بشرت قيادة منظمة التحرير الفلسطينية شعب فلسطين بأن العام 2017 هو عام قيام الدولة الفلسطينية، وكرر تلك البشرى السيد محمود عباس نفسه في أكثر من مناسبة، بل جاءت البشرى في بيان المؤتمر السابع لحركة فتح، الذي أكد أن العام 2017 هو عام قيام الدولة.
لم يلتفت الشعب الفلسطيني لهذه التصريحات، ولم يأخذها على محمل البشرى، لذلك لم يناقش الكتاب ألية قيام الدولة، ولم يسأل المفكرون عن الأسس التي استندت إليها هذه البشرى، ولم يدقق المثقفون بالمستجدات السياسية والميدانية للعام 2017، والتي غابت عن الأعوام التي سبقته، بل لقد استخف الشعب بمن تحدث عن قيام الدولة عام 2017، وذلك لأن التجارب الفلسطينية مع التواريخ غير المقدسة كثيرة، ولم يكن أولها تاريخ إعلان قيام دولة فلسطين في الجزائر سنة 1987، ثم تحديد عام 1999 موعداً لقيام الدولة وفقاً لاتفاقية أوسلو، ثم تحديد تاريخ 2005 موعداً نهائياً لقيام الدولة الفلسطينية وفق خارطة الطريق الأمريكية، ثم تحديد فترة نهاية الرئيس بوش موعداً نهائياً لقيام الدولة، كما جاء في أهداف مؤتمر أنابوليس سنة 2007، ثم تصريحات رئيس الوزراء سلام فياض سنة 2009، حين طلب سنتين من العمل والإصلاحات لقيام الدولة، وحدد شهر 9 من عام 2011 كموعد نهائي لقيام الدولة الفلسطينية.
في ذلك الوقت فرح بعض الناس، وصدقوا البشرى، ولاسيما أن جيشاً من الكتاب والمنظرين السياسيين حرصوا على تشبيه سياسة السيد سلام فياض الفلسطيني بسياسة "ابن غوريون" اليهودي، الذي حدد سنة 1948 موعداً لقيام دولة إسرائيل، وشرع في إقامة ويناء المؤسسات التي مهدت لقيام الدولة في الموعد المحدد.
وجاء اليوم الموعود من عام 2011، ولم تقم الدولة الفلسطينية، وإنما فقامت الخيبة الفلسطينية، حين قال سلام فياض في بيان رسمي: إن ما حققناه من جاهزية لإقامة الدولة شكل الأساس المتين للتحرك والنضال السياسي؛ الذي تقوده منظمة التحرير في كافة المحافل الدولية من أجل تجسيد الدولة على الأرض.
لقد عاد الشعب الفلسطيني على عقبيه، ليبدأ العد لموعد قيام الدولة مع انعقاد الجمعية العمومية للأم المتحدة في نوفمبر من العام 2012، حين وافقت على دولة فلسطينية بصفة مراقب.
فأين هي الوعود السابقة بإقامة الدولة الفلسطينية؟ بل أين هي الأرض الفلسطينية التي ستقام عليها الدولة، وأنتم تعرفون أن قرار مجلس الأمن الدولي لم يطلب بإزالة أي من المستوطنات اليهودية التي اغتصبت الأرض؟ ثم ما هو برنامجكم النضالي في حركة فتح؟ البرنامج المقاوم القادر على فرض الدولة على الأرض وفي الميدان، قبل أن يتحدث عنها في ختام البيان؟
عندما بشر "ديفيد بن غوريون" الإسرائيليين بقيام دولتهم، استند على البندقية، وأطلق القذيفة، واستل السكين، وقتل العرب، وسلخ جلد الفلسطينيين، واغتصب أرضهم بقوة السلاح، ثم أعلن عن قياد دولة إسرائيل! فماذا لديكم في ذكرى انطلاقتكم يا قيادة حركة فتح؟ هل لديكم ما كان لدى "بن غوريون"؟ هل لديكم مقاومة مسلحة قادرة على فرض الدولة الفلسطينية فرضاً مبيناً، أم لديكم مكاتب تنسيق أمني، يرفض محمود عباس إغلاقها رفضاً مبيناً؟
د. فايز أبو شمالة