على أثر مؤتمر باريس لحل لدولتين ونبذ العنف ورفض الإستيطان، وحماية الأمن الإسرائيلي، واعطاء الفرصة للفلسطينين بالحياة والسيادة على أرض 67 ، وضرورة عودة الطرفان للحوار والتفاوض لحل إشكالات عدم قبول السلام، وغيرها مما خرجت به مسودة المؤتمر، الذي خلا من حضور الطرفين، وعدم موافقة الإحتلال الإسرائيلي عليه، بل الإدعاء أن هذا المؤتمر يعيق السلام ،ويوقف تقدم عجلته نحو المفاوضات، فرغم أن إنعقاد مثل هذا المؤتمر خطوة جيدة من قبل التوجه الدولي نحو مناصرة القضية الفلسطينية والإعتراف بجزء من حقوقها، إلا أنه في محتواه لم يأتي بالجديد الذي كان من المفروض أن يتم تطبيقه منذ زمن بعيد، والإتفاقيات التي وقعت مع الكيان المحتل والجانب الفلسطيني لم تحترم ولم يطبق أغلب بنودها إلا الجانب الفلسطيني، فليس للكيان المحتل عهد يصدق ولا إرادة نحو السلام، وكل ما يرغب به هو أن يمتد ليأكل أراضي الضفة الغربية ، ويعزل قطاع غزة، بل كلما برزت فرصة دولية تساند قضية فلسطين، وتنبذ ممارسات الكيان المحتل، سارع الإحتلال الإسرائيلي في بذل المزيد من ممارسته نحو العدوان الغاشم على الأرض والإنسان .
ومن ضمن قرارات الشرعية الدولية وقوانينها التي صدرت بحق القضية الفلسطينية وحقوق الشعب الفلسطيني، تسطيع فلسطين أن تمارس الأن سيادتها على أرضها ، بأن تعتقل المستوطنين المتواجدين داخل الأرض التي اعترف بها كدولة لفلسطين بقرار 242 و 338، وأن تمنع تواجدهم في شوارعها وعلى طرقاتها، وأن تطالب العالم الدولي الأن أن يمارس صلاحيته وقوته القانونية في معاقبة الإحتلال الإسرائيلي على إحتلاله المتواجد في سيادة لا تتبع له، كما يحق لها أن تطالب بإخراج الأسرى من سجونهم، وأنهم مختطفين لديها بممارسة إرهابها على الشعب، وتستطيع قلع جذور الإستيطان من كل أرض فلسطينية زرع فيها منذ عام 67، وتستطيع أن تأخذ سيادتها على معابرها والتحكم في تجارتها وجوهها وهوائها وبحرها فق قطاع غزة ، وتستطيع أن تمارس صلاحية سيادتها في كل شيء داخل الأرض التي اعترف بها كدولة فلسطينية.
إن كان العالم الدولي يمتلك شجاعة وقوة في ممارسة صلاحياته، وفرض مبدأ الحق والمساواة بين الدول، من خلال منظماته الدولية وأهما الأمم المتحدة، فإن عليه أن يبادر للخطوات العملية التي تحرر الشعب الفلسطيني من هذه الإحتلال الغاشم، وتفرض عليه عقوبات صارمة، وتقاطعه بكل الجوانب السياسية والإقتصادية والثقافية وغيرها، وتلزمه بالتعويض عن خسائر الفلسطينين كلها، وتقف في وجه الفيتو الأمريكي ومن يسانده من دول أخرى، لتقول كلمة الحق، وتنطق بقانون الإنسانية بحق قضية الشعب الفلسطيني .
وإلا كان هذا العالم منافقاً لا يحاول إلا أن يظهر لنا إنسانيته وشرعية قوانينه التي لا يلتزم بها المحتل، أو أنها دول ومنظمات باتت ضعيفة قد فقدت قوتها وتأثيرها في السياسة الدولية والنظام العالمي، وأن الهيمنة الباقية عليها هي الإحتلال الإسرائيلي ومن يرعاه من دول تساندها كما هي أمريكا القادمة برئيسها الجديد وكما كانت دوماً .
على دول العالم ومنظاماتها أن تكون أكثر حزماً و صدقاً في ممارسة قوانينها وقراراتها، وإلا فرغت من مضمونها وبقيت على الأوراق تسطر في رفوف مكاتبها، لن يأتي زمان عليها تنصف بها حق الشعب الفلسطيني، وتخرجه مما أوقعه العالم الدولي به، وخاصة بريطانيا التي تحفظت عن التوقيع على مسودة المؤتمر في باريس، حفظاً لخط الرجعة مع رئاسة أمريكا القادمة، و ضمانا لاستمرار علاقاتها ومصالحها ، كما كانت بصمة التاريخ الذي صنع هذا الإحتلال وأوجدها في أرض لا يملكها .
بقلم/ آمال أبو خديجة