الأزمات التى يعانى منها قطاع غزة لا تعد ولا تحصى ، فالعلاقة الملتبسة بين الإحتلال الإسرائيلي و الحصار و الإنقسام الفلسطينى ، بحاجة إلى معجزة كونها اختلط فيها الإحتلال بحصاره مع عدم مقدرة البعض على استشراف مخطاطات الإحتلال الإسرائيلي .
و بادئ ذي بدء ، هل قطاع غزة تحت الإحتلال الإسرائيلي؟ أم أنه منطقة محررة ؟ .
و هنا بدأت ملامح الأزمة عندما أعتقد البعض ان إعادة انتشار و تموضع قوات الإحتلال الإسرائيلي فى عام 2005 ، كان انسحابا شاملا ، و لكن المخطط و الواقع يؤكد بأن قطاع غزة حتى تاريخه يرزخ تحت الإحتلال و الحصار الإسرائيلي الشامل ، و ذلك يعنى بأن إسرائيل كقوة احتلال ، تتحمل كامل المسؤولية عن القطاع ، و عليه :
يجب أن تقوم بتأمين كافة سبل الحياة للقطاع المحتل وفقا للقوانين الدولية ذات الصلة .
و على ضوء تفاقم أزمة الكهرباء فى القطاع، و محاولة العديد من الجهات اقتراح المبادرات و الحلول، و التى أرى و على الرغم من أهميتها ، و حسن نوايا المبادرين لها ، إلا أنها لا ترقى إلى المستوى المطلوب إنسانيا ، قبل أن يكون ذلك مطلب جهة منظمة او غير منظمة .
فالافراط فى الحديث عن ضريبة البلو ، هو فقط لذر الرماد فى العيون، فالاهم هنا كمية الطاقة التى يمكن لمحطة توليد الكهرباء في غزة ان تنتجها ، و هى فى حدها الأقصى 140 ميغا واط ، و اما الكهرباء القادمة من إسرائيل فهيا 120 ميغا واط ، و الكهرباء القادمة من مصر لا تتعدى 50 ميغا واط ، و بالتالي المجموع المتحصل من المصادر الثلاث لا يتعدى 310 ميغا واط في أفضل الأحوال .
و ذلك يعنى بأن نسبة العجز تساوى 50% من حاجة القطاع ، هذا اذا افترضنا أن نسبة الهدر فى شبكات التوزيع الكهربائية تساوى صفر ، و هذا مستحيل فى ظل شبكة التوزيع المتهالكة و التعديات الكثيرة عليها ، و ان المحطة تنتج بكامل طاقاتها و الواقع غير ذلك حيث تتعدى نسبة العجز بين المتوفر و الحاجة اليومية لأكثر من 60% .
و المطلوب هو العمل على توفير الكهرباء لسكان قطاع غزة و على مدار الساعة ، بدون إغراق المواطن بالتفاصيل .
و حيث اننا نتحدث جمعيا عن برنامج الاستقلال و الخلاص من الإحتلال الإسرائيلي فيجب العمل على فك ارتباط الإقتصاد الفلسطينى باقتصاد الإحتلال .
و عليه فمهمة الجهات الحكومية المختصة و الجميع هو :
اولا : تطوير قدرة شركة الكهرباء في غزة وفقا للعقد الموقع معها حيث انها يجب ان تصل قدرتها فى نهاية العشرين عام اى فى عام 2020 الى 560 ميغا واط ، و هى بالتالى تغطى مع الخطوط المصرية حاجة القطاع من الكهرباء ، و رفع قدرتها بما يتناسب مع حاجة القطاع .
ثانيا : فى حالة العجز عن تطوير محطة توليد الكهرباء في غزة ، البحث فى إنشاء محطة توليد تعمل بالغار الطبيعى و تكون فى الضفة الغربية او مصر او الأردن و تكون كشركة تتبع القطاع الخاص و بذلك يفتح المجال أمام التنافس الحر .
ثالثا : العمل على إستغلال الطاقة الشمسية فى إنتاج الكهرباء و منح الشركات المحلية القادرة على ذلك على دخول سوق إنتاج الكهرباء و تقديم كافة التسهيلات له .ا
رابعا : تشجيع و تقديم كافة التسهيلات للمواطنين لإنتاج الكهرباء من المصادر الطبيعية كالشمس و الرياح، فى منازلهم و أماكن عملهم و ربطها بالشبكة المحلية للكهرباء .
. خامسا : رفع مستوى التحصيل من كافة الجهات باعتبار أن الكهرباء هى سلعة ليست بالمجان
سادسا : تحديد العوائل و الأفراد العاطلين عن العمل و الغير قادرين على الدفع، و ان تتولى الجهات المختصة من وزارة عمل و شؤون إجتماعية الدفع عنهم وفقا لنظم تحددها تلك الجهات .
سابعا :إخضاع كافة الأطراف من منتجين للكهرباء و شركات التوزيع للجهات الرقابية و لمكاتب محاسبة مستقلة ، تدقق فى كافة أعمالها و تقاريرها المالية و الإدارية .
الحل يجب أن يكون جذريا و ليس الانتقال من برنامج الثمانى ساعات الى برنامج اقل او اكثر ،
جداول العذاب فى القطاع و التى لم تنتج الا الموت حرقا بالشموع او بغيرها و التى أثقلت كاهل المواطنين ، و أصبحت فاتورة الكهرباء تعادل ثلث دخل المواطن ، و دمرت قطاعات الإنتاج الصناعى ، و اراقت حياة عشرات الآلاف من الاسر ، لا يمكن أن تكون هى الحل .
: بقلم جمال ربيع ابو نحل