هل ستنجح اللجنة التحضيرية بانهاء الانقسام

بقلم: عباس الجمعة

يعتقد الكثيرون من أبناء الشعب الفلسطيني وكذلك المتابعين للشأن الفلسطيني أن إنهاء الانقسام أصبح أمراً قريب المنال، وان تحقيقه على الأقل في القريب المنظور، قد كتبنا اكثر من مرة ان هذا الامر يستدعي مواقف وحلول كاملة وشاملة لإنهاء الانقسام.

واليوم مع دعوة اللجنة التحضيرية المكلفة بالإعداد لعقد المجلس الوطني، للاجتماع في العاصمة اللبنانية بيروت يومي 10و11 كانون ثاني الجاري لاجراءمشاورات بين الفصائل بما فيها حركتي حماس والجهاد الإسلامي، وذلك استنادا إلى قرار اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية من اجل عقد دورة عادية للمجلس الوطني تكون ناجحة وتُشكل رافعة حقيقية لتوحيد الصف الوطني وتعزيز الوحدة الوطنية واستعادة وحدة النظام السياسي الفلسطيني، وتفتح الطريق أمام انتخابات عامة، تأتي تصريحات السيد موسى ابو مرزوق عن إقامة "حكومة فيدرالية" كحل من الحلول الممكنة في ظل استمرار الانقسام الداخلي الفلسطيني، وهذا بكل تأكيد يشكل تكريس للأمر الواقع وتعميق للأزمة الفلسطينية والانقسام، و استمرار الوضع على ما هو عليه في قطاع غزة والضفة الغربية، وهو هروب من إنهاء الانقسام والاتفاق على عقد المجلس الوطني الفلسطيني وتشكيل حكومة وحدة وطنية تعالج الأزمة وتوحد المؤسسات الوطنية وتحضر للانتخابات الرئاسية والتشريعية وتعمل على إعادة إعمار ما دمره الاحتلال في قطاع غزة ، مما يتطلب في هذه اللحظات توحيد طاقات الشعب الفلسطيني ، والخروج من هذا المأزق بأي ثمن، وتنفيذ وثيقة الوفاق الوطني التي تم الاجماع عليها في القاهرة .

ليس أمامنا أي مخرج إلا بهذا اللقاء وتوحيد الجهود من قبل اللجنة التحضيرية، من حيث المبدأ، وتحميل اي فصيل مسؤولية الاستمرار في الانقسام وعملية التشرذم، رغم ادراكنا ونحن نرى في التصريحات بأن ما زالت هناك مسافة كبيرة باتجاه الوحدة الوطنية، لكن مهما كانت المسافات فإن الوعي الوطني وبالمصالح الوطنية لشعبنا وأهدافه الوطنية والانتماء لقضية هذا الشعب كفيل أن يغلق الفجوة بين المسافة وبين الواقع المطلوب باتجاه الوحدة الوطنية، والتعددية والديمقراطية الداخلية الفلسطينية والاختلاف الديمقراطي والسياسي والتعارضات السياسية، وليست التناقضات التناحرية هي أيضاً كفيلة دائماً بتقريب المسافات، المهم أن نعي كيف نتمسك ونؤكد على وعينا الوطني لحساب قضايانا الوطنية وثوابت شعبنا وحقوقه ومستقبله الوطني، وحماية مشروعه الوطني ، وكيف نتعاطى مع هذه الأهداف الوطنية بوسائل سياسية ديمقراطية، فهذا هو المدخل الأساس والوحيد للتوصل إلى عقد المجلس الوطني الفلسطيني ، وتعزيز الوحدة الوطنية على قاعدة وثيقة الوفاق الوطني وتفعيل وتطوير منظمة التحرير الفلسطينية على ارضية شراكة وطنية حقيقية .

من هنا نقول لا بد من الصحوة في هذه اللحظة التي نحتفل فيها بالذكرى الثانية والخمسون لانطلاقة الثورة الفلسطينية المعاصرة ،وأخذ العبرة والدرس لتجاوز كل تناقضاتنا الداخلية على قاعدة الحد الأدنى من الاتفاق لمجابهة كل المخططات العدوانية الصهيونية في هذه اللحظة واللحظات القادمة.

وفي هذه الظروف الدقيقة نرى أن اغلبية النظام العربي بات فاقداً ليس فقط لوعيه القومي، وإنما وعيه الوطني، وفقد المعطيات الضرورية للتعاطي مع أمنه القومي بصورة صحيحة تتناسب وتتفاعل مع المصالح الوطنية للشعوب العربية، لذلك واقع الحال الآن أن بعض الانظمة اصبحت محكومة ومرتهنة للسياسيات الأمريكية الصهيونية في المنطقة، بعيداً عن القضية الفلسطينية وجوهرها، وها ما نراه من خلال ما يجري من تطبيع علني مع هذه الانظمة على حساب الحقوق الوطنية للشعب الفلسطيني وعلى حساب الحقوق القومية للشعوب العربية، حيث نرى وندرك أن العجز الرسمي العربي كان أحد مبررات ذلك الانقسام الفلسطيني، للابتعاد عن متطلبات القضية الفلسطينية والدعم القومي العربي للقضية وللشعب الفلسطيني .

ومن موقعنا نجد أن النظام العربي بات يرى في هذه المرحلة من هذا الارتهان الرسمي العربي أن القضية الفلسطينية باتت عبئاً ثقيلاً على كاهله ويريد أن يتخلص منها بأي ثمن، فبعض الانظمة لا يمكن أن تنتج الا مزيداً من المخاطر على القضية الفلسطينية، وهنا تكمن أهمية أن تعي جميع الفصائل الفلسطينية أهمية الوحدة على قاعدة الحد الأدنى، وألا يكونوا رهينة بيد بعض الانظمة العربية.

ان إرادة الشعب الفلسطيني الذي يقود انتفاضته ومقاومته بثبات في الضفة والقدس ويقدم قوافل الشهداء والجرحى والاسرى ، يطالب الجميع بالتمسك بالمشروع الوطني ومواجهة مخاطر المرحلة المقبلة، فنحن أمام مرحلة جديدة تتطلب حماية منظمة التحرير الفلسطينية واستعادة دورها كجامع وإطار أساسي يجمع كل القوى الفلسطينة، وهذا يستدعي من الإخوة في حركتي حماس والجهاد ان ينضووا في إطار منظمة التحرير في هذه المرحلة الدقيقة .

امام كل ذلك فاننا نثمن عاليا عقد اللجنة التحضيرية للمجلس الوطني الفلسطيني في بيروت من اجل القيام بخطوة توجيد الجهود الفلسطينية ونحن نأمل ان تشكل هذه الاجتماعات آمالا كبيرة بعد فشل كل المصالحات السابقة وايجاد الحلول بعيدا عن النظرة الحزبية الضيقة ، وضخ أفكاراً جديدة قد يكون العصا السحرية التي تجعل الانقسام خلف ظهورنا جميعاً.

ختاما : إذن المطلوب من الغيورين على قضية فلسطين وشعبها وهم كثر؛ المساهمة بصورة مؤثرة وفاعلة من خلال دعم جهود اللجنة التحضيرية للمجلس الوطني ، للخروج من نفق الانقسام ، وتنفيذ ما قد يسفر من اتفاق ممكن وسهل لعقد المجلس الوطني الفلسطيني حتى تستعيد القضية الفلسطينية زخمها وللشعب الفلسطيني كرامته.

بقلم/ عباس الجمعة