إذا كان لي أن أصف باراك أوباما بكلمة واحدة فهي أنه جبان، فالجبن كان الصفة الغالبة للسنوات الثماني التي قضاها في البيت الأبيض وهو يعِد ولا يفي. جبن أوباما لا يمنعني من أن أسجل له أن إدارته بدأت والولايات المتحدة تعاني من أزمة اقتصادية خانقة لفـّت العالم كله. هو نجح في الخروج من تلك الأزمة، والولايات المتحدة اليوم القوة الاقتصادية الأولى في العالم بلا منازع، والسنوات الثماني الماضية شهدت زيادة عدد الوظائف في الاقتصاد الأميركي بأكثر من 10.5 مليون وظيفة، مع ضمانات صحية لذوي الدخل المحدود.
هذه الإنجازات لم يحققها رئيس أميركي خلال عقود من عملي في الصحافة وأعتقد بأنني أنصفت الرئيس الأسود.
أنصار إسرائيل ليس لهم مثل رأيي وهم نوعان، واحد ظاهر في ميديا أميركية ليكودية منحطة مثل ليكود إسرائيل، والآخر مقنّع يخفي ولاءه الإسرائيلي وراء مزاعم الموضوعية والمهنية.
من النوع الثاني بعض كتّاب الرأي في نيويورك تايمز" و واشنطن بوست" فهم ليكوديون حتى العظم، وغالباً ما يطفو تطرفهم الى السطح في افتتاحيات الجريدتين.
أختار اليوم أن أترجم حرفياً أول فقرة في افتتاحية لـ واشنطن بوست" والعالم يودع 2016. هي قالت: إدارة أوباما تنهي ثماني سنوات من الديبلوماسية الفاشلة في الشرق الأوسط حيث بدأت سنة 2009 بتركيز مبالغ فيه وخاطئ على بناء إسرائيل المستوطنات. وزير الخارجية جون كيري شن حملة شعواء على استمرار نمو الإسكان اليهودي في الضفة الغربية وفي شكل كان فيدل كاسترو سيُعجب به، وهو تحدث مثل باراك أوباما في الأشهر الأولى من ولايته الأولى عندما أصرّ على أن تجمد الحكومة الإسرائيلية الاستيطان لبدء مفاوضات على قيام دولة فلسطينية. نتيجة طلب الرئيس كانت تشجيع القادة الفلسطينيين على مقاومة أي تنازلات وهم يسعون إلى إلغاء شرعية إسرائيل حول العالم فتوقفت عملية السلام وفرض رئيس وزراء إسرائيل بنيامين نتانياهو حظراً موقتاً على البناء. كل الكلام السابق إسرائيلي الهوى وخاطئ أو كاذب. المستوطنات جريمة والوقوف ضدها ليس خطأ، وفيدل كاسترو أفضل ألف مرة من الليكوديين بين كتّاب افتتاحيات صحف أميركية ليبرالية أقرأها يومياً وأصدق أخبارها لا آراء الليكوديين فيها. المستوطنات ليست سكناً يهودياً بل جريمة مافيوزية"، وطلب الرئيس وقف الاستيطان لم يشجع قادة الفلسطينيين على العمل لإلغاء شرعية إسرائيل فهي لم تكن يوماً شرعية، وإنما مستوطنة لليهود الأشكناز من جبال القوقاز في فلسطين التاريخية. ثم إن العالم كله يكره إسرائيل، وقد أصبح بعض هذا الكره يوجّه ضد اليهود حول العالم، ما أعتبره أنا الكاتب العربي لاساميّة غير مبررة إطلاقاً فغالبية من اليهود في الولايات المتحدة وحول العالم وسطية ليبرالية، وقد رأينا وسمعنا مواقف وتصريحات لقادة يهود عارضوا تعيين الليكودي النَفَس ديفيد فريدمان سفيراً للولايات المتحدة في إسرائيل، فهو يؤيد الاستيطان ومواقفه كلها حقيرة مثله.
عندي عشرات الأخبار والمقالات الليكودية التي تهاجم أوباما ولكن المجال ضيّق فأختار منها افتتاحية لليكودي المتطرّف تشارلز كراوتهامر في "واشنطن بوست" أيضاً. كان عنوان المقال: اللحظة الأخيرة الأكثر عيباً في إرث أوباما. أسأل: ما هي هذه اللحظة؟
العيب في الكاتب المتطرّف الذي يشير إلى عدم استعمال الولايات المتحدة الفـــيتو في مجلس الأمن - كعادتها دائماً - لمنع إدانة العالم مواقف إسرائيل، وتحديداً المستوطنات غير الشرعية في رأي العالم كله الذي أيد قرار الشرعية الدولية.
إسرائيل دولة منبوذة حول العالم، وهي سبب انتشار اللاساميّة قبل أي سبب آخر، والكونغرس الأميركي لا يمثل غير أعضاء اشتراهم لوبي إسرائيل بالدولار، لذلك هم مفضوحون مثل حكومة نتانياهو وشركاء في جرائمها السابقة واللاحقة.