معضلة كهرباء غزه افتعال لازمه أم تصدير للازمه

بقلم: علي ابوحبله

لا شك أن غزه تعاني من أوضاع اقتصاديه خطيرة جدا وقد سبق لمسئول كبير في وزارة الاقتصاد الوطني من حركة حماس أن حذر من انفجار الوضع في غزه حال استمرت إسرائيل بمنع توريد الاسمنت إلى القطاع ، وقال عماد ألباز وكيل الوزارة لوكالة فرانس برس في حينه "إذا استمرت إسرائيل بمنع توريد الاسمنت إلى غزة فان الوضع سينفجر في وجه الاحتلال وعليه أن يتحمل المسؤولية".

وتابع "العواقب وخيمة للقرار الذي أدى إلى وقف عجلة الأعمار والبناء بتدمير الاقتصاد وزيادة البطالة وانعكاساته سلبية على عشرات آلاف المواطنين الذين لا يزالون بلا مأوى بسبب الحرب الأخيرة" في صيف 2014.

وأكد أن وزارته وحركة حماس "لا تتدخل بآلية الاسمنت، ونتحدى أن تأتي إسرائيل بأي مواطن اخذ الاسمنت دون أن يكون اسمه على قوائم المستفيدين وفق الآلية العقيمة لروبيرت سيري (مبعوث الأمم المتحدة السابق للسلام في الشرق الأوسط)"، مبينا أن "كافة أماكن التوزيع المعتمدة مرتبطة بكاميرات تصوير مع المخابرات الإسرائيلية".

وبعد أن أشار إلى أن وزارته "تتدخل فقط لمراقبة الأسعار وملاحقة التجار الذين يتلاعبون بالأسعار" طالب المجتمع الدولي والأمم المتحدة "بالتدخل لرفع الحصار وإدخال مواد البناء والاسمنت لان توقفها كإرثي على الوضع في قطاع غزة

وقال إن إسرائيل "وردت نحو 400 ألف طن اسمنت منذ بدء آلية توريده (في 2015) لكن قطاع غزة بحاجة الى مليوني طن اسمنت".

وسبق لحركة حماس وفصائل فلسطينيه أن حذرت من انفجار الأوضاع في غزه في وقت أعلنت فيه الأمم المتحدة وقف المساعدات لإعادة أعمار غزه ، ورفعت كتائب عز الدين القسام الجناح العسكري تحذيرات في إشارة إلى تفاقم الأوضاع بالقطاع المحاصر بينما حذر في حينه نائب رئيس المكتب السياسي إسماعيل هنيه من نفاذ الصبر، وقال هنيه لا تسيئوا صبرنا ، الميناء حقنا ، المطار حقنا ، فتح المعابر حقنا ،

وتفرض إسرائيل حصارا على سكان غزه منذ نجاح حركة حماس بالانتخابات التشريعية في يناير كانون الثاني 2016 وشددته منتصف يونيو حزيران 2007

وبات الكثير من أسباب التهديدات معلوما للجميع خاصة أن إسرائيل لم تلتزم بغالبية بنود اتفاق وقف النار بعد آخر عدوان شنته على غزة، بل شددت حصار القطاع ومنع دخول الإسمنت لإعادة الأعمار ومحاصرتها في الماء والكهرباء وغيرها من مستلزمات الحياة .

وتزداد الأوضاع في غزه تعقيدا اثر تفاقم مؤشرات الفقر والبطالة وان الوضع في غزه ينذر بكارثة كبيره إذا استمرت حكومة الاحتلال الصهيوني في إجراءاتها العقابية ضد قطاع غزه والشعب الفلس طيني

تفاقم مشاكل القطاع يجب أن تنفجر في وجه إسرائيل وتحميلها للمسؤولية وعلى المجتمع الدولي تحمل مسؤوليته تجاه معاناة قطاع غزه ،

أمر محزن ومبكي أن يتم الاستخفاف بالعقل الفلسطيني ونعود إلى حيث ابتدأنا بهذا الردح وهذه الاتهامات بين حماس وفتح ونتناسى أننا تحت الاحتلال وأولوية صراعنا مع الاحتلال وان أي تحريف بأولوية الصراع مع المحتل هو تهرب من المسؤولية واستخفاف بالعقل الفلسطيني وان ما نشهده من اتهامات عبر مواقع التواصل الاجتماعي إعفاء للمحتل عن مسؤوليته وتبرير لجرائمه بحق شعبنا الفلسطيني

ويبقى السؤال هل كتب على شعبنا الفلسطيني أن يعيش دوامة الصراع مع نفسه وان يعيش الانقسام والصراع على النفوذ والاستحواذ سعيا إلى سلطه ونفوذ تحت حراب الاحتلال ، أليست هذه المواقف والتصريحات غبن يلحق بشعبنا الفلسطيني ويعطي المحتل ألفرصه لاستغلال الخلافات لتمرير مخططه ألتهويدي والاستيطاني مستغلا الوضعية الفلسطينية والانقسام

ويستحضرني في هذا المقال " نص المادة السادسة من قانون صك الانتداب البريطاني على فلسطين "

( يجب وضع البلاد تحت ازمه سياسيه واقتصادية واجتماعية وأخلاقيه خانقه لتكريس الوطن الاسرائيلي فوق فلسطين )

فهل كتب علينا الخلاف والانقسام لتمكين المحتل لتمرير مخططه التآمري

أن حقيقة ما وصلنا إليه من ثقافة وتعصب وتعنت يقودنا للضلال ويضعنا أمام موقف يجعلنا نخجل من أنفسنا في اتهام بعضنا بعضا وتوجيه أصابع الاتهام لبعضنا في محاصرة الشعب الفلسطيني وننسى أننا محاصرون من الاحتلال الذي يمسك بكل حياتنا ويحاصرنا بكل مقومات اقتصادنا وحياتنا اليومية ويبدوا أن البعض يجهل أن إسرائيل هي التي تهيمن على كل حياتنا وهي التي تحول دون حصولنا على حقوقنا وتمكينه من الاستقلال والاستقرار وبناء مقومات الاقتصاد الوطني الفلسطيني المستقل

تناسى البعض أو يتغافل أن قطاع الكهرباء والماء والاستيراد والتصدير وكل مقومات الحياة الفلسطينية تخضع للاحتلال وهيمنته

فهل من صحوة ضمير ويقظة تقود الجميع إلى الترفع أمام مسؤوليتهم وتصويب لأولوية الصراع مع الاحتلال ومواجهة التحديات ومشاريع الاحتلال التي تستهدف تهويد الأرض الفلسطينية والتنكر للحقوق الفلسطينية

إن الطريق لتحقيق ذلك واضحة المعالم هو توحيد الصف الفلسطيني وتوحيد الخطاب الفلسطيني والتوقف عن لغة الاتهامات والخروج من مأزق الانقسام والخلافات التي تقود للفتنه واحتدام الصراع الفلسطيني المدمر

وبموضوعية وبتحليل واقعي ومنهجي وعلمي فان تصريحات فوزي برهوم ومشير المصري لا تصب في الاتجاه الصحيح و تخطيء حماس في تحميل مسؤولية انقطاع الكهرباء ومحاصرة قطاع غزة لحكومة الوفاق الوطني الفلسطيني والرئيس محمود عباس لان الجميع يدرك أن غزه والضفة الغربية تخضع للاحتلال الإسرائيلي وان حكومة الاحتلال تحاصر قطاع غزة وتفرض إجراءات عقابيه ضد الفلسطينيين في الضفة الغربية

وان قطاع غزه يخضع في إدارته فعليا لحركة حماس ومع ذلك فان حكومة الوفاق الوطني الفلسطيني تحملت مسؤوليتها تجاه قطاع غزة وحمت المقاومة الفلسطينية في عدوان 2014 وأصدرت بيان اعتبرت فيه المقاومة حق مشروع للشعب الفلسطيني ولم تتخلى الحكومة عن التزاماتها تجاه غزه وإعادة أعمار ما دمرته إسرائيل في عدوانها على غزه .

إن موقف حكومة الوفاق الوطني الفلسطيني وقيادة منظمة التحرير الفلسطينية من عدوان إسرائيل على غزه 2014

شكل غطاء شرعي لشرعية المقاومة وسلاح المقاومة ، وان موقف الرئيس الفلسطيني محمود عباس شكل انعطافه تاريخيه في تاريخ الشعب الفلسطيني بعد أن فشلت المفاوضات في تحقيق أهداف الشعب الفلسطيني بالتحرر من الاحتلال الإسرائيلي ورفض الحكومة الاسرائيليه للانسحاب من كافة الأراضي الفلسطينية المحتلة

وقد شكل إمعان حكومة نتنياهو وإصرارها على تنفيذ مشروعها الاستيطاني وتهويد القدس ضمن سياسة إسرائيل التوسعية ،

وعد بيان قيادة منظمة التحرير الفلسطينية انعطافه تاريخيه في تاريخ الصراع مع إسرائيل برفض العدوان الإسرائيلي على شعبنا الفلسطيني في قطاع غزه ، وتبني مشروعية المقاومة في التصدي للعدوان الإسرائيلي على الشعب الفلسطيني في غزه ،

وتبني قيادة منظمة التحرير لكافة المطالب المحقة للشعب الفلسطيني ، وتمسك قيادة منظمة التحرير في المصالحة الوطنية وحكومة التوافق الوطنية الفلسطينية وفق المطالب للمقاومة الفلسطينية ،

وقد توج ذلك بالموقف الاستراتيجي الموحد للشعب الفلسطيني بتشكل الرئيس محمود عباس الوفد الفلسطيني الموحد لخوض المفاوضات مع الكيان الإسرائيلي استنادا للورقة الفلسطينية التي تم التوافق عليها من قبل المقاومة الفلسطينية وقيادة منظمة التحرير الفلسطينية ،

وهنا يبرز السؤال الأهم هل معضلة كهرباء غزه افتعال لازمه أم تصدير للازمه

فعودة العلاقات التركية الاسرائلية ارتبطت بحسب الإعلان عنها وتبريراتها بإقامة محطة كهرباء في غزه وفتح الميناء اليس كذلك وان حماس رحبت بالاتفاق التركي الإسرائيلي

وإذا توقفنا أمام معاناة غزه والشعب الفلسطيني فان المسؤولية تقع على عاتق الاحتلال وليس على عاتق حكومة الوفاق الوطني الفلسطيني التي تقوم بواجباتها تجاه غزه ونصف الموازنة الفلسطينية مخصصه لقطاع غزه دون تحويل أية موارد لخزينة الحكومة

وان توجيه الاتهام للرئيس محمود عباس وحكومة الوفاق الوطني الفلسطيني هو خطأ جسيم لان في هذا الاتهام إعفاء للاحتلال عن مسؤوليته بتوفير كل الاحتياجات للإقليم المحتل بموجب الاتفاقات الدولية التي تحكم العلاقة بين المحتل والإقليم المحتل وحددتها اتفاقية جنيف ولائحة لاهاي وكافة الاتفاقات الدولية تقر ذلك

كما أن محاولة الاستفراد بإدارة قطاع غزه والسياسات الخاطئة قد تكون زادت في حجم المعاناة بفعل انعكاسها على الشعب الفلسطيني والقضية الفلسطينية

أن الخروج من مأزق المعاناة التي يعاني منها قطاع غزه والشعب الفلسطيني هو بمعالجة كافة القضايا التي يعاني منه القطاع والضفة الغربية وهو إنهاء الانقسام وتحقيق الوحدة الوطنية وتمكين حكومة الوفاق لتحمل كامل مسؤوليتها واستعادة توحيد المؤسسات لكي يتسنى مواجهة الاحتلال ومخططاته بدلا من الاتهامات وتصدير ألازمه التي تزيد في تعميق الانقسام وتقدم خدمات مجانية للاحتلال ولمفتعلي الأزمة لتحقيق أهدافهم وغاياتهم وإدخال ألازمه لصراع إقليمي ومحاور لا تخدم القضية الفلسطينية ومواجهة مخططات الاحتلال ، ويدرك جميع الأطراف الفلسطينية من هو المستفيد الحقيقي من معاناة الشعب الفلسطيني ومن هو المستفيد من معضلة أزمة الكهرباء.

بقلم/ علي ابوحبله