تروتسكي فلسطين: المفكر والمناضل أبو اياد

بقلم: باسل خليل خضر

ليس غريب على قوى الشر ان تغتال قادة عظام أمثال أبو اياد و أبو الهول وفخري العمري، أوهبوا لفلسطين حياتهم وقاوموا المحتل بكل حماسة، وها نحن تمر علينا ذكرى استشهادهم فيجب علينا ان نعطيهم حقهم مقابل ما قدموه لفلسطين، الشهيد أبو اياد صلاح خلف اغتاله الموساد الإسرائيلي على يد العميل لديه" حمزة أبو زيد" بتخطيط وتوجيه من "صبري البنا" زعيم منظمة أبو نضال في 14 يناير 1991 تونس في عملية طالت القيادي في حركة فتح هايل عبد الحميد الملقب بأبو الهول والقيادي أبو محمد العمري الملقب بـ فخري العمري حيث كان الثلاثة يعقدون اجتماعا في منزل أبو الهول، حين اقتحم المنزل العميل "حمزة أبو زيد" وكان أحد افراد طاقم الحراسة للشهيد أبو الهول.

لقد كانوا أبطالاً حقيقين، أوجعوا العدو كثيرا بمقاومتهم وفكرهم وثقافتهم العالية، وفي هذا المقال نحن بصدد الكتابة عن مفكر عظيم ومقاوم عنيد وجريء، صلاح خلف أبو اياد من سكان غزة.

أطلق علية البعض لقب تروتسكي فلسطين وذلك لأنه يتشابه مع  ليون تروتسكي: ماركسي بارز وأحد زعماء ثورة أكتوبر في روسيا عام 1917م ومؤسس المذهب التروتسكي الشيوعي الذي يدعو إلى الثورة العالمية الدائمة ، وهو أيضاً مؤسس الجيش الأحمر ، كان له الأثر الفعال في القضاء على أعداء الثورة ، حيث يعتبر أفضل العقول في الحزب الشيوعي، فأن شهيدنا أبو اياد يتشابه في كثير من الأمور مع تروتسكي وفي هذا المقال سوف نذكرها.

يعتبر أبو اياد أحد أهم منظري الفكر الثوري لحركة فتح ومفكرين الثورة الفلسطينية وكان من مؤسسين الثورة الفلسطينية وحركة فتح، تمتع بعقلية عبقرية مكنته من القيادة السليمة في حركة فتح، كان من اكثر الاشخاص الذين يدعون الى توسيع الثورة وكان اكثر حضورا على المستوى العربي فكل مرة يظهر فيها كان يضيف الجديد من الآراء والمواقف التي تخص الأمة العربية جميعها، ولذلك فقد قال المقربون من صلاح خلف : انه صاحب شخصية مركزية تجاوزت الحدود الفلسطينية، وقد شغل مناصب كثيرة خلال مشواره النضالي من ضمنها مسؤول ملف الامن في حركة فتح، وعضو لجنة مركزية ويعتبر من اشهر اعضائها على الاطلاق، ويتمتع بالذكاء والقدرة على إصدار القرارات إلى جانب استطاعته إرضاء كل الأطراف المتنازعة اكثر من أي شخص آخر، وكما كان يعتبر تروتسكي الرجل الثاني بعد لينين فأن شهيدنا أبو اياد كان يعتبر الرجل الثاني بعد ياسر عرفات رحمة الله عليهما.

من أهم ما قدمة ابو اياد على نطاق التنظير والفكر انه  أول من طرح فكرة الدولة العلمانية في فلسطين، التي يتعايش فيها الأديان الثلاثة (المسلمون والمسيحيون واليهود) متساوون في الحقوق والواجبات، وكان شهيدنا من أبرز المحاورين على كافة المستويات العالمية والعربية والمحلية فكان يتمتع بقدرة كبيرة في صياغة التوجهات والمواقف والتصريحات، وكان يجيد وضع الاستراتيجيات ويتقن بناء التحالفات.

كما ذكرنا فأن تروتسكي اسس الجيش الاحمر الذي وصل فيما بعد الى اقوى جيوش العالم، فأن شهيدنا أبو اياد أيضا قام بوضع ركاز واسس جهاز الرصد الثوري وهو الجهاز الامني الخاص بالثورة الفلسطينية وحركة فتح، وأوصل أبو اياد هذا الجهاز الى أعلى مستويات  سواء على المستوى الاقليمي او العالمي، وقد اعترف بقدرة هذا الجهاز خبراء الامن في العالم، ووصل جهاز الرصد الثوري على المستوى الخارجي مرتبة نافس فيها الموساد الإسرائيلي والسي آي ايه الأمريكية والكي جي بي السوفياتية بالرغم من الإمكانيات المتواضعة للثورة الفلسطينية.

ما يميز أبو اياد انه كان رجل جريء في كل تحركاته، وكان يستبق الاحداث بقرارات سليمة، فمن المعروف عنه انه كان يتخذ قرارات بدون الرجوع الى اللجنة المركزية لحركة فتح، وفي الغالب كانت اللجنة توافقه على قراراته، وايضاً كان جريء في طرح أفكاره الخاصة به، وأهم ما يميزه موقفة الواضح من حرب العراق على الكويت رغم ان القيادة الفلسطينية كانت تقف بجانب الرئيس صدام حسين الا انه كان يرفض التدخل في مثل هذه القضايا وأعلن رفضه الصريح لحرب صدام حسين على الكويت.

من أهم مبادئ الشهيد أبو اياد أنه كان يقول (أنه دائماً يقف مع الأحداث التي تؤدي في النهاية لتحرير فلسطين المحتلة وتخدم كل مصالح الشعب الفلسطيني الذي يعيش في أرضه المحتلة أو يعيش متفرقاً بين الشعوب العربية المجاورة)، هذه الكلمات تبين مدى حرص الشهيد المناضل على الحفاظ على القضية الفلسطينية، وحرصة الشديد على تحديد مسار النضال من أجل الوصول الى تحرير فلسطين التي كان يحلم بها.

رحم الله شهيدنا البطل أبو اياد والشهيد أبو الهول والشهيد فخري العمري.

بقلم/ باسل خضر