عملية القدس تعيد الزخم للانتفاضة والمقاومة

بقلم: عباس الجمعة

في ظل مشهد مُعقد في المنطقة العربية، وامام التطور البارز في عقد اجتماعات لجنة المتابعة للمجلس الوطني الفلسطيني ، امام ما يحيق القضية الفلسطينية من مخاطر نتيجة الانحياز الامريكي الاعمى لكيان الاحتلال والحديث عن نقل السفارة الامريكية الى القدس ، وبعد الانتصار في القرار الاممي 2334 في مجلس الامن بوقف الاستيطان بعد ان غابت القضية الفلسطينية ، اتت عملية القدس البطولية في جبل المبكر من إعادة الزخم للقضية الفلسطينية .

ان عملية القدس البطولية اتت ردا على كيان الاحتلال ومخططاته الاستعمارية، وتضييق الخناق على الشعب الفلسطيني والتنكيل به أكثر فأكثر، وارتكاب المزيد من الجرائم الإنسانية.

ان الشعب الفلسطيني اليوم يستعيد زمام الامور من خلال نضاله المتواصل على المستوى النضالي والسياسي والدبلوماسي والقدرة على ممارسة الفعل من خلال مقاومته البطلة في طعن ودهس جنود الاحتلال والمستوطنين .

ان استمرار عمليات الطعن بالسكاكين والدهس بالسيارات لقوات الاحتلال والمستوطنين في القدس والضفة هي جزء من صيرورة الانتفاضة، التي تستمر وتدشن مرحلة جديدة في النضال الوطني التحرري الفلسطيني ضد الاحتلال ، حيث تتسم انتفاضة السكاكين والدهس عمادها الأساسي الشباب الفلسطيني الذي يعاني من الإجراءات التعسفية على الحواجز، ومن تمادي الاحتلال والمستوطنين في استيطانهم وتهويدهم للأرض، وفي اعتداءاتهم الوحشية، على المقدسات، وان اللافت في عملية جبل المكبر بقلب القدس المحتلة انها تشكل تطور نوعي في قدرات الانتفاضة.

ومن هذا الموقع نتطلع الى اهمية النتائج التي خرجت من اجتماعات اللجنة التحضيرية للمجلس الوطني الفلسطيني في بيروت ، التي في استطاعتها خلق حالة من التوافق بين جميع قوى الشعب الفلسطيني حتى تشكل تطور المقاومة من خلال مواصلة الكفاح الوطني المشروع وفق ما نصت عليه القوانين والمواثيق الدولية لشعب ودولة تحت الاحتلال.

لهذا نرى ان خط المواجهات ضد الاحتلال وقطعان مستوطنيه ، وتطور الانتفاضة والمقاومة الشعبية بكافة اشكالها، يجب ان يتصاعد ويتوهج في الفعل الفلسطيني، رغم غياب اي دعم عربي رسمي ، فإنه يعتبر إنجاز فلسطيني بحق.

وفي ظل ما نرى انه من الواجب ان يتوقف الجميع بشكلٍ رئيسيٍ امام قدرة الشعب الفلسطيني وشاباته وشبابه على مواصلة الانتفاضة والمقاومةمن اجل خلق معطيات جديدة على الأراضي المحتلة لخدمة القضية.

وفي ظل هذه الظروف نرى رفض رؤية كيري لانها بكل وضوح لا تقتصر على الانحياز الأمريكي الفاضح للكيان الصهيوني، ولكن أيضًا طبيعة النظرة التي تميل للتعامل مع الحقوق الثابتة والمشروعة للشعب الفلسطيني كما لو كانت مشاكل تقنية تعيق طريق الحل، فيجري تقديم

أفكار سطحية للتلاعب في هذه الحقوق وطرح حلول تفرغ قضية كقضية اللاجئين من مضمونها السياسي والإنساني، فبالتأكيد نحن لا نتحدث عن مشكلة سكنية لمجموعة من الناس الذين ألمت بهم كارثة طبيعية، بل عن ضحايا لجريمة حرب استعمارية أدت لاقتلاعهم وتهجيرهم، يجب محاسبة مرتكبيها ودعم ضحاياها بإعادة حقوقهم كاملة، وفي مقدمتها حقهم في العودة والتعويض.

ان الموقف الأمريكي ينسجم فعليًا مع التسليم والدعم للرؤية الصهيونية، والشق الأكثر عنصرية في الطرح الصهيوني، الذي يسعى لتطهير الأرض من سكانها الأصليين لإقامة كيان يهودي، وهو ما يجري طرحه اليوم بمصطلح الدولة اليهودية، رغم أن القيم الإنسانية المشتركة تنبذ وتجرم الفصل العنصري وتصنفه كجريمة ضد الإنسانية، اضافة الى موقف الادارة الامريكية السافر المعبر عن دعمها للكيان الصهيوني وعدوانه المستمر على الشعب الفلسطيني، في ظل موقف بعض الانظمة العربية التي تتناغم مع الادارة الامريكية وتسعى الى تطبيع علاقاتها مع كيان الاحتلال، وترحيب العديد من هذه الانظمة برؤية كيري الأخيرة، اضافة الى ضابيبة الموقف العربي من قضية اللاجئين، وهذا يعتبر تجاوز فاضح لحقيقة الكيان الصهيوني وطبيعته العنصرية العدوانية التي تدعمها هذه الرؤية وتشجعها.

امام كل ذلك نأمل ان يغلق ملف الانقسام الفلسطيني لانه شكل عاملاً سلبياً القى بظلاله السوداء على انتفاضة ومقاومة الشعب الفلسطيني وضرورة الاسراع في عقد المجلس الوطني الفلسطيني التوحيدي من اجل ان تتوفر الإرادة السياسية على قاعدة الوحدة الوطنية، وتنفيذ ما تم الاتفاق عليه في اتفاقات القاهرة.

ختاما : وسط كل هذه التحديات اتت عملية القدس وقبلها كل العمليات في وجه الإرهاب الصهيوني، حيث يمتشق الشعب الفلسطيني سلاح الإرادة والصمود والإيمان بعدالة قضيته، ليسجل انعطافة تاريخية جديدة في مسيرته النضالية على طريق تحرير الارض والانسان.

 

بقلم / عباس الجمعة

كاتب سياسي