يندفع الفلسطينيون للتعبير عن فرحتهم وارتياحهم لصدور قرار من مجلس الأمن الدولي يدين الاستيطان الإسرائيلي.
القنوات الفضائية الفلسطينية وحتى العربية تزدحم بالمحللين السياسيين والاعلاميين الفلسطينيين الذين يتناولون هذه المسألة، والتي تعكس إدراكاً عميقاً لما يمثله الاستيطان من ركيزة أساسية من ركائز الاحتلال ناهيك عن كونه الركن الأهم من أركان السياسة الصهيونية وتهويد فلسطين.
ذلك كله مهم وجميل وينبغي أن يستمر، فيشمل القطاعات الشعبية وأن يتجاوز الصيغة «الاحتفالية» التي يجري بها، فالمهم أن تتناول النقاشات الفلسطينية على اختلاف مستوياتها الحلقة الأبرز لتثمير القرار الدولي وهي الحالة الفلسطينية ذاتها. واضح أن قرار إدانة الاستيطان واعتباره عقبة رئيسة في وجه تحقيق السلام يحتاج أيضاً لأدوات عمل فلسطينية مختلفة بالتأكيد عن تلك التي بين أيدي الفلسطينيين اليوم والتي نعرف جميعاً أنها تعجز عن التقاط لحظة القرار الدولي والبناء عليها وتطويرها وخلق تفاعل دولي حقيقي معها ليس بالمعنى السياسي اللفظي ولكن بالمعنى الذي ينجح في تحويل القرار الى قاعدة لتأسيس تحالف دولي واسع ضد الاستيطان أولاً، وضد الاحتلال واستمراره لأراضي الفلسطينيين ثانياً.
أعتقد أن النقاش الجدي للقرار الدولي وما بعده يجب أن يبدأ من هذه النقطة وهو لأجل ذلك مدعو لمناقشة الأدوات الفلسطينية ذاتها وكيفية الارتقاء بها، بل وبصراحة أكبر البحث جدياً وعلنياً وعبر أوسع حوار مع الجميع عن خلق أدوات وقنوات فعل سياسي حقيقية تستطيع توحيد الإرادة الفلسطينية المبعثرة والمهمشة. ذلك ممكن فقط من خلال استعادة العلاقة الحقيقية بين القيادة الفلسطينية وشعبها وإعادة صياغتها في صورة صحيحة وبعيداً من قنوات الفساد التي تفرض وصايتها لضمان مصالحها والتي لا تزال تغرق القرار الفلسطيني في حالة الوهن واللافاعلية.
الجدل الفلسطيني عبر القنوات الفضائية الفلسطينية وغير الفلسطينية مدعو للخوض في كل ذلك بطلاقة وحرية ومن دون أية تحفظات، للوصول الى أرض صلبة يمكن أن نتحرك عليها لاستعادة زمام المبادرة في الساحة الدولية خصوصاً في ظل ارتباك حكومة الاحتلال وعزلتها وعزلة سياستها على نحو يعد سابقة.
هل يمكننا أن ننهض لمهمات هذه المرحلة بعيداً من أدوات و "مؤسسات" العمل السياسي الفلسطينية الراهنة والتي تجعلنا ندعو الى عدم تجريب المجرَب؟
راسم المدهون