دحلان القبيح ..هذا الوصف المجازي الذي يلخص النظرة الشمولية التي رسخوها لشخص دحلان على أعتبار أنه يحمل كل الآثام والتهم والجرائم التي حُمل بها وآخرها كان فصله من حركة فتح وبلا رجعة....
ما أكتبه هنا ليس رأيا شخصيا ..بقدر ما هو تحليل لواقع مرير نشهد فصوله بكل ألم ومرارة... وكاد أن يحتدم الصراع بين مؤيد ومعارض وما حصل في غزة قبل أيام لهو مؤشر خطير لنزاع خفي بين من يحملون صور للرئيس او لدحلان وتنتهي حكايتنا الفلسطينية بعباسيين ودحلانيين..
لله درك يا شعبنا كم تحملت وكم ستتحمل..!
لا يهمني دحلان ولاعباس ولم يكن يهمني حتى الزعيم الخالد ابو عمار بشخصه بقدر ما كان يهمني وطني الحبيب
خطاب دحلان
بكل تجرد .. كان خطابا مدروسا ً موجها ً منظما محددا شاملا..
وأعتقد أنه كان نتاج عمل مؤسسة قيادية فيها من الإعلاميين والسياسيين والناطقين الرسميين العباقره..
تحدث دحلان بكل فصاحة ووضوح وأكد على أنه فتح ولن ينشق عنها حتى أنه قال أنه أم الولد.....
ونقول ...وأنا أتحدث هنا نيابة عن طيف من الفتحاويين التاريخيين الذين لم يبدلو تبديلا ..بأننا نحن الفتحاويون الغاضبون والذين تم أقصاؤنا عنوة ..
وإذا اعتبر دحلان أنه أم الولد ..فنحن أم الولد وأبوه وجده...ولا أحد له الحق أن يفصل فتح على هواه ومزاجه ..
ففحتنا هي العاصفة وستظل ثورة حتى النصر كما واكبناه منذ نشئتها حتى لو أنحرف بها المنحرفون رغم أنف المتهالكين على بقايا كنتونات بين المستوطنين.. !
وهؤلاء تحت حجج واهية ولعبه شيطانية أقصوا قادة كبار ليس لهم علاقة بدحلان بل لأنهم من الرعيل الاول أمثال أبو ميزر والحسيني وال طاهر وعثمان مرار وفؤاد البلبيسي وآخرون ممن دفعوا بالجهد والدم حتى وصل هؤلاء إلى مناصبهم عنوة
أما بخصوص دحلان الذي أصبح تيارا ً له أتباعه..ومن ينكر فهو غبي
وقد كان لي رأي قبل أشهر لخصته بعنوان ..
( إذا كان هكذا هو دحلان فالإعدام جزائه وليس الفصل )
ونشرته في ثلاث حلقات وضحت خلاله الكثير من الأمور التي أحاطت بقضية دحلان والتهم الخطيرة وضرورة البت فيها..
وسأتحدث بموضوعية دون مواقف مسبقة من أي طرف فأنا لست منحازا إلا لفتح العاصفه وأرواح الشهداء..
دحلان من الماضي.....
البعض ربما يقول دحلان أصبح من الماضي...لا بل هناك من يقول ..خلاص فكونا من سيرته السيئه ..ولن نسمح لأحد بذكر إسمه.... ومن يتحدث عنه يكون خارج الصف الفتحاوي
و لي رأي آخر....
فدحلان الذي كان من الممكن أن يتم تجاهله قبل عام لا يمكن تجاهله هذا العام...
ولربما لو تم اعتماد الذكاء من قبل القياده في تجاهل دحلان
وتركه وحيدا دون إثاره ونبش مواضيعه وإعادته إلى الواجهه بعد غياب طويل...مما جعله يخرج للإعلام ويرد على ما أتهم به علنا ً مما جعله يعيد طرح نفسه مجددا ً ويجمع مؤيديه بشكل أكثر وضوحا بعد أن كانوا في الخفاء....
أستمعت لخطابه أمس ولم أتفاجأ لا بالشكل أو المضمون
فمن حيث الشكل من الواضح أن هناك جهدا تم بذله لإظهار دحلان كقائد وزعيم يتحدث كأي زعيم على طاولة رئاسية والعلم خلفه...ناهيك عن أسلوب الخطابة..
فالخطاب بدون شك أنه صيغ بطريقة مهنية سياسية محترفه
وهو نتاج جهد مشترك لخلية من الساسة الجباهذه
ورغم ما به من نقد لاذع للرئيس إلا أنه حافظ على شعرة معاوية وبما يترك الفرصة للوسطاء من جديد ...!
الإلقاء كان متميزاً لأبعد الحدود
أما المضمون..فقد تحدث الرجل بكل هدوء وروية وتسلسل
من خلال نقاط محدده طرح خلالها برنامجا مترابطا يحاكي الواقع الفتحاوي والفلسطيني
أعتقد أن دحلان ومن معه قرروا أن يكون الخطاب هذا هو المؤتمر المبادرة أو الخطة الجديدة بعد أن قيل أنه بصدد عقد مؤتمرا ً موازيا ً للمؤتمر السابع...أو أي إجتماع تم الترويج له خلال الأسابيع الفائتة...مما كان يفسر أن هناك إنشقاقا ً قادما....
وكان الكثيرون ينتظرون إنشقاقا ً وقد حضروا له جراراً يكسروها خلفه ....
دحلان تحدث في بعض التفاصيل المهمة وقد أوضح علاقته بالرئيس وكيف تم بنائها وكيف تم التوافق في السلطة والمؤتمر السادس وكيف دعموا بعضهما بعضا ً وأخذ أكثر الأصوات
وتحدث عن فتح بما يدغدع عواطف المناضلين الذين لا يرون فتح إلا حركة نضالية هدفها تحرير فلسطين
تحدث عن المفاوضات وعن التنسيق الأمني بأسلوب الرافض
تحدث عن الوضع الفلسطيني بشكل عام وتوحد الجميع تحت راية المنظمة التي يجب إعادة تنظيمها بما يتلائم مع المستجدات..وطرح موضوع المصالحة مع حماس والتوافق مع الجميع على برنامج وحدوي مع جميع الفصائل
وأعتقد أنه عندما أشار إلى إجتماع المجلس الوطني في القاهرة او في عمان لم يكن إلا بعد موافقة البلدين المعنييان في اللجنة العربية التي فشلت في رأب الصدع...وبإشارة واضحه للعودة للعمق العربي
جوهر الموضوع وأهدافه....
أولا..في هذا الخطاب الذكي والذي كما قلت جاء مدروسا بعناية فائقة...أ
والذي جاء كرد على المؤتمر السابع حيث لم يعترف به وأظهر دحلان فرقا شاسعا بينه وبين الرئيس الذي ألقى خطاب المؤتمر السابع والذي أعتمد خلاله بعضا من الجدية وكثيرا من التهريج والإفيهات والنكت و التصفيق الغير منضبط
ثانيا.. خطاب دحلان كان جديا بلا بهرجة وبتركيز محكم
دون فواصل ولا تداخل في المواضيع
ثالثا. وضع دحلان بنودا ً رئيسية لقضايا تشغل بال الفتحاويين وحتى غيرهم من أبناء التنظيمات ناهيك عن العامة والذين هم في حيرة من الوضع الذي وصلت إليه فتح والقضية الفلسطينية وقد إختصر و بترتيب وتسلسل لم يسمعه الجمهور الفتحاوي من قبل وأظهره كرجل جاد ملتزم
رابعا...جاء خطاب دحلان في وقت الخمول الذي أصاب فتح بعد المؤتمر السابع والذي كان كحفلة عرس لعاشقين تحديا الاعراف والعادات والتقاليد وتزوجا زواجا مدنيا دون رضى الأهل والعشيرة....وهاقد مضى شهرا على المؤتمر إكتفوا بالحفلة وهم الان يتنافسون على الحصص والحقائب...
خامسا.. إعتبر المؤتمر غير قانوني وهو رأي الغالبية من أبناء فتح والذين منهم من طالهم الإقصاء والأسباب باتت معروفه
سادسا... ففي كلام دحلان ما هو جديد خاصة في قوله علينا تحديد أولوياتنا ووقف المفوضات والتنسيق الأمني وترتيب البيت الفلسطيني لمواجهة الإحتلال بما يمكننا من اتخاذ مواقف أكثر قوة ونحن موحدين بدل هذا الضعف الذي أوصلنا إلى هذا الهوان والمهانة....وهذا رأي معظم الشعب الفلسطيني والمتعاطفين مع القضية الفلسطينية
ملخص القول ...
دحلان في خطابه وكأنه يجيب على سؤال يسأله الكثيرون في الوطن....
يا دحلان ... مشكلتك وأبو مازن هي مشكلة شخصية...
وأنتم لاتختلفون لا في النهج ولا في السياسه...فعلى ماذا تحاول المنافسه والتباهي بأنك أفضل منه....!
أعتقد أن الخطاب أجاب على هذا السؤال الذي كان يتردد ما الفرق بينك وبين أبو مازن ... من خلال ما طرحه وبشكل تفصيلي.. ...طرح برنامجا ً بنقاط واضحة فتحاويا وفلسطينيا
ليقول ...الخلاف ليس شخصيا ً..بل على النهج والبرنامج...
وهذا هو برنامجي....
منذر ارشيد