الضفة والتنظيم في غزة  ، ويصب في طاحونة صناعة دولة غزة ، الأمر الذي يثير شبهات إن كان الذين وراء قطع الرواتب وتهميش غزة إنما يشاركون في صناعة الانقسام و ينفذون مخططا هدفه دفع غزة للانفصال ليس فقط على مستوى تنظيم حركة فتح بل على المستوى السياسي العام ، وهناك مؤشرات على تقارب في قطاع غزة بين حركة حماس وجماعة دحلان وبعض فصائل منظمة التحرير  وجماعات أخرى ، وهو تقارب تشجع عليه ومدعوم خِفية من جهات عربية ودولية .

ثالثا: أهم التحديات التنظيمية والخارجية أمام حركة فتح 

لأن حركة فتح مؤسسة المشروع الوطني والعمود الفقري لمنظمة التحرير الفلسطينية ولأن رئيسها رئيس منظمة التحرير ورئيس السلطة الوطنية ،فإن الشعب يتطلع لها ويراهن عليها عند كل منعطف مصيري ، وبعد كل المتغيرات التي طرأت محليا وإقليميا ودوليا إستراتيجية شمولية لاستنهاض حركة فتح والحالة الوطنية و لمواجهة الاحتلال وخصوصا بعد وصول تسوية حل الدولتين لطريق مسدود  .

وفي هذا السياق يمكن التركيز على القضايا التالية :-

1-       البرنامج السياسي

لا يكفي القول إن البرنامج السياسي للحركة يلتزم بالثوابت الوطنية برنامج إعلان الدولة في الجزائر 1988 ، لأن جميع القوى السياسية تقول بذلك ، ولأن متغيرات كثيرة وكبيرة حدثت منذ ذلك التاريخ ، وبتالي مطلوب صياغة برنامج وطني جديد للحركة يأخذ بعين الاعتبار هذه المتغيرات .

2-   تحدي الاحتلال والاستيطان

لأن حركة فتح حركة تحرر وطني ، ولأن إسرائيل ما زالت تحتل كل فلسطين وتمارس سياساتها الاستيطانية والتهويدية ، ودون التقليل من أهمية الجهود الدبلوماسية والاشتغال على الشرعية الدولية ، فإن حركة فتح مطالبة بوضع استراتيجية وطنية لمقاومة الممارسات الإسرائيلية وخصوصا المستوطنين والمتطرفين الذين يعملون على تغيير الوضع القائم في مدينة القدس والمسجد الأقصى ، وليس بالضرورة أن تأخذ المقاومة طابعا عسكريا فهناك أشكال متعددة ومتدرجة من المقاومة السلمية وفي إطار الشرعية الدولية التي تقول بأن الضفة الغربية والقدس وقطاع غزة أراضي محتلة ومن حق الشعب الخاضع للاحتلال مقاومة الاحتلال .

3-   مستقبل مشروع حل الدولتين

لأن حركة فتح رهنت نفسها ورهنت الحالة الفلسطينية برمتها بحل الدولتين ، ولأن هذا الحل ، وباعتراف الجميع بما فيها قيادات فتحاوية ، يتباعد بسبب الممارسات الإسرائيلية ، فإن حركة فتح مطالبة بالتفكير جديا بالخيارات البديلة ، للهدف أو لطريقة الوصول إليه .

4-    تحدي الانقسام والمصالحة 

المسؤولية الوطنية لحركة فتح يحتم عليها اتخاذ خطوات جريئة نحو المصالحة الوطنية الشاملة وعدم رهن المصالحة الوطنية وإنهاء الانقسام بالإرادة الإسرائيلية أو بمبادرات من هذا الطرف العربي والإقليمي أو ذاك ، والإشارات الايجابية تجاه حركة حماس التي وردت في خطاب الرئيس ردا على خطاب مشعل للمؤتمر لا تكفي   .

5-   مستقبل قطاع غزة

كان من الواجب البحث في كيفية استعادة قطاع غزة والتعامل مع الجهود الجارية لتشكيل تحالف لإدارته تحت مبررات الوضع الإنساني ، بمعزل عن منظمة التحرير والسلطة الوطنية .

6-   العلاقة بين فتح والسلطة والحكومة 

لأن السلطة محسوبة على حركة فتح وكذا الأمر بالنسبة للحكومة حتى وإن كان أغلب مكوناتها من غير الفتحاويين ، يجب مناقشة مستقبل السلطة ووظيفتها ، والحسم بتشكيل حكومة وحدة وطنية ولو في إطار فصائل منظمة التحرير الفلسطينية .

7-   البحث في علاقة حركة فتح بمنظمة التحرير الفلسطينية

مطلوب مناقشة جادة حول علاقة حركة فتح بفصائل منظمة التحرير الأخرى ، وأسباب التباعد في المواقف بينهما لدرجة القطيعة أحيانا .

8-   تجديد القيادات والوجوه

دون تجاهل التاريخ النضالي لأعضاء اللجنة المركزية وقيادات الساحات القدامى ، فإن غالبية هؤلاء قدموا ما يستطيعوا وليس بإمكانهم تقديم المزيد أو تغيير نهجهم ، سواء بسبب التقدم في السن أو ارتباطهم بمصالحهم الخاصة أو ارتباطاتهم الخارجية ، وعليه فمن المهم تغيير الوجوه  .

9-   التفرغ للعمل التنظيمي وعدم شغل وظائف أخرى

لأن القيادة مسؤولية وليست تشريف أو مجرد ملء فراغ منصب ، فمن المطلوب الزام أعضاء الجنة المركزية أن يتخلىوا عن الوظائف الربحية التي يشغلونها ويتعهدون بعدم شغل وظائف أخرى في حالة فوزهم وأن يتفرغوا للعمل التنظيمي . وللأسف فإن أغلب اعضاء اللجنة المركزية منشغلين بعدة وظائف وبعضهم يشغل أكثر من عشرة وظائف لا علاقة لها بالعمل التنظيمي ، وكل ما يربطهم بالتنظيم هو الاستفادة المالية والمرافقين .

10-  التوازن في العضوية بين مختلف المناطق والشرائح

بسبب الحالة الملتبسة في اختيار أعضاء المؤتمر،وبسبب الحساسيات المناطقية التي ظهرت في الفترة الاخيرة وخصوصا في المخيمات ، على قيادة الحركة مراعاة تمثيل متوازن لكل شرائح الشعب والمناطق : الداخل والخارج ، مواطنون ولاجئون ، مدن وقرى ، غزة والضفة ، جيل قديم وجيل جديد ، نساء ورجال .

11 -تحدي تصويب العلاقات مع العالمين العربي والإسلامي

في ظل محاولات البعض توتير العلاقة بين حركة فتح والرئيس من جانب وبعض الدول العربية من جانب آخر ، على حركة فتح التأكيد على مبدأ أصيل لحركة فتح وهو استقلالية القرار الوطني وعدم التدخل في الشؤون الداخلية للدول العربية مقابل عدم تدخل هذه الأخيرة في شؤوننا الداخلية ، وحركة فتح مطالبة بمبادرة منها لتصويب علاقاتها مع المحيط العربي والإسلامي بشقيه الشعبي والرسمي .

12- مفهوم وأساس العضوية في الحركة

لأن العضوية في حركة فتح تؤَسس على الانتماء الوطني وليس على الراتب والوظيفة ، ولأن حركة فتح غير مقيدة بالسلطة واستمرارها ووظائفها ، فمن الضرورى مناقشة سياسة قطع الرواتب وما إن شكلت شبكة حماية للحركة وصلبت عودها أم أساءت للحركة ؟ .

خامسا : المؤتمر الأخير يقطع طريق العودة لمرحلة التحرر الوطني

جاء انعقاد (المؤتمر السابع) لحركة فتح في ظل ملابسات وتحديات داخلية وخارجية غير مسبوقة : الخلافات الفلسطينية المتفاقمة ما بين حركة حماس وحركة فتح،وما بين فصائل منظمة التحرير بعضها البعض،الخلافات الفتحاوية الداخلية،محاولات بعض الدول العربية التدخل في الشأن الداخلي الفلسطيني،فشل عملية التسوية كما اعترف الرئيس في خطابه،طريقة اختيار اعضاء المؤتمر ومواصفات هؤلاء الأعضاء ، وأخيرا التغطية الإعلامية المحلية والدولية الكبيرة. كل ذلك أضفي على المؤتمر مضامين وحمولات تتجاوز الانعقاد الروتيني للأحزاب ،كما جعل الآمال عليه غير معقولة وتتجاوز قدرات المؤتمرين الذين تم اختيارهم بعناية ودقة،وهي آمال ومراهنات لا تؤسس على فهم عميق لطبيعة المرحلة وصعوبة التحديات وكيفية تفكير الرئيس أبو مازن.

في ظني أن الهدف من المؤتمر ودلالاته السياسية اتضحت مع انتخاب الرئيس أبو مازن رئيسا لحركة فتح قبل أن يطرح برنامجه وتصوره السياسي ،ومن خلال خطابه في اليوم الثاني للمؤتمر ، أما ما بعد ذلك كانتخاب الهيئتين القياديتين : اللجنة المركزية والمجلس الثوري أو مناقشات موجهة ومقصودة فكانت تحصيل حاصل ومجرد شكليات من مستلزمات الإثارة ولمناكفة بعض الجهات و لاستعراض القدراته الخطابية لا أكثر ، ولم تغير من مسار المؤتمر أو نتائجه .

منذ بداية الحديث عن عقد المؤتمر السابع تمنينا للمؤتمر النجاح وحذرنا من محاولات توظيف المؤتمر لصالح بعض جماعات المصالح وبما يوجه أمور حركة فتح نحو مسارات تشكل انقلابا عليها كحركة تحرر وطني .

بالرغم من ايجابيات انعقاد المؤتمر إلا أن المؤتمر لم يُحدث الانعطافة المتوقعة منه لأسباب متعددة بعضها موضوعي له علاقة بصعوبة المرحلة والتحديات،وأخرى ذاتي له علاقة بمؤسسة القيادة والنخبة النافذة في الحركة ، ويمكن تلخيص مخرجات المؤتمر بما يلي  :

منذ اليوم الأول لانعقاده أرسل المؤتمر رسالة مهمة للخارج فيها تأكيد على تجديد شرعية الرئيس أبو مازن كرئيس أوحد لحركة فتح بما يقطع الطريق على مزاعم واتهامات المشككين بشرعية الرئيس سواء من داخل تنظيم فتح أو من خارجه ، وخصوصا رسالة لبعض الذين حاولوا خلال السنتين الماضيتين إثارة مسألة خلافة الرئيس وتضخيمها .

إن تجديد شرعية الرئيس في فتح ستشرعن رئاسته لمنظمة التحرير والسلطة الوطنية في حالة عدم انعقاد المجلس الوطني أو إجراء انتخابات شاملة ، وقد لاحظنا كيف أنه قبل المؤتمر كان من المقرر أن يتم الدعوة للمجلس الوطني بعد شهر من المؤتمر ثم تم الحديث عن ثلاثة أشهر وأخيرا تراجع الحديث عن الدعوة للمجلس الوطني .

 حيث أنه لا يبدو في المدى القريب إمكانية عقد المجلس الوطني أو إجراء انتخابات رئاسية وتشريعية فيستمر نظام الجمع بين الرئاسات .

لم يقتصر الأمر على تكريس زعامة الرئيس بل إن الرئيس أبو مازن وضع البرنامج السياسي للحركة أو عناوينه الرئيسية مسميا إياها مجرد مقترحات ، متمنيا على الحضور الموافقة عليها ،وهو ما حدث بالفعل دون نقاش .

مع أن الرئيس أبو مازن اعترف بفشل عملية التسوية حسب الاتفاقات الموقعة إلا أنه استمر متمسكا بنهج السلام والمراهنة على الشرعية الدولية والعامل الخارجي كأساس لقيام دولة فلسطينية .

كان الرئيس أبو مازن أكثر وضوحا وحاسما دون مواربة في رفضه لنهج المقاومة المسلحة محذرا من أن تؤدي ممارستها لفوضى شبيهة بفوضى ما يسمى الربيع العربي، وهو بتالي رهن حركة فتح والمصير الوطني بخيار حل الدولتين عبر التسوية السياسية والمفاوضات .

  بالرغم من اللهجة المتصالحة تجاه حركة حماس وتنويهه بخطاب مشعل للمؤتمر ، إلا أن الرئيس لم يطرح تصورا لمبادرة فلسطينية للمصالحة بديلا عن استمرار المراهنة على الأطراف العربية لإنجازها .

تجاهل الرئيس الحالة السياسية والاقتصادية والاجتماعية الموجودة في قطاع غزة وما يجري من محاولات لتكريس فصلها ودولنتها .

إلا أن أهم ما في الأمر أنه ومن خلال خطاب الرئيس الذي يمثل البرنامج السياسي لحركة فتح،ومن خلال كيفية انتقاء أعضاء المؤتمر حيث كثير منهم من خارج حركة فتح ومن رجالات السلطة والمال  ،ومن خلال طريقة اختيار المرشحين للجنة المركزية ... تجري عملية تحويل حركة فتح من حركة تحرر وطني إلى حزب سلطة ودولة .

مع أن الرئيس خاطب المؤتمرين والعالم بصفته رئيس حركة فتح إلا أن خطابه وما طرحه من أفكار وتصورات لا تمت بصلة لبرنامج وسياسة حركة تحرر وطني ، بل كان خطاب رئيس دولة وبرنامج حزب سلطة ودولة،وما سبق وأن أشرنا إليه من تصميمه على نهج التسوية السياسية والدولة ورفضه كل أشكال العمل الجماهيري حتى المقاومة السلمية يؤكد ذلك .

تحويل حركة فتح لحزب السلطة والدولة سيغير من طبيعة الصراع مع العدو وسيقطع الطريق على العودة لحالة التحرر الوطني في حالة فشل كل جهود التسوية السياسية أو إقدام إسرائيل على ضم الضفة الغربية أو جزءا منها .

تحويل حركة فتح لحزب السلطة والدولة سيثير اشكالات حول علاقتها بمنظمة التحرير واستمرارها في قيادتها.مع أن حال كل فصائل منظمة التحرير ليس بأفضل من حال حركة فتح وهي ليست بعيدة عن السلطة وفكرة الدولة ، إلا أن الأمر سيكون أكثر تعقيدا بالنسبة لحركة حماس والجهاد الإسلامي فيما يتعلق بمطلب إعادة بناء وتفعيل منظمة التحرير،فإذا كان خيار أكبر فصيل في منظمة التحرير هو خيار الدولة والتخلي عن المقاومة فهل سيتم تفعيل المنظمة على هذا الاساس ؟.

تحويل حركة فتح لحزب السلطة والدولة ، وخصوصا إن استطاعت جر بقية الفصائل والأحزاب لهذا الخيار ، سيؤدي لفراغ في ساحة العمل الوطني التحرري سيدفع آخرين لمحاولة ملئه ، سواء كانوا من حركة فتح أو من خارجها .

، غاب التوازن في تمثيل التجمعات الفلسطينية، حيث لم تُمثل غزة في اللجنة المركزية إلا بشخص واحد من المقيمين في غزة ومن حملة هويتها ، وشخص واحد من الشتات ، ولم يتم تمثيل القدس ، نفس الامر كان في المجلس الثوري حيث غاب التوازن بين التجمعات الفلسطينية .

الخاتمة

بعد أثنين وخمسين عاما على انطلاقة حركة فتح ما زالت الحركة تتسيد النظام السياسي الفلسطيني وتقود السلطة ومنظمة التحرير الفلسطينية ، فقوى اليسار لم تتمكن خلال هذه العقود من تشكيل حالة تنافس حركة فتح في قيادة الشعب والمشروع الوطني ، كما أن حركة حماس وبالرغم من فوزها في الانتخابات التشريعية في يناير 20106 وحدوث متغيرات سياسية مواتية للحركة وخصوصا خلال العامين الأولين من ما يسمى الربيع العربي ، إلا أنها فشلت ولأسباب عديدة في الحلول محل حركة فتح في قيادة الشعب الفلسطيني .

بالرغم من ذلك فإن حركة فتح وانطلاقا من موقعها القيادي الرسمي تواجه تحديا كبيرا وهو أنها رهنت نفسها بالتسوية السياسية وحل الدولتين . في ظل استيطان يتزايد بشكل غير مسبوق و حكومة إسرائيلية يمينية وإدارة امريكية جديدة متعاطفة معها ، وفي ظل صيرورة قطاع غزة لكيان قائم بذاته ومؤشرات على توجهات عربية لتكريس هذا الوضع ...  وكلها أمور تجعل من الصعب قيام دولة ، ومع ذلك يمكن لحركة فتح تدارك الامر وتحويل السلطة من سلطة حكم ذاتي لسلطة الدولة وذلك في إطار استراتيجية وطنية يكون النضال من أجل الدولة جزءا منها مترافقا مع أشكال النضال أو المقاومة الأخرى .

بقلم/ أ. د. إبراهيم أبراش